التحكيم في مونديال كأس العالم.. مقاربة لنظام عالمي جديد

د/ هشام محمد الجنيد

 

 

يقام مونديال كأس العالم كل أربع سنوات بعد إجراء تصفيات تشارك فيها جميع دول العالم. ويصبح بعد التصفيات عدد المنتخبات المؤهلة للمونديال (32) موزعة لكل قارة عدد معين حددته الفيفا بناء على مستوى الأداء الكروي لمنتخبات القارة. غير أنه يؤخذ على هذا التوزيع أن حصة قارة أفريقيا مقارنة بأوروبا قليلة، رغم الأداء المرتفع لمستوى كرة القدم الأفريقية، ما ينبغي رفع حصتها على حساب منتخبات قارة أوروبا. من وراء مثل هكذا توزيع؟. من يتحكم بمجلس الأمن ومن يمتلك المؤسسات المالية الدولية ويمتلك الشركات المتعددة الجنسيات ومعظم الثروات البشرية هو من يتحكم بالفيفا.
وعلى أي، فوجه المقاربة لموضوعنا الأساسي حول فقط المونديال العالمي. وتقتصر على قواعده السليمة التي تنظم وتحكم النزالات الرياضية الكروية للمنافسة على كأس العالم. وهي قواعد وأسس منطقية وسليمة. وربما لا يوجد عليها انتقادات عالمية. ومن قواعدها المنطقية الجزاءات: التي يفرضها الحكم على اللاعب المخل والمتجاوز قواعد اللعبة، وتقنية التسلل.
إجمالا، المونديال الرياضي العالمي منظم بقواعد وأسس سليمة. وهي من أهم أسباب حب وتشجيع ومتابعة الشعوب العالمية للمونديال الكروي العالمي. فالمقاربة هنا علمية وسليمة. بيد أنها على العكس من ذلك في قواعد وأسس منظمة الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها. وهنا مكمن الإشكالية، في ضرورة مقاربة وصباغة قواعد ومبادئ عادلة ومنطقية لنظام عالمي إنساني جديد. فقواعد وأسس المنظمات العالمية غير سليمة وغير عادلة في مواطن كثيرة. ناهيك عن التطبيق.
وإذا كانت القواعد المنظمة لمونديال كأس العالم غير سليمة وغير عادلة مثلا، فلن يحظى المونديال بهذه الشعبية العالمية. ومثال على ذلك: عدالة عدم احتساب الهدف المسجل على طريقة التسلل. والغاية من ذلك تتوقف على تفوق القدرات الكروية الفنية لاختراق الطرف الآخر بدون تسلل. وهو ما يعني جدارة الاستحقاق بصحة الهدف / النتيجة. وهذا يؤكد منطقية وعدالة القواعد والأسس التي تنظم مباريات كأس العالم.
هذه المقاربة للقواعد الرياضية السليمة في عالم الكرة ليست موجودة في الهيكل التنظيمي للمنظمة العالمية – إذا جاز التعبير بالمقارنة – وأساسا مجلس الأمن الذي يفتقر إلى غياب معايير جد مهمة مثل المعيار السكاني والمعيار القاري و.. و.. كما أن القواعد النقدية لقيمة الدولار الأميركي – كعملة رسمية للمعاملات التجارية والتحويلات المالية العالمية غير صحيحة. لمخالفتها القواعد والمعايير الاقتصادية والنقدية. فغطاء الدولار الأميركي هو النفوذ والقوة وليس الذهب. فقد ربطوا سعره بالنفط، وسعر النفط تحدده وكالة الطاقة الواقعة تحت سيطرة أميركا. فهل هذه قواعد اقتصادية عادلة وسليمة ؟!. والوقوف أمام هذه السرقات الإمبريالية العالمية بمجرد ورق خضراء هو التعامل بالعملات الوطنية، ومع زيادة عدد الدول المتعاملة بالعملات الوطنية وإحلال الذهب كغطاء نقدي ستنتهي حتما هيمنة الدولار الأمريكي الصهيوني. فقد بدأت بهذا التوجه المناهض روسيا والصين، وأراها في مسار التوسع في حجم التبادلات التجارية الدولية على هذا الموقف المناهض للدولار.
