في العام 2018 كتبت لهذه الصحيفة “راي اليوم”، أن على السعودية حتما أن تختار حليفا واحدا في اليمن مع فوات فرصة القدرة على ذلك وسط معسكرات “ملونة” سياسيا وفكريا وجهويا، على أنه كان اتجاها إجباريا للخروج من الأزمة مع شريكتها في التحالف (الإمارات).
لقد ساد اعتقاد لدى قيادة التحالف العسكريين وخصوصا السعودية أن استراتيجية “تجميع” مقاتلين وحشدهم للجبهات وعسكرة المحافظات اليمنية الجنوبية سيعطي للمعركة زخما كبيرا لهزيمة صنعاء، لكن ما كان يحدث هو العكس، كل طرف أو معسكر يحمل السلاح، كان يحمل معه طموحاً سياسياً وعسكرياً بالضرورة على حساب شريك آخر ضمن مجموعة التحالف، فالذي يرفع “راية الانفصال” يرى في الآخرين الذين لا يزالون يرفعون “أعلام الوحدة” خصوماً، وهو ما برز منذ وقت مبكر، بين الانتقالي (فصيل يطالب بالانفصال ومدعوم من الإمارات) والإصلاح (إخوان اليمن) حلفاء هادي (عزل هذا الأخير لاحقا واستبدلته السعودية بالعليمي على رأس مجلس مكون من 8 شخصيات)، ومنذ 2017 تحولت الخصومة القديمة الحديثة إلى نزاع عسكري تواصل فيما بعد وأدى إلى تغيرات كثيرة من بينها، سيطرة الانتقالي على عدن ولحج والضالع وجزء كبير من أبين (وسط وجنوب اليمن).
هذه التجربة مريرة بالنسبة للتحالف الذي تقوده السعودية، مع ذلك وبدلا من تقليل عدد المكونات العسكرية، ذهبت الرياض نحو الاعتماد على تشكيلة جديدة ـ سلفية قاعدية، على حساب طرفين قويين، إلى حد ما.
لقد أدى ذلك إلى مزيد من الصراع وانحسار الثقة بالسعودية، بالنسبة لأولئك الذين سمتهم الرياض – في وقت سابق من عام 2015 – ” بالجيش الوطني ” بينما عززت الإمارات نفوذها داخل صفوف الانتقالي وعزله عن السعودية عبر هيكلته بناء على الولاء لها مقابل إطلاقه انفصاليا، ومن تابع تلك التراتبية في الأحداث والاصطفافات وحتى القتال الداخلي، كان سيدرك تعقيداً جديداً أمام التحالف في ما يتعلق بعدم إمكانية الدفع باتجاه تجانس التشكيلات العسكرية المتعددة، ولاحقا بدت السعودية دون حلفاء واضطرت أن تفتح طاولة مفاوضات ( إماراتية سعودية )، أنتجت اتفاق الرياض 2019، منح الانتقالي نصف ” السلطات ” الصورية دون أن يتنازل عمليا ونظريا عن ” مشروع ” الانفصال، فهو شريك وخصم للشريك الآخر في ذات الوقت .
ومرة أخرى وبعد 4 سنوات من اتفاق الرياض الذي كان يفترض أن يؤدي إلى دمج القوات العسكرية والأمنية تحت معسكر واحد، قررت السعودية مؤخرا أن تشكل مكونا سلفيا آخر لمواجهة الانتقالي في عدن وحماية بقاء العليمي !.
عمليا السعودية فتحت حربا جديدة تشبه إلى حد كبير تلك التي كانت في 2017-2019م بين الانتقالي والإخوان المسلمين وحلفاء هادي، والنتيجة التي تتركب الآن، أن صعوبات كبيرة تقف في طريق بقاء العليمي المحسوب على السعودية في عدن، لاحقا سيطيح هذا الصراع بالمجلس الذي شكلته الرياض بديلا لهادي على الأرجح، إن لم يحصل ذلك فلن تنجو من سيناريو الصراع الطويل وعدم الاستقرار ومزيد من التفكك والانقسام في معسكر التحالف .