لم تجف بعد دماء ضحايا مجزرة النظام السعودي بحقّ 41 من شباب الحراك المطلبي في الأحساء والقطيف التي نفذها في مارس الماضي، والحزن ما يزال يستوطن قلوب أهالي وذوي ومنازل وأحياء الضحايا، ولا يزال الشارع السعودي المغلوب على أمره تحت تأثير صدمة تلكم المجزرة، وإذا بهذا النظام الدموي يسير في اتجاه ارتكاب مجزرة جديدة لا تقل وحشيةً وإجرامًا عن سابقتها، كل ذلك ولا بواكي على ضحايا نظام آل سعود؛ فالمال السعودي هو الطاغي، وهو صاحب السطوة والنفوذ، ودائمًا تكون أمريكا حاضرة لإنقاذ النظام السعودي كلما وقع في مأزق، قوارب النجاة الأمريكية جاهزة لإنقاذ سلمان بن عبد العزيز ونجله ونظامهما الحاكم، ضاربين عرض الحائط بشعارات الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان وغيرها من الشعارات التي ترفعها وتتشدق بها، والتي أثبتت أنها مجرد شعارات جوفاء تستخدمها فقط لدغدغة العواطف والاستهلاك الإعلامي بغية تحقيق مكاسب مادية رخيصة.
هناك محاولات فردية وجماعية لمنظمات سعودية ونشطاء سعوديين في دول أوربا لتحريك ملفات الإعدامات الجماعية والانتهاكات السعودية السافرة للحقوق والحريات، والاعتقالات القسرية التي تطال الناشطين والحقوقيين والدعاة المعارضين لسياسة بن سلمان وتسليط الضوء عليها، ولكنها أمام آلة الضخ المالي وإمبراطورية الإعلام السعودي ووسائل الإعلام الموالية لها تظل خجولة جدًّا، وتحتاج إلى الالتفاف حولها وإسنادها، إذا ما أردنا أن تؤتي أكلها وتحقق أهدافها .
مدير منظمة ذوينا لحقوق الإنسان المعارض السعودي عبد الحكيم الدخيل كشف عن حملة حقوقية هي الأولى من نوعها لمقاضاة مسؤولين سعوديين أمام المحاكم في أوروبا، وأشار إلى أنه يتم حاليًّا تجهيز ملفات موثقة لدعاوى قضائية سيتم تقديمها للمحاكم الأوروبية المختصة ضد مسؤولين في النظام السعودي على خلفية تورطهم في جرائم الانتهاكات بحق معتقلي الرأي والمعارضين في السعودية، ودعا ضحايا هذه الانتهاكات والجرائم وذويهم إلى كسر حاجز الصمت وموافاة منظمته بأسماء المسؤولين المتورطين في الانتهاكات وإرفاق القرائن والأدلة على ذلك؛ ليتسنى تجهيز الملفات ورفع الدعاوى ضدهم أمام المحاكم الأوروبية المختصة لتحقيق العدالة والإنصاف، وللحيلولة دون استمرار النظام السعودي في تكريس سياسة الاستبداد، وسحق حقوق الإنسان في بلاد الحرمين الشريفين.
وهي مهمة أصحاب الأقلام الحرة، والضمائر الحية ، والعقول النيرة، والمواقف الثابتة غير القابلة للبيع والشراء من الناشطين والحقوقيين في العالم، فهم مطالبون اليوم بالتحرك الجاد من أجل تسليط الضوء على مظلومية المعتقلين في السجون السعودية وإطلاع الرأي العام العالمي على الجرائم والانتهاكات السافرة التي يتعرضون لها في السجون والمعتقلات السعودية، والوقوف أمام خطر الإعدامات الجماعية التي تنتظر الكثير منهم، في سياق حملة بن سلمان التي تهدف للخلاص من الأصوات المعارضة لسياسته، وممارسة الإرهاب والتخويف وتكميم الأفواه بحق أبناء الشعب السعودي المغلوبين على أمرهم؛ من أجل التسليم المطلق له ولقراراته التي دائمًا ما تتسم غالبيتها بالإجرام والصلف والرعونة، في ظل اعتماده على الاستقواء بالبيت الأبيض والإدارة الأمريكية التي تمنحه الضوء الأخضر لارتكاب جرائمه الوحشية الواحدة تلو الأخرى، والمضي في ممارسة انتهاكاته السافرة لكافة القوانين والأعراف والمواثيق الدولية ذات الصلة.
بالمختصر المفيد، النظام السعودي يعد في طليعة الأنظمة المنتهكة لحقوق الإنسان والحريات في المنطقة ، ويجب تحريك كافة ملفات الإنتهاكات والجرائم التي ارتكبها لمحاسبته عليها ، انتصارا للعدالة وللضحايا وأسرهم وذويهم ، وعلى الجميع الإسهام في تنفيذ هذه المهمة كي تؤتي ثمارها وتحقق أهدافها .
قلت قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ووالدينا ووالديكم وعاشق النبي يصلي عليه وآله .