م/ وليد الحدي
التصريحات الأخيرة التي أدلى بها رئيس الوفد الوطني الأخ/ محمد عبدالسلام لقناة الميادين بالنص الواضح (عدم قبول أن تبقى شركة أجنبية تقوم بنهب النفط والغاز اليمني سواءً كانت ناقلة أو منقبة أو منتجة بعد هذه الهدنة، وستكون جميعها في دائرة الاستهداف العسكري، وأنه لا يمكن أن تعمل أي منشأة إذا لم يكن ذلك لمصلحة الشعب اليمني) أثلجت صدور كثير من المراقبين، وكانت عند مستوى تطلعاتهم، وبمقدار ما بدَّدت تلك التصريحات المخاوف لدى الكثير من المتابعين الذين تسرَّب إلى بعضهم الشك في نية حكومة الإنقاذ التصدي لعملية نهب الثروات النفطية والغازية التي دأبت عليها شركة توتال الفرنسية ومن يدور في فلكها منذ سنوات، قطع الخطاب الأخير للسيد عبدالملك الحوثي -حفظه الله- الشك باليقين، مؤكداً أن كل عائدات الغاز والنفط المنهوبة لا تزال تذهب إلى جيوب الخونة، وهي دعوة واضحة لا تقبل الشك لكل من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، بضرورة إيقاف ذلك العبث بمقدراتنا وثرواتنا، سيما والشعب اليمني يمر بمرحلة صعبة للغاية، وبلا مرتبات .
في عام 2013م تقدم فريق الحكم الرَّشيد بمُؤتمر الحوار الوطني ببلاغ إلى النائب العام ضد شركة توتال الفرنسية وشركائها، لاستهدافها كمية إضافية لمشروع الغاز قدرها تريليونا قدم مكعب بقيمة 24مليار دولار، وكذلك التزوير لأرقام الاحتياطيات في محرراتها الرسمية بعد أن قامت نيابة الأموال العامة الابتدائية التابعة للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد المختصة بقضايا الفساد، بالتحقيق في 13 سبتمبر 2013م، وحصلت على ما ينبغي من عقود ووثائق من مجلسي النواب والوزراء ووزارة النفط وشركة صافر، حيث انتهت النيابة من التحقيقات في 1 يونيو 2014م، وبناءً على نتائج التَّحقيقات وتقارير الخُبراء النفطيين وتقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة رقم 1631 بتاريخ 1 يونيو 2005م، رفعت النيابة العامة مُقرَّراتها إلى معالى وزير النفط بالمُذكرة رقم 193 بتاريخ 4 يونيو 2014م كونها الجهة المعنيَّة بالتخاطب َمع الشركة اليمنية للغاز الطبيعي لإلزامها بكميات الاحتياطيات المخصّصة للمشروع، في اتفاقية تطوير الغاز وعدم تجاوزها، وبحث آلية تعويض اليمن عن فوارق الأسعار ورسوم منشآت المنبع وفواقد النفط والغاز، حيث قدَّمت شركة توتال من جديد رُدوداً لنيابة الأموال العامة على تقرير الخبير النفطي في مذكرتها المؤرخة 10 أغسطس 2014م، لتدَّعي من جديد بُطلان عمل الخبير النفطي، مُؤكِّدةً موقفها وإصرارها على أنه تم التَّشهيد على وفرة احتياطيات غازية مُؤكَّدة للمشروع والاستهلاك المحلي في يناير 2005م قدره (10.2 تريليون قدم مكعب ) لغرض إحياء فتوى شركة كلايد اند كوا البريطانية الصادرة في 12 فبراير 2014م بمنح المشروع كمية غاز إضافية قدرُها ( تريليونا قدم مكعب)، بشرط صِحة الاحتياطيات الغازية في مُحرر الشركة المؤرخ 17 يونيو 2005م وتوافقها مع الاتفاقيات النافذة، وهنا وقعت شركة توتال في التزوير والتضليل من جديد، أمام القضاء، برغم ثبوت التَّزوير عليها من قبل النيابة وبطلان الفتوى في مقرارات النيابة المرفوعة لمعالى وزير النفط في 4 يونيو 2014م برقم (193)، لتَلجأ بعد ذلك إلى سياسة العصا والجزرة، في استهتار واضح بالأجهزة القضائية والرقابية مُمثّلةً بنيابة الأموال العامة وهيئة مكافحة الفساد والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، والشَّعب اليمني ممثلاً بمجلس النواب وفريق الحكم الرشيد بمؤتمر الحوار الوطني، حيث قامت بتنصيب نفسها نيابةً عن الدولة بدفع الأتعاب ونقل الخُبراء إلى مدينة دبي، مبديةً استعدادها دفع مبالغ مالية، وهي في حَقيقة الأمر لا تعدو عن (رشاوي) مُقابل إغلاق هذا الملف !!
