مع مرور السنين والأشهر والأيام والساعات يتداول سكان الكرة الأرضية أهم قضية من قضايا الأمة وهي القضية الفلسطينية “الإسرائيلية”، حتى وصلنا إلى مراحل من الشد والجذب حول التطبيع مع الكيان، التطبيع الذي أصبح مع مرور الأيام واستمرار الاستيطان والاحتلال ينتج وبصورة ذاتية ترهلًا وتخاذلاً واضحاً لدى القادة العرب في التعامل مع القضية، كما انه يساهم في قبول الأقلية للاحتلال والسير في موكب التطبيع.
وما التطبيع الرياضي إلا شكل من أشكال القبول والرضى بالعدو الصهيوني وتناسي لقول المولى عز وجل “ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم”… تحقيقا للمصالح وانتصارا للرغبات الشيطانية والشهوات الدنيوية المادية، واظهاراً لحقيقة بعض مراكز القوى العربية التي تسعى لجني ثمار محاولات برمجة الأمة العربية للقبول بالصهاينة المحتلين والتسليم بادعاءات “القدس يهودية».
من هذا المنطلق جاءت فكرة الورقة العلمية “مخاطر التطبيع الرياضي ودور وزارة الشباب والرياضة في تصدي له” المشاركة في المؤتمر العلمي الدولي فلسطين قضية الأمة المركزية الذي نظمته وزارة التعليم العالي والبحث العلمي تحت رعاية مجلس الوزراء بصنعاء خلال الفترة من 24 أبريل حتى 26 أبريل …ورقة علمية هدف من خلالها وزير الشباب والرياضة الأستاذ/ محمد حسين مجد الدين المؤيدي إلى التأكيد على ضرورة مقاطعة العدو الصهيوني في مختلف المجالات، بما فيها الرياضية انتصارا لقضية الشعب الفلسطيني، والتأكيد أيضا على أن ما قامت به بعض دول الخليج من تطبيع مع كيان العدو الصهيوني هو طعنة في خاصرة الأمتين العربية والإسلامية.
وعلى الرغم من وجود انجذاب وتخاذل من بعض القادة العرب حول قضية التطبيع الرياضي، إلى أن هناك مواقف جديرة بالاحترام وتسجل تاريخيا في سجلات الشرفاء الأبطال المقاومين والمتصديين للكيان الصهيوني المغتصب المحتل، كانسحاب عدد من الأبطال العرب من البطولات والمنافسات الدولية، أمثال الرياضيين الكويتيين محمد الفضلي وعبد الرزاق البغلي ومحمد العوضي، والأردنيين موسى القطب ومحمد السعود ومحمود الخطيب وأحمد البوريني ومحمد فرحان وأحمد البطوش، واللبنانية أكويلينا الشايب، والجزائريّ إبراهيم سرقمة، بالإضافةً للمنتخب الإيرانيّ النسائي للهوكي، هؤلاء وغيرهم يؤكدون على أن الرياضة ساحة للمقاومة وسلاح قوي لرفض التطبيع.
ورقة وزير الشباب والرياضة خلصت إلى تدوين جملة من التوصيات التي تعزز دور التصدي لقضية التطبيع الرياضي ومقاومة الاحتلال عن طريق الرياضة منها التحذير من مخاطر الترويج للتطبيع الرياضي، وتفعيل برامج ووسائل مناصرة الأشقاء في فلسطين عبر اليمنيين وفي مقدمتهم الشباب والرياضيون، بالإضافة إلى إصدار توجيهات حكومية للاعبين والمنتخبات الرياضية والأندية برفض مواجهة أي لاعب “إسرائيلي”، وتنظيم بطولات في مختلف الألعاب الرياضية تُعزز مكانة القضية الفلسطينية وجعلها حاضرة في وجدان الجماهير العربية، وإقامة ندوات ومحاضرات وفعاليات أدبية وفنية وإعلامية وورش عمل وإصدار مطبوعات علمية وإعلامية من قبل الاتحادات والأندية الرياضية والهيئات الشبابية للتصدي للتطبيع الرياضي مع العدو الإسرائيلي، ورفض المشاركة في أي أنشطة يُشارك فيها ممثلون للكيان، بالإضافة إلى شن حملات مقاطعة كبرى للبطولات الرياضية والأولمبيادات التي تنظمها الاتحادات الدولية والقارية المساندة للتواجد الإسرائيلي.
ورقة في صورة مقال علمي تم عرضها في المؤتمر إلى جانب العديد من الأوراق العلمية والأبحاث والدراسات التي تم الاطلاع عليها والاستماع إلى عرضها من قبل المشاركين عبر نظام الزوم في القاعات الافتراضية للمؤتمر لمن هم خارج الوطن من المشاركين من الدول الشقيقة والصديقة، والاستماع إلى بقية الأعمال العلمية مباشرة من أصحابها الدكاترة والباحثين والمهتمين الأفاضل، الذين حرصوا على وضع توصيات ومقترحات متعددة للتصدي للكيان الصهيوني الغاصب والتأكيد على أهمية استمرار المقاومة وعدم التخاذل والانجذاب للقبول بالسلام المزعوم الذي يأتي على حساب الأرض والهوية الفلسطينية العربية الإسلامية، يبقى السؤال الأهم: هل سترى هذه التوصيات والمقترحات النور؟ وتلامس الواقع من خلال التطبيق العملي؟ أم ستظل حبراً على ورق كأغلب الأوراق والدراسات والأبحاث العلمية العربية السابقة المعاصرة للقضية الفلسطينية منذ ما يقارب 75 عام من النضال والمقاومة؟.
كل عام والأمة العربية والإسلامية في صحة وعافية وأمن واستقرار واستقلال وتحرر.