تحكم مطلق بامتدادات الشعوب الغذائية وصياغة حياتها من قبل القوى الاستعمارية الغربية والتي سعت خلال عشرات السنوات للقيام بكل ما هو ممكن للوصول لتلك الغاية وضمن أخطر ما قامت به من مكر وتضليل في جانب الغذاء ابتداء:
أولا: تقديم المساعدات والهدايا الغذائية (القمح) مجانا للشعب اليمني في نهاية خمسينيات القرن الماضي .
ثانيا: مرحلة تقديم القمح بسعر زهيد وبجودة عالية جداً وهنا بدأت مراحل تنفيذ الخدعة بقبول الناس لهذه السلعة الغذائية خاصة وهي أرخص من القمح المزروع والمحصود في أرضنا والتي كانت نتيجتها عزوف كثير من مزارعي القمح عن الزراعة وهنا حققت الحيلة في مرحلتها الثانية نجاحا جيدا.
ثالثاً: منح اليمن قمحاً ذا جودة عالية في نهاية الستينيات وبداية السبعينيات، قدم القمح بنفس الجودة بسعر رخيص مدعوما من الدولة أدى إلى نجاح الحيلة أو المصيدة تماما عندها عزف كل المزارعين تقريبا في اليمن عن زراعة القمح المحلي الذي يكلف أربعة أضعاف القمح المستورد واستمر استيراد القمح ثم إجبار الحكومات المتعاقبة بدعم فارق السعر بعد أن تم رفع سعره عالميا.
من لديه ثورة تحررية لن يسمح بدون تأمين الغذاء وعلى ذلك توازي ثورة الاستقلال والحرية مع ثورة زراعية تعتمد على إعادة إحياء موروثنا الزراعي الذى يمتد إلى سبعة آلاف سنة وخبرة علمية تتناقل عبر الأجيال وبعد أن تدخل الغرب في كل تفاصيل حياتنا حدث انقطاع بيننا وبين علومنا وخبراتنا .
ولكن الثورة وقياداتها أدركت حقيقة الخطر القائم جراء تحكم الأعداء بمصادر الغذاء ومنعنا من توفيره محلياً وعلى ذلك اعُلن النفير العام للإحياء العظيم لهذه الأمة لتستعيد قرارها بالإنتاج الزراعي الذي يهدف إلى استقلال القرار السياسي بدلا من الخضوع لحكومات الغرب المنتجة والمتحكمة بغذاء الشعوب الخطير باعتماد الشعوب على غذاء الغرب والاستسلام لإرادة المستعمر لذلك القيادة الثورية تحملت على عاتقها مسؤولية إعادة الناس للزراعة بكل حماس وثقة بعون الله لهم خاصة في فترة الشهيد الحمدي ويتم عمل برامج للعودة بالناس للزراعة وتأمين الغذاء .
الحيلة الأخطر بعد اغتيال الرئيس الحمدي الذي تبنى إقامة مشاريع زراعية حديثة بشراء معدات الحراثة وآلات الحصاد وجلب مهندسين زراعيين من مصر والسودان ودول شرقية وإنشاء بنك زراعي لتمويل المزارعين بالمعدات الزراعية بالتقسيط الطويل الأجل وعقب اغتياله انتهى المشروع.
حيلة وتضليل
وبدأت الحيلة الأخيرة بإعداد دراسات جدوى اقتصادية من قبل المنظمات المعنية بالزراعة العالمية والتي خلصت تلك الدراسات إلى أن تكاليف زراعة القمح غير مجدية اقتصاديا للبلاد لعدة أسباب:
– ضعف الموارد الاقتصادية.
– شحة المياه.
– استصلاح الأرض يحتاج لتكاليف هائلة لا تقدر عليها خزينة البلاد.
– ارتفاع سعر المعدات الزراعية التي يتم استيرادها (هناك أعداد كبيرة من الآلات تم استيرادها منتهية الصلاحية ومعطوبة).
وبموجب ذلك تم منع زراعة القمح أو إقامة مشاريع زراعية ومصادقة الحكومة على ذلك، وإدراكا من قيادة الثورة لكل ذلك وانطلاقاً من مسؤوليتها قامت بإعداد خطة علمية وطنية وانطلقوا في الأرض اليمنية لتنفيذها متسلحة بالإيمان بقوله تعالى: ( وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْـمُؤْمِنُونَ )
ومن الإصرار العظيم على تحقيق الأهداف الثورية مستفيدين من تجارب الشعوب الحرة في العالم المقاومة للهيمنة الاستعمارية الغربية والتواصل مع المجتمع الزراعي بحوار حر والشعور بالمسؤولية الجماعية بأهمية دور وتكاتف وتعاون المجتمع اليمني الزراعي في إعادة الزراعة وإنتاج القمح وزيادته للوصول للاكتفاء الذاتي ، فأرضنا في الجبال والوديان والسهول كلها خصبة وطيبة ومُناخنا متعدد لامثيل له وخلال الفترة السابقة تم قطع أشواط هامة في المجال الزراعي والسمكي والصحي والحيواني لا يستهان بها انطلاقاً من إدراك قيادة الثورة أن هناك متغيرات عالمية قادمة إن لم نكن فاعلين في هذا العالم فإننا سوف نكون الميدان المستمر لأفاعيلهم فينا .