يشتهر العمانيون بالعديد من الوجبات الرمضانية أهمها الهريس العرسية الثريد إلى جانب اللبن والتمر والماء
رمضان في “عُمان”.. إفطار بنكهة التقاليد الأصيلة
يمتاز المطبخ العماني بتأثره بفنون الطهي الفارسية والهندية والأفريقية
يعتبر شهر رمضان في سلطنة عمان الشقيقة ذا طابع مختلف، حيث تفضل الأسر العمانية تناول الإفطار ووجبات الأطعمة والسحور من طبخ البيت والمنزل تحديداً، وتسعى ربات المنازل إلى الاعتماد على ذاتهم في طبخ مختلف الأطعمة العمانية دون تدخل من الخادمات، ودون جلب الأطعمة من خارج المنزل.
يعتبر شهر رمضان ضيفاً عزيزاً ينتظره العمانيون بلهفة وحفاوة، حيث يستحوذ عليهم الجانب الديني والثقافي لما لهذا الشهر المبارك من عظمة تستدعي أن تليق بروحانيته، وتناسب أجواء الروحية من خلال التواصل الديني. وفي أول أيام شهر رمضان تقوم كل أسرة بطبخ «العرسية» وتسمى أيضاً «الدرنة»، ومنهم من يطبخ أكلة «القبولي». وتتضمن المائدة العمانية على الإفطار صحناً من الرطب واللبن ولا تخلو من السمبوسة والبقلاوة ولقمة القاضي، وبعد صلاة المغرب تتناول الأسرة طبخ العرسية ومنهم من يشرب «الشربة»، وتبقى هذه العادة حتى آخر يوم من رمضان.
وجبات رمضانية يقول بدر مراد، من ولاية المصنعة «غالباً يبدأ الأهالي إفطارهم على حبات التمر واللبن سنة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ثم يتناولون الأنواع الأخرى من الأطعمة، ونفضل أن يكون الإفطار من أيدي ربات المنازل لأن له مذاقاً مختلفاً ومهارة بصنعة متقنة لأنه يأتي من إحساس بحاجة إلى تعويض الجسم للطعام». ويضيف «من العادات العمانية في رمضان في ولاية المصنعة دوي المدفع عند رؤية الهلال ووقت الإفطار ووجود شخصية المسحراتي وهو الشخص الذي يطوف على البيوت بأعلام أهل الحلة، ليوقظ الناس بصوت عالٍ لتناول وجبة السحور ويصحب معه دائماً الضرب بالطبل ويردد عبارة «سحور سحور.. انهضوا تسحروا يا نائمين».
أسواق عمان الرمضانية
وما يلفت الأنظار في السلطنة الشقيقة المقاهي والخيام الرمضانية، حيث يقوم التجار بعرض بضائعهم بشكل مرتب خاصة في الأسواق الشعبية. أما المطاعم والمقاهي فتضع طاولات خاصة تعرض فيها أنواع الحلويات المقلية بالزيت كلقمة القاضي والبقلاوة والطعمية، حيث يكون الإقبال عليها كبيراً في رمضان وتزدحم المحال والأسواق بأنواع الفواكه والعصائر والتمور». ويضيف «يقبل الناس في هذا الشهر على تناول الحلويات والمأكولات والمشروبات الشعبية التي يتميز بها رمضان، إضافة لعزائم صلة الرحم التي يحرص عليها الأهالي ويتميز رمضان أيضاً بأجوائه العائلية، حيث لقاء الأقارب في بيت واحد لتناول الفطور والسهر الحميم، كما تحرص كل أسرة على تقديم الزكاة للفقراء والمحتاجين وكذلك تكثر رياضة المشي خلال شهر رمضان بالعديد من الأسر لحرق الدهون التي تناولوها خلال الإفطار، إضافة إلى ذلك نجد الكثير من الشباب يمارسون رياضة الجري على أرصفة الشارع الداخلي بالولاية أو في داخل ملعب النادي». ويشير إسماعيل المعولي إلى أن من أهم العادات والتقاليد في رمضان إحياء العديد من أعمال الخير والبر، فالأسرة العمانية تعيش أجواء احتفالية كبرى بحلول هذا الشهر الكريم من خلال تجمع الأهالي على مائدة الإفطار، وهي عادة حميدة لا تزال مستمرة حتى الآن. ويزيد إقبال المصلين على المساجد ليحضروا حلقات القرآن والدروس الدينية، وهناك حلقات قرآنية للشباب، كما يقبل الناس على أداء صلاة التراويح بعد صلاة العشاء.