إن أهم معيار ينظم مهام المنظمة العالمية هو الدين الإسلامي كمرجعية أساسية يفترض أن ينظم شأن الناس على أساس منظومته وأحكامه ومبادئه وتعليماته لتعم العدالة والسلام والأمن والمنافسات الشريفة ببن جميع الأقطار الدولية وشعوبها وكل بحسب إمكاناتها وقدراتها ومدى انسجام كل نظام سياسي مع النظام الإسلامي العالمي الذي أنزل قواعده ومبادئه الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم لكافة الناس، لتعم نعمة الله (نور الله) كافة الشعوب العالمية بناء على الاستحقاقات العادلة والمنطقية. وسوف يعكس مثل هكذا نظام عالمي استحقاقات كل شعب بما يتوافق وحجم وجودة إنتاجيته ومنجزاته العلمية وتعاملاته السياسية والإنسانية مع الأنظمة الأخرى.
من المعروف أن المنافسة ذات الطابع العالمي التي تقام منذ عقود وبشكل موضوعي ودون مخالفة لقواعدها هي مونديال كأس العالم وغيرها من الألعاب الرياضية العالمية. والتحكيم في مبارياته عادلة إلى حدود كبيرة جدا، تحكيم يعتمد على الحيادية. ومجالات التلاعب والإقصاء والاستغلال والانحيازية والظلم ليست موجودة كما هي واقعة في المنظمة العالمية – وأساسا مجلس الأمن – والمنظمات المتفرعة منها ومنها منظمة حقوق الإنسان. وأهم ميادين الفساد للأمم المتحدة هو الفساد في الميادين السياسية والتركيز على تشويه الدين والتضليل بمبادئه.
وقلما تحدث أخطاء ومجاملات أو تجاوزات طفيفة من بعض الحكام. مثلا في هذا المونديال 2022م وقعت بوقوف الحكم الأعرابي مجاملا منتخب كرواتيا ضد المنتخب المغربي بتغاضيه عمدا عن احتساب ركلة جزاء لفائدة المنتخب المغربي .. وعلى أي، فالأهم هنا أن بطل كأس العالم هي الأرجنتين، والأهم من ذلك أن خسارة فرنسا جاءت بحضور رئيسها. وخسارته الحقيقية التي يستحقها وأمثاله الأعداء المسيئين لرسول الله صلوات الله عليه وآله هي في طريقها، وسينالوها على أيدي المجاهدين في سبيل الله أولياء رسول الله صلوات الله عليه وآله الأوفياء بمسيرة الشهداء المجاهدين رضوان الله عليهم ..
إن مجلس الأمن – من زواية أعضائه تحديدا أميركا وبريطانيا وفرنسا – يحرص في تنفيذ مهامه بما يؤدي إلى صناعة الفتن وإشعال نار الحروب دعما لأهداف الصهيونية. ويتغاضى عن إجرام أميركا وإجرام نظامي بني إسرائيل في المنطقة في بلادنا وفي سوريا والعراق وفلسطين ولبنان وفي إيران بإثارة الفوضى والشغب فيها، لمناهضة دول المحور سياسة الاستكبار العالمية. يتغاضى مجلس الإرهاب العالمي فقط بثلاثيته الأميركية البريطانية الفرنسية عن استغلال واحتكار ونهب شركات أميركا وبريطانيا وفرنسا ومملكة الظلام السعودية ثروات الشعوب الأخرى وتركيزها على ثروات اليمن.
إن مجلس الأمن يغض الطرف عن ممارسة أميركا الفساد السياسي الدولي في قمع الحريات ودعم الاستبداد وتكريس أوضاع اللااستقر الأمني والفقر ودعم الإرهاب الاقتصادي. وجميعها تحت عناوين كثيرة: الاقتصاد الحر، الديمقراطية، الأمن والسلام الدوليين وحقوق الإنسان. ولا توجد جزاءات رادعة تحد وتعاقب ما هو حاصل في مختلف ميادين الفساد والإرهاب الدولي .. عالميا، لا نشاهد ولا نسمع بتطبيق الجزاءات على مخالفات القواعد المتفق عليها دوليا إلا في عالم المونديالات الرياضية فقط.
سنظل على الوفاء لشهداءنا المجاهدين ورموزنا الشهداء بالسير على خطاهم، سنظل على الدوام بواجبنا الإيماني وطاعتنا للعلم المجاهد السيد/ عبدالملك بدرالدين الحوثي يحفظه الله وينصره حتى إلحاق الهزيمة بأئمة الاستكبار العالمي ونصرة المشروع الإلهي وفق سياسات التنسيق الجهادية والقتالية بين دول محور المقاومة الإسلامية.

قد يعجبك ايضا