بمتابعة حثيثة من الرئيس المشاط.. حلول عاجلة وخطط استراتيجية تتجاوز معوقات الحصار
كهرباء للفقراء مجاناً.. الفرحة عمت أحياء الحديدة
الثورة /
تحت رحمةِ الحر الشديد وانقطاع الكهرباء يعيش أهالي تهامة صيفهم في أوضاعٍ لا تُطاق، يقول أحدهم من داخل (عشّهِ) وهو منزل من القش الذي يأوي إليه وأسرته: “هذه ليست حياة التي نكابدها يومياً، الأحرى أن تقولوا إننا كل يوم نموت عشر مرّات، والأسوأ أن أحداً لا يكترث لوضعنا، حتى يَئسنا من أي مناشدات نوجهها سواء لجهات رسمية أو للمنظمات»..
على طول الطريق العام في مدينة الحديدة ينتشر المئات من سكان المدينة وأهاليها في ظلال المباني وتحت فيء الأشجار، جميعهم هاربون من الحر الشديد داخل بيوتهم المنقطعة عنها الكهرباء، بينما يلجأون ليلاً إلى الساحل وتخصص للعوائل خيام يبتن داخلها، بينما يتوزع الرجال خارج هذه الخيام، يبدو المشهد كما لو أن كارثةً حلت بالمدينة، والحقيقة أن صيف الحديدة بلا كهرباء ضرب من العذاب النازل بأهلها حيث تصل درجة الحرارة إلى الأربعين وتزيد.
داخل المنازل
تتجه الكثير من العوائل اليمنية لقضاء الإجازة الصيفية في الحديدة ضمن حركة السياحة الداخلية، وتمتلئ الفنادق بالزائرين، وتصل إلى ذروة زحمتها حداً يصعب على الكثير الحصول على جناح أو غرفة، حتى في أقل الفنادق جودة وخدمة، حيث الحياة بعيداً عن وسائل التكييف صعبة للغاية ولا تُطاق، وهو ما دفعنا للطلب من أحد السكان البقاء في منزله لساعاتٍ من النهار، لتلمّس الحال عن كثب، اصطحبنا محمد إلى إحدى غرف منزله قبل الظهيرة، ولعله كان أكثر صبراً منا لكنّا لم نتحمل البقاء أكثر من ساعة لنهرع سريعاً خارج المنزل حيث يفضل السكان قضاء يومهم، يقول محمد إن منطقته بلا كهرباء حكومية منذ سنوات ويضيف إن الكهرباء الخاصة باهظة الثمن ويعجز هو ومعظم جيرانه عن دفع تكاليف اشتراكاتها الشهرية، ويضطرون لقضاء معظم ساعات يومهم خارج المنزل وفي أحسن الأحوال على الأسطح ليلا مع بقية أفراد الأسرة.
ظلت مشاكلُ الكهرباء في تهامة لسنوات بلا حلول حقيقية فاعلة، فالمدينة عانت الكثير من الإهمال في كافة المجالات في ظل الحكومات السابقة وعلى مدى عقود، وكانت الكهرباء الوجه «الصيفي» الأسوأ لمأساة سكان تهامة، ومن المؤكّد أن تراكماتِ الأخطاء والفساد الإداري الذي نهش مؤسسات الدولة كان أعظم سبب للأزمة في وجوهها المتعددة، وحال دون تأسيس بنية خدمات قوية وقادرة على التخفيف عن المواطنين في مثل هكذا ظروفـ، أزمة الكهرباء المتكررة واحدة من أبرز مظاهرها، اليوم تعود الأزمة إلى الواجهة من جديد وقد تفاقمت لا شك بظروف الحرب والحصار القائم على اليمن، سيما مع الأزمات المتكرّرة للوقود التي أبرز مظاهرها طوابير المواطنين أمام محطات الوقود في كل المحافظات.