عادات وتقاليد
وتشكل العادات والتقاليد العمّانيّة الأصلية عاملاً أساسياً في تكوين المجتمع العماني ويظهر ذلك من خلال المناسبات الوطنية والدينية ومنها شهر رمضان. إذ تتميز السلطنة بالعديد من العادات والتقاليد الممارسة في هذا الشهر الفضيل.
يشترك المجتمع العماني مع المجتمعات الأخرى في شهر رمضان بعدد من العادات أهمها: تبادل التهاني بحلول الشهر الفضيل، اصطحاب الأطفال إلى المساجد لأداء صلاة التراويح.
ومن العادات العمانية التي ما زال المجتمع العماني يحتفظ بها حتى يومنا هذا هي الإفطار الجماعي سواء في المساجد أو تجمع أفراد العائلة في بيت أكبرهم سنّاً بحيث يلتقي الصغير والكبير على مائدة الإفطار في حلقة واحدة. بالإضافة إلى ذلك، أن بعض القرى ما زالت تحافظ على الإفطار الجماعي المعروف ب “السبلة” أو المجلس.
أما بالنسبة للمأكولات الرمضانية، يشتهر الشعب العماني بالعديد منها أهمها الهريس، العرسية، الثريد التي تكون حاضرة في مائدة الإفطار إلى جانب اللبن والتمر والماء.
أما أبرز العادات في بعض الولايات لاسيما العاصمة مسقط هي الاحتفال بليلة منتصف رمضان. حيث يتجول الأطفال في الأحياء داخل الحارات وذلك باحتفالية تسمى “قرنقشوه”. خلال هذه الاحتفالية يقوم الأطفال بأداء أناشيد قيمة وأدعية مختلفة، فيقوم الكبار بإهدائه ومكافأتهم لإحياء هذه الليلة المباركة، وغرس القيم والمبادئ الحميدة في نفوس الأطفال.
خلال هذا الشهر الفضيل أيضاً، تصبح الأسواق الشعبية مقصداً للاستعداد للشهر الفضيل. وتستمر هذه الأسواق طيلة الشهر استعداداً لعيد الفطر السعيد. ويظهر في هذه الأسواق ما يعرف بالهبطاط وهو عبارة عن موعد معين ومعروف يعتبر أرثاً قديماً بالسلطنة. حيث تشهد الأسواق إقبالاً كبيراً من الزوار والمواطنين وتقام في أجواء تقليدية قبل العيد بأيام ويختلف تاريخها حسب الولايات.
وقبل نهاية الشهر الفضيل، يمر الأبناء الذين يختمون القرآن، وذلك باحتفالية تسمّى “التومينة” وتختلف مسمياتها حسب المنطقة، وتعظم الاحتفالية كل ما كان خاتم القرآن في مراحل الطفولة المبكرة.
كما يمتاز المطبخ العُماني بتأثره الشديد بفنون الطهي الفارسية والهندية والأفريقية وذلك نظراً لارتباط البلاد بتلك الدول سواء عبر الهجرات المتتالية من وإلى هذه الدول أو العلاقات التجارية منذ سالف الزمن. وتتنوع الأطباق من منطقة لأخرى إلا أنها تتشابه إلى حد كبير. الأرز البسمتي يصاحب كل أكلة، ويعتبر مرق اللحم الغني بالطماطم والبطاطس والتوابل من أكثر الأطباق شيوعاً على طاولة الغداء وكذلك هو المكبوس وهو عبارة عن أرز يطهى مع مختلف أنواع التوابل والكركم والهيل والكزبرة والزنجبيل والفلفل والثوم يقدم مع نوع معين من اللحم (سمك أو دجاج أو لحم غنم).