فما كان من نيابة الأموال العامة إلا إنهاء القضية ورفع مشروع التصرف للنائب العام في تاريخ 30 سبتمبر 2014م موثقةً فيه جميع الأدلة المستندية وأقوال الشهود والخُبراء، وتوجيه التهمة لشركة توتال بالتَّزوير في المُحرَّرات الرسمية، وانتهاك نُصوص الاتفاقيات، وتقديم بيانات غير صحيحة وأخرى غير مكتملة، والتَّغرير بالحُكومة ومجلس النواب الذي سبق وأوضح بالمذكرة رقم (675) في تاريخ 12 يوليو 2005م بمنع الحكومة من الموافقة على عقود بيع الغاز إلا بعد التأكُّد من كفاية الاحتياطيات الغازية والحصول على أسعار بيع عادلة، وفقاً للأسعار الآسيوية الفعلية، ليَصدُر بعدها حكم من محكمة الأموال العامة يقضي بإيقاف نشاط شركة توتال.
وقد فوجئنا قبل أيام بمذكرة رسمية صادرة عن مكتب رئاسة الجمهورية بتاريخ 20 أغسطس 2022م ورقم 359/ق، موجهة إلى رئيس الهيئة العليا لمكافحة الفساد بطلب إعادة دراسة تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة رقم (1636) وتاريخ 2014/6/1م، وهو تقرير أعدّه خبراء متخصصون في هذا المجال، واستند عليه الحكم الشرعي الصادر من محكمة الأموال العامة الابتدائية التابعة لهيئة مكافحة الفساد عام ٢٠٢٠م بإيقاف نشاط شركة توتال الفرنسية، بعد أن اتخذت المحكمة كافة الإجراءات القضائية اللازمة بما، يرفع الضرر عن الجمهورية اليمنية، وفقاً لنصوص مواد الاتفاقية الموقعة ما بين الطرفين .
وعليه فإن مطالبنا محصورة بتنفيذ هذا الحكم القضائي، كون ما هو خلاف ذلك يعيدنا إلى المربع الأول، وقد يشكل طوق نجاة لشركة توتال الفرنسية ومن يدور في فلكها، ويمنحها ثغرات من خلالها تُستأنَف عملية نهب الغاز اليمني بأسعار قُيّدت ما بين 4.5 – 2.7 للمليون وحدة حرارية، في حين قفزت أسعار الغاز العالمية اليوم إلى 80 دولاراً للمليون وحدة حرارية، في ظل نقص المعروض العالمي من مادة الغاز نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية، وهذا يعني خسارة الجمهورية اليمنية أكثر من 200 مليار دولار خلال المدة المتبقية من عمر المشروع، أما تقديم توتال مبلغ نصف مليار أو حتى مليار دولار رشوة أو (سُكّاته) من تحت الطاولة -بحسب ما يُشاع- مقابل غض الطّرف عنها أو عدم استهدافها، فتلك خيانة وجريمة لا تغتفر بحق الوطن والأجيال، كون ذلك المبلغ التافه لا يساوي قطرة من بحر، مقارنة بحجم ما يُنهَب !!
الأخ/ النائب العام:
تدركون جليا حجم المؤامرة التي يتعرض لها البلد والشعب، والتي أوصلتنا إلى هكذا حال، لكن ثقتنا بعد الله سبحانه وتعالى بحكمتكم وتسجيلكم لموقف تاريخي تنقذون فيه ما تبقى من خيرات هذا الشعب المظلوم، ولا نطلب منكم أكثر من توجيهات صريحة وصارمة بتنفيذ الحكم القضائي الصادر عن محكمة الأموال العامة بإيقاف نشاط شركة توتال في اليمن، بعد التعاون معنا لإشهاره على وسائل الإعلام، لتفويت الفرصة على المستعمر الفرنسي، ومن يستفيد معه في حكومة المرتزقة، وترجمة دعوات السيد القائد حفظه الله لإيقاف نهب الثروات اليمنية، ولله الأمر من قبل ومن بعد.
*عضو لجنة المناصرة لإلغاء اتفاقية الغاز*