المدير التنفيذي لمؤسسة بنيان التنموية المهندس محمد المداني: بعض التجار يزوِّدون الصيادين بشباك صيد إسرائيلية تعمل على تجريف الثروة السمكية وتدمير البيئة البحرية

 

الثورة / يحيى الربيعي
على هامش اختتام وزارة الثروة السمكية بالتعاون مع مؤسسة بنيان التنموية وأكاديمية بنيان للتدريب والتأهيل دورة تدريبية لعدد 40 مشاركاً من موظفي الوزارة وعدد من الصيادين والعاملين بالقطاع السمكي، الذين اكتسبوا فيها مهارات وخبرات حول دراسة الجدوى الاقتصادية وبرمجة المشاريع والمتابعة والتقييم وصيانة المحركات وتمليح وتجفيف الأسماك وتدخين الأسماك والصناعات الغذائية.
ألقى المدير التنفيذي لمؤسسة بنيان التنموية المهندس محمد حسن المداني، كلمة ارشادية خاطب فيها المشاركين قائلا: “أنتم قادة ميدان هذه الثروة، والمعول عليكم هو رسم السياسات المستقبلية في مجال الثروة السمكية، وسن قوانينها وحمايتها”.
وأوضح أن القائد المجتمعي الناجح، هو ذلك الذي يعمل على تحفيز الطاقات الكامنة في أوساط محيطه، وهو من يرسم الاستراتيجيات والسياسات العامة ويضعها للعمل بموجبها ويحميها من المخالفة.
مشيرا إلى أن هناك على سبيل المثال من يريد أن يزيح الصيادين من سلسلة السوق السمكي، مؤكدا أن مهمة القائد بموجب سياسات الثورة التنموية هو أن يحمي هذه الفئة كنواة للاقتصاد المجتمعي، والعمل على تنميتها بما يمكنها من تحقيق إنتاج يخفض من فاتورة الاستيراد.
وقال ” قد يأتي تاجر يبدي استعداده لاستيراد إمكانات أو منتجات من الخارج بأسعار رخيصة وجاهزة لا تحتاج إلى من يصيدها أو يجهزها أو يعلبها، ويكفل للحكومة أن تحقق دخلا ضريبيا كبيرا، ويقدم ضمانات بأن تعود فكرته بأرباح كبيرة على المستوردين وتجار الجملة والتجزئة، ويضمن للمستهلك الحصول على منتج بجودة عالية، أو يأتي آخر يريد أن يزوَّد الصيادين بشباك صيد اسرائيلية أو أي مدخلات صيد مؤذية للأسماك والأحياء البحرية وتحقق صيدا كبيرا، ولكن على حساب جرف الثروة السمكية وتدمير البيئة البحرية.
متسائلا: ما هو دورك هنا كقائد؟ هل ستهتم بزيادة دخل الحكومة من الضرائب، وتحقيق الأرباح للتجار وإيصال الأسماك المستوردة الرخيصة؟ أم ستقبل بعرض الشباك الاسرائيلية التي ستحقق ولزمن مؤقت أرباحا هائلة على حساب تعطيل استدامة حركة الاصطياد والتسويق للثروة السمكية المحلية، ومن ثم مستقبل الحركة الصناعية للبلد؟

