فلسطين وحال الأمة قُطْرِياً وقومياً ” 9 “

طه العامري

ذات يوم وفي إحدى اللقاءات العربية الطارئة التي جمعت عدداً من القادة العرب تحدث الرئيس الراحل حافظ الأسد عن الوضع العربي وأهمية الاستعداد لمواجهة الكيان الصهيوني والانتصار للحقوق العربية في فلسطين وضرورة توحيد المواقف العربية، فرد عليه الملك فهد بقوله : يا فخامة الرئيس أي حرب قد  تقوم مع ( إسرائيل) ستعيدنا للخلف مائة عام..؟!
فرد عليه الرئيس الأسد بقوله: (وهذا هو المطلوب، فقبل مائة عام لم يكن هنا كيان اسمه ( إسرائيل) مزروع في قلب الأمة فلسطين )..؟!
كان النظام السعودي ولا يزال  ينزعج  من أي طرح عربي يتحدث عن احتمالية حرب مع( الصهاينة) ، ويقف دائما ضد مثل هذه الأطروحات، بزعم أن (السعودية) تؤمن بالسلام والحوار والمفاوضات وحل القضايا بالطرق الودية والالتزام بالقرارات الدولية..؟!
في المقابل كان ولا يزال هذا النظام أكثر تحمساً في قرع (طبول الحرب) والتعصب حد التطرف في التعاطي مع الكثير من القضايا التي لا يكون الكيان الصهيوني طرفاً فيها..!
على سبيل المثال لا الحصر، وانطلاقا مما سلف دعونا نقف ونتأمل في مواقف ( نظام آل سعود) من القضية الأفغانية، وكم دفع للعمليات الجهادية في أفغانستان؟ ثم في حرب (الشيشان) ضد روسيا الاتحادية، وفي مؤامرة تمزيق وتقسيم جمهورية يوغسلافيا، فيما عرف بقضية (البوسنة والهرسك)، و قبل كل هؤلاء، كم دفع لمحاربة الثورة اليمنية من عام 62 م وحتى اليوم؟ بما فيها تكاليف الحروب والمؤامرات التي أشعلها بين( شطري اليمن) سابقا، والتي استمرت لمرحلة ما بعد الوحدة، وهناك تكاليف إسقاط وحدة مصر وسوريا، وتكاليف (عدوان يونيو حزيران 67 الذي قام به الكيان الصهيوني ضد الأمة العربية) ومع كل هذا تكاليف تصفية الثورة الفلسطينية وإخراجها من الأردن _أولاً _ ومن لبنان _ثانياً _ وصولاً لحجم ما أنفقه كثمن مؤامراته على شعب نجد والحجاز والشرقية؟ ناهيكم عن حجم التكاليف التي أنفقتها ( للعمليات الأمريكية القذرة» في نيكارجوا، ودول أمريكا اللاتينية، ودول في أفريقيا وآسيا وداخل الوطن العربي؟
بالمقابل، نتساءل عن حجم المبالغ التي قدمها هذا النظام للثورة العربية في فلسطين وللشعب العربي في فلسطين، التي آن حدث وقدمها فهو يربطها غالبا بشروط تعجيزية ومطالب غير منطقية وهو ما دفع القيادات الفلسطينية إلى التغاضي عن مطالبة نظام آل سعود بتقديم الدعم لقضيتهم تاركين الأمر لرغبات الرياض خشية أن تطالبهم مقابل دعمها ما يفوق قدرتهم على تنفيذه..
بل إن  هذا النظام المتصهين  دفع ( 40 مليون دولار بسعر الثمانينيات) مقابل اختطاف أشهر معارض له من بيروت، هو المناضل العربي  (ناصر السعيد)، الذي عُذّب على يد فهد بن عبد العزيز وآخرها قيام المقبور فهد وزير داخلية ال سعود بحمل الشهيد ناصر السعيد على متن طائرة ومن على ارتفاع عشرة ألف قدم تم إلقاء الشهيد ناصر السعيد إلى الأرض ليلقي حتفه في أبشع عملية إعدام لم يسبق ارتكابها من قبل كل طغاة الأرض باستثناء نظام آل سعود..؟!
أن مسلسل الجرائم التي ارتكبها نظام آل سعود بحق فلسطين وقضيتها وبحق الأمة ومصالحها تفوق وتتجاوز تلك الجرائم التي ارتكبها الصهاينة والاستعمار بحق الأمة وبحق فلسطين وشعبها.. لا نقول هذا جزافاً ولا مجرد  مكايدة، بل تلكم هي الحقيقة التي يجب التأمل فيها والتمعن في تداعياتها لكل من يريد معرفة الوظيفة  العضوية التي يؤديها النظام السعودي لخدمة الصهاينة والاستعمار والتآمر على الأمة وقضاياها ومصالحها، بل تآمره على الهوية العربية وعلى الإسلام عقيدة وشريعة وقيماً وثقافة وأخلاقيات.. نعم، حتى الدين وقيمه، عمل نظام آل سعود على تشويههما ونسف ثوابتهما لخدمة أعداء الأمة ولم آتي بهذا من عندي بل كما جاء في لقاء أجرته إحدى الصحف الغربية مع المدعو (محمد بن سلمان) الذي قال (أن الوهابية مشروع تبنيناه بأمر من أمريكا)..؟!
هكذا وبأوامر من امريكا يواصل نظام آل سعود تأدية أدواره وبما يحقق أهداف ومصالح الاستعمار والصهيونية..!!
هذا النظام وبعد أن أوغل في سياسة التحريض على الوجود العربي الفلسطيني في لبنان بعد أن نجح في ذلك في الأردن وخطط لمجزرة أيلول الأسود عام 1970م التي تمكن الزعيم الراحل جمال عبد الناصر من احتواء تداعياتها وإنهاء تلك الكارثة، كما نجح في إخراج الثورة الفلسطينية إلى لبنان، غير أن رحيل عبد الناصر دفع بنظام آل سعود لتكرار تحريضه على الثورة في لبنان لتتفجر أولاً الحرب الأهلية اللبنانية، التي مهدت لتيار المارونية السياسية الطريق نحو الاستعانة بالكيان الصهيوني ليأتي الغزو الصهيوني للبنان عام 1982م..؟! ذلك الغزو الوحشي الذي تجاوز كل القوانين الدولية والأعراف الإنسانية، ومع ذلك لم يحرك ساكنا في ذاكرة آل سعود،..؟! إذاً، ماذا قدم النظام السعودي للأمة والقضية؟ قدم مبادرة الذل والعار الذي كتبها الصحفي الأمريكي الصهيوني  (توماس فريدمان) وقدمت للقمة العربية في المغرب عام 1982م باسم (مبادرة الأمير عبد الله ) التي رفضها العرب ورفضها الأشقاء في فلسطين، غير أن نظام آل سعود ظل متمسكاً بها ويضغط ويساوم كل العرب على قبولها حتى العام 2002م، حين اضطر العرب لقبولها تحت وقع حاجتهم لمساعدة ومكارم آل سعود، ومن ثم تم إجبار الأشقاء الفلسطينيين على قبول تلك المبادرة التي أطلق عليها (المبادرة العربية للسلام).
وقد أُجبر الأشقاء في فلسطين على قبولها في لحظة كان فيها الرئيس الشهيد ياسر عرفات محاصراً في مقر المقاطعة برام الله من قبل دبابات الإرهابي (شارون).؟!
ليرفضها الصهاينة بدورهم، بعد أن كان نظام الخيبة في نجد والحجاز يرى أنه قدم بموجبها خدمة كبيرة لأسياده ..؟!
يتبع،،

قد يعجبك ايضا