بادئ ذي بدئ فإنني ومن باب العدل والانصاف وإيماناً منِّي بما ورد عن نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الشريف “كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته…إلخ”، قرَّرت أن أسخِّر قلمي اليوم لنقد الذات والذات الأخرى، مستهلاً بنقد الذات أولاً وذلك من منطلق كوني كرب أسرة مكوَّنة من 7 أفراد مسؤولاً مسؤولية كاملة أمام الله رب العالمين عن توفير، لا أقول الأشياء المندرجة ضمن الكماليات التي يحرص الآخرون على توفيرها لأفراد أسرهم من وسائل ترفيه وفيلا متطورة وملبس راقٍ ومأكل ترفي مما لذ وطاب وما تشتهيه الأنفس، وإنما أقصد هنا توفير المتطلبات الأساسية والضرورية من مأكل ومشرب وملبس متواضع جدّاً بما يضمن لهم البقاء على قيد الحياة، وبما يضمن لبناتي وأبنائي الخمسة الحصول على بيئة تعليمية مناسبة ولا أقصد هنا -أيضاً- تعليماً ترفيهياً راقياً في المدارس الأهلية مع ضمان دفع فواتير المواصلات من وإلى بابي المنزل والمدرسة يومياً + 1000 ريال يومياً لكل واحد منهم حق صبوح وجعالة المدرسة، وإنما أقصد بتعليم مناسب في المدرسة الحكومية القريبة من حارتنا التي ظلوا ولا يزالون يدرسون فيها جميعهم سنةً بعد أخرى، ولكن بشرط ألا يظل مدير ووكلاء المدرسة والمعلمون فيها يتعمَّدون إخراج الطلاب الذين لم يدفعوا المساهمة الشهرية ليقفوا بهدف ردعهم وزجرهم أمام زملائهم الطلاب والطالبات في الطابور الصباحي بحجة عدم مقدرة أولياء أمورهم عن المساهمة أو يتم اقتيادهم إلى إدارة المدرسة بصورة شبه يومية أو تهديدهم بإخراجهم من قاعات الامتحانات الشهرية إن لم يدفعوا الـ1000 ريال المساهمة الشهرية، وعلى رأسهم أبنائي الذين وقف والدهم الذي هو أنا “الذات المتكلمة، عاجزاً عن دفع هذه المساهمة الشهرية “اللَّعينة” للمعلمين بما يضمن استمرارهم في مواصلة أداء الرسالة التعليمية، يضاف إلى ذلك أنني كرب أسرة وكموظف حكومي في آنٍ معاً وقفت عاجزاً -أيضاً- عن توفير المنهج المدرسي لبناتي الأربع اللاتي يدرسن في إحدى مدارس التعليم الحكومي، التي كغيرها من المدارس الحكومية لم يعد طلابها يحصلون عليه مجاناً وإنما صار مفروضاً على كل طالب منهم -إن أراد أن يتعلَّم بحق وحقيق- أن يشتري المنهج المدرسي الذي اعتمدته وزارة التربية والتعليم لطلابها اليمنيين من أسواق البيع والشراء مثله مثل أي سلعة تباع وتشترى، بدلاً من توزيعه لهم مجاناً عبر مدارسهم التي يدرسون فيها.
قد يظن البعض أنني أبرِّئ تحالف العدوان ومرتزقته عن القصف والقتل والتدمير الممنهج الذي ألحقوه باليمن واليمنيين في شتى مجالات وجوانب الحياة المختلفة وفي مقدمتها الجانب التعليمي الذي تعرَّض ولا يزال يتعرَّض لأبشع أنواع الاستهداف على مدى الـ8 أعوام الماضية من عمر عدوانهم “اللَّعين” وحصارهم “الجائر”، سعياً من الأعداء لإيقاف العملية التعليمية في اليمن عموماً ووأدها في مقتل، ليتسنى لهم تنفيذ مخططاتهم الخبيثة الرامية إلى تجهيل شباب اليمن وأجياله المستقبلية، بما من شأنه تقسيم اليمن إلى كانتونات صغيرة ضعيفة ومتهالكة لا تقوى على الصمود والوقوف في وجه مخططاتهم الاستعمارية الخبيثة، وإدخال اليمنيين في أتون الحروب والصراعات الداخلية التي لا تنتهي، لكنني في حقيقة الأمر ومن خلال هذه المساحة من النشر أردت أن أمارس جلد ونقد الذات والذات الأخرى من منطلق استشعار المسؤولية الإنسانية والأخلاقية تجاه الأبناء وفلذات الأكباد لئلا يذهبوا وتذهب اليمن مستقبلاً ضحية مخططات العدوان التدميرية الهادمة نتيجة تساهل وعدم لا مبالاة من قبل مسؤولينا الأكارم في الدولة تجاه توفير أدنى مقومات العملية التعليمية التي تؤهلهم لبناء مستقبل اليمن الذي ينشده اليمنيون، بل وتماهٍ أحياناً من قبل بعض المسؤولين مع تلك المخططات التدميرية الهادفة إلى استهداف كل مجالات الحياة في اليمن، بما في ذلك وأد العملية التعليمية وضربها في مقتل، والتي يسعى أعداء اليمن وأعداء الإنسانية دونما كلل أو ملل إلى تنفيذها لتصبح واقعاً مريراً يتجرَّعه اليمن واليمنيون على مدى عقود ولربما قرون، بما يجعل بلادنا دولةً وشعباً ومقدرات، برّاً وبحراً وثروات وموارد، متاحة للأعداء يستبيحونها كيفما يشاؤون.