الثورة/ هاشم السريحي
الإعلام تخصص جميل وممتع، وهو كنز من المهارات الحياتية؛ حيث يمنح تخصص الإعلام الطلاب والموظفين في هذا المجال، عدة مزايا تساهم في إثراء مسيرتهم المهنية والشخصية، ومنها اكتسابهم خلفية ثقافية واسعة ليست محصورة في مجال تخصصهم، وكاريزما شخصية متميزة تفتح أمامهم أبواب واسعة في الحياة، كما يمكّنهم العمل في الجانب الإعلامي التفكير بطريقة عقلانية ونقدية، مع تعلّم التزام الحياد والموضوعية، والمواكبة المستمرة للمهارات الرقمية الحديثة، بالإضافة إلى منحهم مهارة التواصل والقدرة على التعبير عن الأفكار، مع مرونة في التعامل مع الآخرين وقدرة كبيرة على التفاوض والإقناع.
بالرغم من ذلك يقول مؤلف كتاب «مستقبل المهن الإعلامية في ظل تطور الذكاء الاصطناعي» ماجد الغامدي: «نحن في زمن المهارات وليس الشهادات فقط»، ففي ظل تزايد دور برمجيات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي والروبوتات في الميدان الإعلامي، خاصة مع انتشار الكاميرات التي ترصد الأماكن العامة والخاصة ليل نهار، وانتشار إنترنت الأشياء وتقنية النانو، سيجعل الإعلام التلفزيوني، والإذاعي، والورقي، والإلكتروني، يتراجع خطوات للوراء، بدون أدنى شك، فإما الاتجاه نحو الزوال التام وهو السيناريو الأسوأ؛ لكنه مُستبعد إلى حد ما، أو تناصف المهام بين الإنسان والآلة (التكامل)، حيث يرى «نعوم لاتار» المختص في الصحافة الروبوتية أنه سيحصل لا محالة، ورغم تشاؤمه، إلا أنه في الحقيقة يبقى أقل ضرراً مقارنة بالخيار الأول.
ويرى مؤلف الكتاب أن على موظفي الإعلام الاستعداد الجيد لمُجابهة تحديات المحافظة على وظائفهم وفرصهم المستقبلية في ظل هذه المتغيرات السريعة، وبتعبير أكثر تفاؤلاً (مُواكبتها) والسباحة مع التيار، فبحسب الاتحاد العالمي للصحفيين فالإعلاميون لن يكونوا قادرين على التغلب على هذه التحديات، لكنهم قد ينجحوا في التأقلم معها، والنضال في سبيل مصالحهم.
ويشير المؤلف إلى أن الجامعات والمدارس تحتاج إلى تحديث مناهج التدريس فيها بحسب ما يتطلبه المجال الإعلامي الجديد والمُتجدد، وذلك لخلق فرص واعدة لخريجي الكليات الإعلامية في العشر السنوات القادمة، فلم يعد تمتع الإعلامي بخلفية ثقافية واسعة وكاريزما شخصية وإتقان برامج ومهارات الكتابة والبحث والتدقيق … كافياً؛ بل أصبح إتقان مهارات أخرى ضرورياً كمهارات «صحافة البيانات، وإعلام الوسائط الرقمية أو مواقع التواصل الاجتماعي، وصحافة الهاتف الذكي، وصناعة وتحرير مقاطع الفيديو والموشن جرافيك والمونتاج، والتسويق الإلكتروني، والتصميم الجرافيكي، والكتابة الإبداعية، والعصف الذهني، والتفكير خارج الصندوق…».
ويؤكد المؤلف على ضرورة أن يتفهم مسؤولو ومالكو المؤسسات الإعلامية ضرورة وأهمية تأهيل موظفيهم الحاليين وإعادة تدريبهم وفق المتطلبات الجديدة، للتأقلم مع الفترة المقبلة، فأن يقتسم الإعلامي وظيفته أو مهامه مع برنامج ذكاء اصطناعي أو روبوت، خير له من أن يخسر وظيفته بالكُلية! بل قد يكون المستقبل فرصة للإعلاميين لتخفيف العبء والحِمل الثقيل المُلقى على عاتقهم، فيتحولوا لمُشرفين على تلك البرامج.
ويضيف المؤلف الغامدي أن الأستاذ في كلية هارفارد للأعمال «غوبتا سونيل» يرى في كتابه (قيادة الاستراتيجية الرقمية) أن صفات «الروتين والتكرار وتوقع النتائج» هي بمثابة المقياس الذي يُمكننا من خلاله الحكم على أي وظيفة بالزوال مستقبلاً أو بالبقاء والاستمرار، فكلما زادت تلك الصفات ارتفع احتمال اندثار الوظيفة والعكس صحيح، مشيراً إلى أن أهم الوظائف الإعلامية التي غزاها الذكاء الاصطناعي هي: وظيفة المذيع، وموظف إعداد الشريط الإخباري، ووظيفة المحرر الصحفي، والصحافة المؤتمتة.