بسبب غياب عملية التقنين والتنظيم ..

دراسة تسلِّط الضوء على الآثار السلبية للري بالطاقة الشمسية في اليمن

 

القطاع
الزراعي في اليمن يعد المستخدم الرئيسي لموارد المياه الجوفية؛ حيث يستهلك 90 % من إجمالي الاستهلاك
للحفاظ
على المياه الجوفية وزيادة كفاءة الري؛ لا بُد من دمج نظام الري بالطاقة الشمسية مع تقنيات الري الحديثة

 

الثورة/ هاشم السريحي

سلطت دراسة علمية حديثة الضوء على الآثار السلبية المترتبة على استخدام الطاقة الشمسية في الري، والذي تزايد بشكل لافت بعد الحرب التي تسببت بارتفاع أسعار الوقود وانقطاع الكهرباء وهما مصدرا الطاقة المستخدمان عادة لاستخراج ونقل المياه الجوفية.
وكشفت الدراسة التي أعدها المهندس مساعد عقلان والباحثة هيلين لاكنر أن معدل تركيب واستخدام نظام الري بالطاقة الشمسية يتزايد بمعدل يزيد عن 4% سنوياً، وهو أمر جيد للانتقال إلى استخدام الطاقة البديلة -النظيفة-؛ لكن الآثار السلبية المحتملة من سوء الاستخدام هي تناقص نسبة المياه الجوفية؛ حيث أنه لا توجد حتى الآن توجهات حكومية لتقنين استخدام الطاقة الشمسية في الري.
وهدفت الدراسة الموسومة بـ”الري بالطاقة الشمسية في اليمن.. الفرص والتحديات والسياسات” إلى اقتراح توصيات للحوكمة ونهج للمانحين/ الممولين لإدراك وفهم استخدامات المياه الجوفية بنظام الري بالطاقة الشمسية وتنظيمها.
وأشارت الدراسة إلى أن عدد السكان في اليمن يبلغ نحو 29 مليون نسمة، 70 % منهم يعيشون في المناطق الريفية، ويعتمد أكثر من 50 % منهم على الزراعة. مؤكدة بأنه لا توجد في اليمن بحيرات أو أنهار دائمة، وبالتالي تُعد الأمطار والمياه الجوفية هي المصادر الرئيسية للمياه في البلاد.
وبينت الدراسة أن اليمن يعد أحد أكثر البلدان التي تعاني من ندرة المياه في العالم، حيث لا توفر موارد المياه المتواجدة حالياً سوى 75 متراً مكعباً للفرد سنوياً – أي دون عتبة ندرة المياه. وينخفض هذا القدر انخفاضاً مطرداً. فالقطاع الزراعي في اليمن يعد المستخدم الرئيسي لموارد المياه الجوفية، حيث يستهلك 90 % من إجمالي الاستهلاك، على الرغم من أنها تولّد أقل من 20 % من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.
وبحسب الدراسة فإنه من بين جميع العواصم العالمية، غالباً ما صُنفت صنعاء على أنها العاصمة الأكثر احتمالية لنفاد المياه قبل غيرها؛ حيث يعاني اليمن من شح شديد في المياه، فقد انخفض معدل توافر المياه للفرد انخفاضاً مطرداً خلال العقود الماضية مع زيادة عدد السكان. مضيفة أن المساحة المروية زادت في اليمن من 37 ألف هكتار في السبعينيات إلى أكثر من 400 ألف هكتار في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، ومع زيادة المساحات المروية 11 مرة خلال نفس الفترة، انخفضت المساحة الداعمة للزراعة البعلية (أو الزراعة المطرية) بنسبة 30 %.
وقد خلصت الدراسة إلى عدد من النتائج أهمها تزايد استخدام نظام الري بالطاقة الشمسية في حوض صنعاء بشكل كبير، حيث يستخدم أكثر من 30 % من المزارعين في هذه المنطقة نظام الري بالطاقة الشمسية، ويكمن السبب الرئيسي للتحول إلى الطاقة الشمسية في انخفاض تكاليف التشغيل والصيانة لنظام الري بالطاقة الشمسية ولذلك فإن المزارعين يستطيعون الحصول على كمية المياه التي اعتادوا الحصول عليها ولا يدفعون أي شيء تقريباً، باستثناء تكلفة رأس المال، ونظراً للخبرة التي اكتسبها المزارعون وتنامي سوق الطاقة الشمسية في اليمن، فمن المتوقع أن تشهد البلاد تحولاً كاملاً إلى نظام الري بالطاقة الشمسية في غضون 7 سنوات فقط؛ لكن الآثار السلبية المحتملة من سوء الاستخدام هي تناقص نسبة المياه الجوفية، حيث أنه لا توجد حتى الآن توجهات حكومية لتقنين استخدام الطاقة الشمسية في الري كما ذكرنا سابقاً.
وبينت الدراسة أن نظام الري بالطاقة الشمسية قد يعتبر حلاً لمشكلة المياه والطاقة؛ ولكنه يمكن أن يؤدي إلى تفاقم مشكلة ندرة المياه بقدر ما يحل مشكلة الوصول إلى الطاقة، ولذلك في هذه الحالة ولتجنب الإسراف في استخدام المياه لا يمكن تطبيق الحوافز المالية لتوفير الطاقة، كما يجب تحديد المخاطر التي يشكلها الضخ غير المنظم الذي يعمل بالطاقة الشمسية، وذلك لتحديد السياسات واللوائح اللازمة بشكل واضح للتخفيف من هذه المخاطر وتحفيز الاستخدام المستدام للمياه. مشيرة إلى مصدر قلق آخر هو أن المزارعين قد يقومون بالري أكثر خلال ساعات النهار، مما يقلل من كفاءة الري وإنتاجية المياه، فلا يزال معظم المزارعين في اليمن يمارسون الأساليب القديمة للري بالغمر وقليل منهم يمتلك أنظمة ري حديثة، كما يجب معالجة جميع هذه المخاوف بشكل منهجي على مستوى المجتمع والسياسة، ويجب إعداد سياسات وأنظمة شاملة، ولا يعتقد خبراء المياه أنه يجب دعم المزارعين بإعانات مالية لتغطية التكاليف الرأسمالية لنظام الري بالطاقة الشمسية، وبدلاً من ذلك يدعون إلى تقديم الدعم في شكل مساعدة فنية وبناء القدرات جنباً إلى جنب مع المعلومات حول الإدارة المستدامة للمياه.
وفي نهاية الدراسة أوصى الباحثان بضرورة دمج نظام الري بالطاقة الشمسية مع تقنيات الري الحديثة؛ للحفاظ على المياه الجوفية وزيادة كفاءة الري وإنتاجية المياه وضمان توفير الدعم اللازم للمزارعين في برامج التدريب والتوعية والمهارات الفنية.
كما يجب على الجهات المعنية إجراء دراسات في كل حوض مائي؛ لتقييم تأثير وفرص ومحددات نظام الري بالطاقة الشمسية، وإعداد خريطة مخاطر نظام الري بالطاقة الشمسية للبلد بأكمله لتحديد المناطق عالية المخاطر، وصياغة لوائح تحدد أعماق الضخ المسموح بها بناءً على مستوى المياه الجوفية الفعلي، وتوافر المياه المتجددة في كل حوض، ومراقبة الجودة وإصدار الشهادات لتقنيات الطاقة الشمسية وضمان إلزام التجار بالمعايير المطلوبة، وتنفيذ قيود إضافية على استخدام المضخات الكهربائية العاملة بمحركات الديزل، حيث أنها سبب رئيسي لاستنزاف المياه الجوفية.

قد يعجبك ايضا