فلسطين وحال الأمة قطْرِياً وقومياً

طه العامري

 

 

في 14 فبراير عام 1945م التقى مؤسس نظام آل سعود عبد العزيز مع الرئيس الأمريكي روزفلت العائد من (مالطا) بعد أن وقع فيها اتفاقية تقاسم خارطة العالم وبدء مرحلة جديدة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وهي مرحلة الاستعمار الجديد المتمثل بسياسة الاحتوي الذاتي والسيطرة على إرادة الشعوب عن بعد وتطويعها بطرق بعيدة عن الاحتلال العسكري المباشر..
في ذلك اللقاء كانت بريطانيا تنقل بعض أملاكها لوريثتها الجديدة أمريكا، فيما كبير آل سعود أقسم يمين الولاء والارتهان للراعي الجديد..
لتبدأ رحلة العمالة المقدسة بينهما والتي عملت على تدنيس كل ما هو مقدس في معتقدات الأمة وقيمها وأخلاقياتها الثقافية والحضارية، وكانت فلسطين هي القضية في هذه العلاقة المشبوهة التي تضمنت حماية عروش العمالة مقابل التخلي عن فلسطين وضرب الوعي الجمعي العربي والإسلامي، عبر خطاب ثقافي تم تكريس مفرداته، عمل على تشويه القيم الإسلامية والتنكر للهوية القومية واعتبار وحدة الأمة مؤامرة الغاية منها سيطرة فقراء العرب على ثروات المحميات الخليجية..؟!
ومع حلول العام 1948م أثمرت مؤامرات أنظمة الارتهان في مصر والرياض بإعلان قيام الكيان الصهيوني وأيضا إعلان استقلال باكستان برعاية آل سعود وفاروق مصر، كانت مؤامرة الأمم المتحدة قد تبلورت بتقسيم فلسطين بين العرب والصهاينة واشترطت المنظومة الأممية على الصهاينة الاعتراف بقرار التقسيم مقابل أن تعترف بهم المنظومة الأممية، وفعلا اعترف الصهاينة بالقرار لمدة 24 ساعة فقط، وهي الفترة التي استغرقتها المنظومة الدولية للاعتراف بهذا الكيان ثم ضرب الصهاينة بالقرار الأممي عرض الحائط وحتى اليوم..؟!
في ذات العام اندلعت حربا بين الهند والباكستان  في شبه القارة الهندية، وبين العرب والصهاينة في فلسطين، فسخّرت أنظمة الارتهان العربية علاقتها في سبيل انتصار  باكستان على الهند، وتجاهلوا ما يحدث في فلسطين..؟!
فحلّت الهزيمة بالعرب برعاية بريطانية وبتواطؤ أنظمة العمالة التي صنعتها بريطانيا ورعتها لاحقا أمريكا وفي المقدمة كان نظام آل سعود وبعده نظام فاروق في مصر.. وكانت تلك الهزيمة وراء إشعال فكرة التغير القومي الذي بدأ من مصر بقيادة الرئيس جمال عبد الناصر، فيما كانت المشاعر القومية قد أدت لميلاد حزب البعث العربي الاشتراكي في 7 نيسان عام 1947 م الذي استبق ميلاد الكيان الصهيوني وحذّر من مؤامرة تحاك ضد العرب.. ولكن..؟!
عام 1952م انبثق فجر الوعي القومي العربي ببزوغ شمس ثورة 23 يوليو بقيادة الزعيم جمال عبد الناصر، تلك الثورة التي أرسلت أشعة الحرية لتنير سماء الوطن العربي وأفريقيا وصولاً لآسيا، فكانت بمثابة الحدث الذي زلزل عروش الاستعمار والرجعية وحلفائهم، ولم ينتظر نظام آل سعود طويلاً حتى بدأ يشحذ حرابه تجاه تلك الثورة ونظامها ورموزها وأتباعها وفكرها القومي التحرري الذي وجدت فيه خطراً محدقاً يهدد وجودها ودورها العضوي، خاصة بعد اصطدام نظام ثورة يوليو بالمحاور الاستعمارية وخاصة مع بريطانيا وفرنسا وأمريكا، وكانت قضية فلسطين والكيان الصهيوني والتحولات الاجتماعية والحضارية والتطلع نحو التقدم والتطور للأمة عوامل أساسية في حدوث ذلك الصدام الذي حدث بين الثورة العربية والمحاور الاستعمارية وأدواتها في المنطقة من رموز القوى الرجعية وقوى القطاع والعمالة والارتهان..!!
يتبع،،،

قد يعجبك ايضا