بيوت شردها الحر
يروي لنا سامي – من سكان الحديدة – معاناتهِ وجيرانه جراء انقطاع الكهرباء، يقول: إن الحر تسبب بأمراض كثيرة من بينها أمراض جلدية تنتشر بين صغار السن والنساء بشكل كبير، مشيراً إلى أن عشرات الأسر في الحي تعاني بشدة من أمراض مختلفة تعجز عن معالجتها ما يتسبب بمضاعفات خطيرة.
أمٌ لأربعِ بنات تسكن في بيت متواضع بالإيجار تقول إنهم بالكاد يدفعون إيجار السكن شهرياً، ومن الصعب عليهم الاشتراك بالكهرباء التجارية الخاصة، تصف معاناتهم اليومية بأنهم يضطرون عند الليل للمبيت في سطح السكن لكن الأمر ينطوي على مخاطر.
على سبيل الحلول العاجلة، وجه الرئيس المشاط مطلع صيف العام 2021م بوضع حلول عاجلة تستهدف الأسر الأشد فقراً وتضع حدّاً لمعاناتهم، من فوره شرع صندوق تنمية الحديدة بمسح ميداني استهدف ابتداءً في أولى مراحله مديريات الميناء، الحوك والحالي، ووفقاً لجدول مهام اللجان الميدانية يتم النزول إلى المواقع وفقاً للتقسيم الإداري بشكل تنازلي، وعليه يتم جمع المعلومات عبر استمارة بيانات موضوعة بدقة وبطريقة مؤتمتة وفق خارطة إلكترونية للمنطقة الممسوحة ، ومن ثم الرفع بالتقارير اليومية المنجزة إلى غرفة العمليات التي تشرف على اللجان مباشرةً وتقوم بالتنسيق لهم مع الجهات الأخرى ذات الصلة، وقد أسفرت المرحلة الأولى للمسح الميداني عن توفير بيانات لعدد 54 أسرة تم الوصول إليها في المديريات المستهدفة الثلاث.
نوراً وسلاماً على بيوت الفقراء
في غضون أيام قليلة بعد عمليات المسح الميداني تم ربط بيوت ومساكن الفقراء بالكهرباء، يقول أحد المستفيدين معبّراً عن تفاجئه من الخدمة: لم نكن نتوقع أن يتحقق في المشروع، نحن اعتدنا على تسجيل أسمائنا لمجرّد التسجيل من قبل جهات عدة تأتي لتدوّن أسماءنا وتذهب، دون أن يصدقوا في أي من وعودهم، وهكذا كل مرة قد كنا يائسين».
لم تكن مجرّد كهرباء وصلت تلك البيوت المستضعفة بقدر ما هي سبب لفرحة ساكنيها، أذهبت عنهم غم الحر الشديد ومعاناته الموسمية، ولعل ما ميّز المشروع وأكسبه القبول الواسع والترحيب من قبل الأهالي المستفيدين هو الخدمة المجانية، فصندوق دعم وتنمية الحديدة تكفّل بدفع رسوم الخدمة بالكامل بدءاً من الاشتراك ورسوم التوصيل وحتى الفواتير الشهرية، ووفقاً للمسؤولين فإن كلفة المشروع في مرحلته الأولى بلغت 420 مليون ريال الذي يغطي 5500 مسكنا.
مشاريع واعدة بحلول جذرية
وضع المشروع حلاً مستعجلاً كما ذكرنا في البداية، لكن الأهم هو التوجيه من قبل السلطات العليا للبدء في وضع حلول استراتيجية كبرى للمشكلة تقفز على عوائق الحصار والعدوان وتضع حدّاً للأزمة بموازاة تحديث وتطوير شبكة الكهرباء لمدينة الحديدة بكافة مديرياتها الشمالية والجنوبية، ووفقاً للمسؤولين فإن أحد الحلول الموضوعة والتي يجري تنفيذها حالياً هي مزارع منظومات الطاقة الشمسية، وإحداها مزرعة عملاقة يجري العمل عليها في بيئة مناسبة داخل إحدى المديريات الشمالية ، ومن المتوقع أن تغطي المزرعة كامل مديريات الحديدة مع سلسلة أفكار هندسية قابلة للتطوير وتوسعة المشروع واستنساخه.