عندما تَنْحَبِس الكلمات

عـبـاس الـديـلـمـي

 

 

الخلود لفقيدنا الأستاذ الدكتور عبدالعزيز صالح المقالح، وعزائي لكل من كانت فجيعته برحيله مساوية لفجيعتي ولما أصابني جراء رحيل أستاذنا العظيم عبدالله البردوني يوم ودعنا إلى عالم الخلود .
أنا، لا أقول بموت المبدع، لأنه رحل جسدياً لينتقل إلى عالم الخالدين خلود الجبال الرواسي .. وانظروا إلى أمثاله ممن سبقوه ..
كنت وسأظل أرى الخالد عبدالعزيز المقالح، أستاذاً، وصديقاً، وزميلاً، وأخاً وصاحب فضل .. الخ .
عرفته أستاذاً وأنا تلميذ في المرحلة الثانوية، عندما كنا نتتلمذ على كتابات بعض الأعلام اليمانيين كعمر الجاوي ود. محمد الشهاري وعبدالله البردوني وعبدالعزيز المقالح، ونتعلم منهم كيف نرفض الخنوع وكيف نعارض ما نكره..
عرفته صديقاً بعد عودته من القاهرة في منتصف سبعينيات القرن الماضي .. وأنا تلميذ في الجامعة، والتصقت به قرابة عقدين من الزمن حيث كانت تجمعنا بشكل يومي مجالسنا الأدبية في اتحاد الأدباء والكتاب، ومنازل الأدباء عبدالله حمران ومحمد سالم باسندوه وعبداللطيف الربيع والقاضي عبدالسلام صبره، وزيد مطيع دماج ومجلس مركز الدراسات والبحوث ..
عرفته زميلاً، يستعيد مكانته في إذاعة صنعاء، منذ تم تعييني مديراً للبرامج الثقافية والمنوعات فمديراً عاماً للبرامج، فرئيساً لقطاع الإذاعة .. حتى صار برنامجه ( خواطر ) ركناً من أركان إذاعة صنعاء التي كان أحد أعلامها الأوائل، قبل قيام ثورة سبتمبر 1962 .. وكذلك عندما عملنا سوياً كمحكمين في جائزة رئيس الجمهورية للشباب (في الآداب والفنون – فن الشعر).
عرفته أخاً، وخاصة في أواخر سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي عندما كان يعجب بما أكتبه من قصائد النقد والمعارضة وينصحني بعدم نشر بعضها حرصاً عليَّ مما كان سائدا قبل استعادة وحدة الوطن، والعمل بالتعددية السياسية وحرية التعبير، تلكم القصائد تم نشرها في ديواني (قراءات في كهف أفلاطون) بعد عام 1990م وعندما كان يصغي إلى ما أقوله في محاولاتي إزالة الغشاوة التي كان البعض يقيمها بينه وبين أستاذي عبدالله البردوني وأبو بكر السقاف.
عرفته صاحب فضل، عندما كنت أقرأ ما يكتبه عني – دون علمي – في صحيفتي الثورة و 26 سبتمبر كلما صدر لي ديوان شعري أو أنجزت عملا غنائياً أو استعراضياً ( من صباح الخير يا وطناً إلى خيَّلتَ براقاً لمع وأغنية ( المحبة ) التي حصلت على المرتبة الأولى في مسابقة الأغنية الإذاعية العربية عام 2008م ) وكذلك ما كان يكتبه بشكل سنوي عن إذاعة صنعاء وحصولها على جوائز دولية وأنا أدير برامجها أو أرأس قطاعها ..
ولا أنسى فضله في منحي فرصة التعرف على بعض الأعلام في مجال الإبداع العربي، كالشاعر محمد مهدي الجواهري من العراق، والشاعر محمود درويش، والشاعر أحمد دحبور من فلسطين، والأديب فاروق خورشيد من مصر وغيرهم .. ممن كان له فضل دعوتهم إلى اليمن .
ولا أنسى فضله يوم شرف احتفال تسليمي جائزة اتحاد المبدعين العرب (التميز في الإبداع الشعري) من قِبل السفير المصري في اليمن نيابة عن الاتحاد لتعذر سفري إلى مصر لاستلام الجائزة، ولا أنسى ما سمعته منه عند تكريمي بوسام الاستحقاق في الآداب والفنون الذي سبقني إليه بسنوات .
إن ذكرياتي وحكاياتي مع عظماء يمانيين أمثال البردوني والمقالح والسقاف لا أستطيع إيجازها في سطور.. ولكني أكتفي بشيء من الخواطر .
أختم بالقول:
عندما يرثي الإنسان عزيزاً كالدكتور عبدالعزيز، لا بد أن تنحبس كلماته، كما تنحبس الدموع في عينَيْ من يرى أن الفاجعة أكبر من دموعه
الخلود لعبدالعزيز

قد يعجبك ايضا