
“لماذا لم تمنحني (الكلمات) حينما كانت منقذي الوحيد في مواجهة بلاغته¿ الكلمات التي بها هزم الأنبياء خصومهم. لماذا لم تمنحني الحجة عليه لماذا علي أن أشعر بالخذلان أنا الذي أؤمن بصوابك الأبدي¿ لن أتخلى عن الثقة بك بالرغم من ثقل هذه الهزيمة” قال الأسود .
كم هي صعبة هذه اللغة يا الله لماذا كل هذه الطريق من الكلمات إنه جيد في تقليدك لكنه لا يعرفك يعرف الغروب لست نبيا لأمنحه لغة ليس مؤمنا ليمنحني إلها يعرف كل المسميات الخطرة أعياد الميلاد مثلا .. بداية الذعر وطرق الاعتذار عن ذنوب ستقترفها غدا لا يعرف الكتاب المقدس وفي طريقه لركوب القطار الأخير كان أقرب مني إليك أنا أبعدته لأجلك ربما لأجلي أريد أن يحدثني هذا الملحد أكثر عنك أريد أن أحدثه عن خطئه لأكتشف أنه في البدء كانت الكلمة .
هذه المرة عرف “كورماك ماكرثي” ما يجب أن لا يقال ما يجب أن يقال ” كل الخيول الجميلة ” (2000) نتذكرها الآن ” لا وطن للرجال الكبار ” (2007) هي الطريقة الأخرى التي نتذكرك بها وبعيدا عن ” الطريق” (2009) ووجهه المتسخ بالفوضى وبعيدا عن تلك الروايات التي لم تستطع السينما اقتباسها مثل “خيط الدم ” و “حارس البستان” هذه المرة يا ماكارثي لم يعد الأمر متعلقا بالبشر فحسب هناك صالة للمشاهدة تعشق الأسئلة ” هناك في السماوات ” قال أحدهم.
الفيلم التلفزيوني مهزوم دائما هكذا هو الأمر في مواجهة الفيلم السينمائي وآليات التعامل مع الصورة ونوعية النص وتقنيات المخرج في تكوين البنية الدرامية ولكن كما قال بيتر كوتلورتس في استنتاجه الخالد “كم الصورة يؤثر على جودتها” هذا الأمر شجع ” توم لي جونس ” على شراء كاميرا واحدة – ولو كانت على حساب محطة HBO الشهيرة – والتوجه بها إلى غرفة مغلقة الاتصال بـ”صامويل إل جاكسون” بعد ظهيرة حارة في شوارع هوليود كلما أخبره به هي تلك الترهات حول مسرح اللامعقول ولغة أرصفة العبث يستعين ربما بحماقات يوجين يونسكو وصامويل بيكت وانتظار غودو النهائي يحدثه عن تلك الطريقة ليس هناك مكان أو حتى زمن محدد الأمر فقط ظهور مفاجئ للشخصيات وطريقة غير مجدية بتاتا للوصول إلى حدث الحدث فقط يكمن في ذات اللغة ذات الفكرة ولهذا كان تواجد الحاصل على البوليترز ” كورماك ماكرثي ” أمرا لا مناص منه أيضا .
في الأمر الذي يخص تلك الفكرة عن الفيلم التلفزيوني والسينمائي بالنسبة لي لا ينبغي أن يكون هناك ثوابت لتحديد الجمالية السينمائية الحالات البسيطة والنادرة قد تتحول إلى قواعد الجميع قد ينجح في يوم ما فيلم تلفزيوني ألماني بسيط التكلفة مثل ” كل شيء على تسوكر ” كان رائعا الأمر ذاته قد ينطبق على فيلم سينمائي عالي التكلفة مثل فيلم ” العطر ” إنه عالم مليء بالاحتمالات.
“قطار الغروب ” لعبة شطرنج بين الأبيض والأسود أبيض يريد الانتحار ” توم لي جونس ” أسود يمنعه من ذلك ” صامويل جاكسون أبيض يعلم أكثر مما يجب ليستمر في الحياة أسود يؤمن أكثر مما يجب لكي يقنع الآخرين أبيض عبثي حتى الدهشة أسود يمسك بكتاب مقدس حتى النهاية أبيض قرأ كل الكتب إلا كتاب الرب ربما قرأ كتابا كتبه عجوز ما داخل مقبرة لكنه لم يقرأ كتاب الرب بعد أسود يقاتل باسم الكلمة التي خسرها في النهاية أبيض يعود إلى محطة القطار ليعانق الغروب من جديد .
إن فيلما مثل ” قطار الغروب ” يعمل محركه السردي بشخصيتين فقط في مكان مغلق لم يكن مقدرا له هذه الأثر العميق في تحويل بوصلة الجمهور إلى الفيلم التلفزيوني لولا تلك المكننة المبتكرة من مخرج المشهد ” توم لي جونس ” الذي سبق له إخراج فيلمين سابقين فقط هما ” أولاد كبار جيدون ” (1995) و “الدفنات الثلاث لميكاديوسايسترادا” (2005) مع تلك المعركة الدرامية الهائلة بين “جونس” و ” جاكسون ” في مشهد متصل استمر 90 دقيقة يعود بالنجمين إلى دائرة المديح وإن لم يصل بهما إلى شباك التذاكر أو حتى رضا زوار موقع IMDB.