ولفت إلى أن المرحلة هي مرحلة الانتقال من عقلية “الأجير” الذي لا يهمه سوى مصاريف يومه، ولا يهتم أن يكون ذلك على حساب تحويل الأمة إلى مجاميع مترهلة لديها الاستعداد للتنازل عن حقها في العيش الكريم، إلى عقلية القائد الذي يفكر في صناعة أمة واعية تعتز بأصالة قيمها وقادرة على استثمار وإدارة مواردها الطبيعية في خلق قوة اقتصادية منافسة للاقتصادات العالمية من حولها.
وأردف “وكي تحقق المرحلة الغاية التي نسعى إليها، لابد عليك أنت كقائد ألا يتوقف تفكيرك عند حد الحصول على الراتب آخر الشهر، ولا في الحوافز ولا في أي شيء من هذا القبيل، لأن هذه مسلمات وأرزاق مكتوبة، ولن يأخذ أحد نصيب غيره على الاطلاق”.
مضيفا “التغيير سنَّة إلهية، لكن “الله لا يغيَّر ما بقوم حتى يغيَّروا ما بأنفسهم”، مشددا على أن المؤمل من مخرجات هذه الندوة أن تزرع إرادة التغيير في نفوس من حضروها واستمعوا لما قدم فيها من دروس أوضحت كيف يجب أن ننطلق في الميدان لتوطين مبادئ التنمية على هدى الله والمشاركة المجتمعية الواسعة في أوساط المجتمعات المحلية، وكيف نتعامل مع سياسات الثورة التنموية من أجل خفض فاتورة الاستيراد، وإنشاء وتنمية الاقتصاد المجتمعي، والمضي في مسارات تغرس في حلقات سلاسل القيمة رؤى واستراتيجيات تسويقية منصفة ومحققة للتطور والنمو، وهذا لن يتحقق ما لم يكن هناك تفكير بعقلية القائد، وهي العقلية التي لابد أن تسود في نفسية الحارس في البوابة إلى الوزير مرورا بكل الكوادر داخل الوزارة.
وشدد على أن من سمات رجل التنمية أن يكون رجل مهام شاملة، بحيث أنك وأنت تعمل في محور ما، لا بد أن يكون لديك إلمام بكل تفاصيل المشروع أو القضية وإن كانت في الواقع تعمل في جزئية واحدة منها، لماذا؟ لأن منهجية العمل الجماعي تحتم على كوادرها ضرورة الإلمام والقدرة على التعامل مع كل ما قد يعترض فكرة المشروع أو الحل من معوقات بمعرفة.. ولا يعني هذا أن الواحد يقوم العمل بمفرده وإنما يكون العمل بشكل تكاملي مفعم بروح المساندة”.
وأضاف: “في معركة صناعة المتغيرات بمعدلات كبيرة، لا يثبت في الثغور إلا الأكفأ والأصلح، ومعيار الكفاءة والصلاحية يعتمد هنا على مدى التكامل من أجل صناعة التغيرات”، مبينا أن الدورة مثلت دليلا مرشدا لكيفية خلق هذه المسار التكاملي من أجل التعامل مع المتغيرات من خلال التخطيط الاستراتيجي، حيث يتميز المنهج عن غيره بأنه يربط بين حلقات سلسلة القيمة بما تتبعه من متابعة وتقييم وتحقيق الأهداف خطوة خطوة.
ونوه بأن الدورة ركزت على اكساب المشاركين مهارات الربط بين حلقات سلسلة القيمة بشكل جيد ومتكامل وتعويده على سلوك محدد في تصميم وتنفيذ الخطط الاستراتيجية بشكل عملي يرتبك بواقع المشروع الغاية ومتطلبات التكامل بين مسار مميز لسد الفجوات المحتمل وقوعها ما بين حلقات سلسلة قيمة استراتيجية التخطيط بالمشاركة التكاملية، ويقضي على اشكالية التخطيط من برج عاجي، ذلك أن التخطيط من الواقع يساعدك على تحليل وإيجاد حلول لجميع المشكلات مهما كانت صغيرة أو تافهة وتجاوز ما قد يكون السبب في حصول الفشل”.
واختتم “من هنا ندرك أن عملية التمكين الحقيقية تبدأ من تغيير طريقة التفكير من حال المنبهر المروَّج لما لدى الغير من نجاحات إلى حال الميسر الذي يفطن إلى نقاط القوة في محيطه، فيعمل على تنميتها وحسن توظيفها ورفع قدرات ومهارات الناس، بما يمكنهم من صناعة أحلامهم من متاح ما يملكون من مواردهم المحلية، فقط يجب أن يدرك الجميع أهمية النهج التشاركي، وبالتالي يجب أن يتاح له ما يكفي من المهارات لتعزيز مستوى المشاركة”.

قد يعجبك ايضا