سبق أن تحدثنا عن قضية الرياضيين القدامى وما يعانون من مآس في أكثر من موضوع، وضرورة الاهتمام بكل الذين خدموا الرياضة في كافة مجالاتها ومستوياتها، واقترحت أن يكون هناك قانون لرعاية الرياضيين القدامى يتم تمويل احتياجاته ومخصصاته من صندوق رعاية النشء والشباب والأندية والاتحادات وتبرعات القطاع الخاص أو عبر إنشاء صندوق خاص لرعاية الرياضيين القدامى على غرار صندوق رعاية الرياضيين الشباب ..وما دفعني لإعادة طرح الموضوع مجدداً هو موقف مؤلم شاهدت فيه واحداً من أبرز نجوم كرة القدم اليمنية في الثمانينيات وهو يستجدي البعض ويتنقل من شخص لأخر علهم يجودون عليه بما تيسر، وهناك الكثير من القصص والمآسي التي نشاهدها ونسمع عنها، لكننا نتغافل عنها.
في الفترة الماضية تم تأسيس رابطة للرياضيين القدامى لكنها توقفت عند نشاط واحد مثل بيضة الديك ونامت، وبعدها تم تقديم مشروع لإنشاء جمعية للرياضيين القدامى لكنها لم تبصر النور رغم أن أصحاب المشروع من نجوم الرياضة اليمنية الذين كانت لهم صولات وجولات وكنا نظن -وبعض الظن إثم- أن أياً من هذين المشروعين سينجح لكنهما فشلا والأسباب غير معروفة والنتيجة أن الرياضي كان هو ضحية تنازع تلك المشاريع وهروب الأجهزة المعنية سواء الأندية الرياضية أو الاتحادات أو الوزارة عن القيام بمهامها ومسؤولياتها في رعاية الرياضيين القدامى وحتى الجدد منهم.
ولو أننا نستفيد من تجارب الأخرين لكان الأمر مختلفاً ففي الكثير من البلدان حينما يعتزل الرياضي فإنه يتجه إما إلى مجال الرياضة كمدرب أو إداري أو فني أو أنه يكون قد أسس لنفسه مشروعاً خاصاً وغير ذلك، أما في بعض الدول -ومنها اليمن- فإن الرياضي يجد نفسه عقب اعتزاله غالباً في الشارع دون أي عمل، وهذا حال الكثير من الرياضيين اليمنيين الذين نجدهم في خانة التهميش والحرمان ونراهم غالباً في أروقة الوزارة والاتحادات يتابعون مسؤوليها لعل وعسى يجدون التفاتة بمساعدة مالية ربما لا يجدونها أو في الشارع يتسولون والبعض منهم لا يجد قوت يومه والبعض يموت دون أن يجد قيمة العلاج وهكذا.
قلنا أكثر من مرة إن الرياضيين في بلادنا بحاجة إلى تأسيس أو إنشاء جمعية أو رابطة ترعاهم عقب اعتزالهم وتنفذ مشاريع مختلفة يعود ريعها لهم لتأمين حياتهم وحياة أسرهم، كما أن هذه الجمعية أو الرابطة سيكون من مهامها إقامة أنشطة رياضية وبطولات مختلفة تكون عائداتها للجمعية وكذا إشراك الرياضيين في برامج تدريبية وتأهيلية مختلفة في المجالات الرياضية وغيرها ويمكن من خلال هذه الرابطة أن يكون للرياضيين القدامى دور كبير في تطوير الرياضة من خلال عملهم كإداريين وحكام ومدربين وفنيين وغير ذلك ولتكون ملاذاً آمناً لهم تحميهم من غدر الزمان وعثراته، على اعتبار أن الرياضي في اليمن مظلوم من البداية حتى النهاية ولا يجد من يرعاه، حتى حينما يكون في أوج تألقه فنحن نرى الكثير من الرياضيين اليمنيين المبدعين يعانون ويقاسون الأمرين وبعضهم يضطر للبحث عن أي عمل يقتات منه كما حصل للكثيرين من رياضيينا الذين تمتلئ بقصصهم الصحف والقنوات التلفزيونية، وبالتالي فهذا الكيان الرياضي يمكن أن يسهم بدور فاعل وكبير في رعاية الرياضيين أثناء ممارستهم الرياضة أو بعد اعتزالهم ليسهموا بخبراتهم الميدانية في خدمة الرياضة كما تفعل الكثير من البلدان، كي لا نخسرهم ونخسر تلك التجارب والخبرات المتراكمة، كما يمكن أن نشجعهم على فتح مشاريعهم الخاصة بدعم من الرابطة وغيرها من الأمور التي تشجع الشباب على الانخراط في الرياضة لأن كل واحد منهم يعرف أن هناك من سيرعاه بعد تركه الرياضة وبالتالي سيكون هذا الأمر من أساليب تشجيع الإقبال على الرياضة بشكل عام.
من هنا أوجه الدعوة لوزارة الشباب والرياضة ولكافة الأندية والاتحادات وأيضاً الإعلام الرياضي ونجوم الرياضة القدامى إلى إنعاش فكرة الرابطة ودعمها لترى النور، ويمكن أن تقوم الوزارة عبر القطاع المختص فيها بتنظيم ورشة عمل مصغرة يشارك فيها نخبة من الرياضيين القدامى والإعلاميين والقانونيين والاقتصاديين للخروج بصيغة مناسبة للنظام الأساسي واللائحة التنظيمية والداخلية وبرنامج عمل الرابطة وأنشطتها وحتى تسميتها ومشاريعها المقترحة التي ستسهم في دعمها ورفد مواردها إضافة إلى الخروج برؤية موحدة حول الرابطة لتكون مظلة لجميع الرياضيين القدامى وتحقق الهدف من إنشائها.. ورمضان كريم.