يستقبله اليمنيون بروح العطاء والنبل:

رمضان شهر التكافل الإيماني وجهاد النفس

 

 

عطية :
يأتي شهر الله ليخرج الناس من حالة القعود والجمود والنوم والكسل إلى روحية التحرك والخروج إلى ميدان الدفاع عن الأرض والكرامة
الكبسي :
شهر رمضان شهر الصبر على الصيام والقيام وفعل الخير والطاعات

رمضان.. شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار.. ها هو يحل على الأمة الإسلامية كموسم عظيم ونفحة إلهية يتعرض فيها المؤمنون والمؤمنات للنفحات التي تسعدهم أبد الدهر وتجعلهم في حالة قرب من الله وحب واستجابة له كما قال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم (إن لربكم في أيام دهركم نفحات فتعرضوا لها لعله أن يصيبكم نفحة منها فلا تشقون بعدها أبداً)..
عن شهر رمضان ببركته وخيره ونوره وفتحه ونفحاته وانتصاراته الكبرى التي سطرها الله في القرآن الكريم يتحدث كوكبة من العلماء والمرشدين، فإليكم الحصيلة:
الثورة  / أمين رزق

في البداية تحدث العلاَّمة عبدالفتاح الكبسي فقال: الصوم عبادة لها أسرار مع الله سبحانه وتعالى ولهذا كتبها الله على الأمم التي من قبلنا حيث قال الله تعالى ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ وقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ ووَسَلَّمَ فيما روي عن الإمام علي -عليه السلام-: أنه قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم فِي آخِرِ جُمْعَةٍ مِنْ شَهْرِ شَعْبَانَ، فَحَمِدَ الله وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ ((أَيُّهَا النَّاسُ إنَّهُ قَدْ أَظَلَّكُمْ شَهْهْرٌ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ وَهُوَ شَهْرُ رَمَضَانَ، فَرَضَ الله عَزَّ وَجَلَّ صِيَامَهُ، وَجَعَلَ قِيَامَ لَيْلَةٍ مِنْهُ بِتَطَوُّعِ صَلاةٍ كَمَنْ تَطَوَّعَ سَبْعِينَ لَيْلَةً فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الشُّهُورِ، وَجَعَلَ لِمَنْ تَطَوَّعَ فِيهِ بِخَصْلَةٍ مِنْ خِصَالِ الْخَيْرِ وَالبِرِّ كَأَجْرِ مَنْ أَدَّى فَرِيضَةً مِنْ فَرَائِضِ الله عَزَّ وَجَلَّ فِيمَا سِوَاهُ، وَمَنْ أَدَّى فَرِيضَةً مِنْ فَرَائِضِ الله عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ كَمَنْ أَدَّى سَبْعِينَ فَرِيضَةً مِنْ ففَرَائِضِ الله عَزَّ وَجَلَّ فِيمَا سِوَاهُ مِننَ الشُّهُورِ، وَهُوَ شَهْرُ الصَّبْرِ وَإنَّ الصَّبْرَ ثَوَابُهُ الْجَنَّةَ، وَهُوَ شَهْرُ الْمُوَاسَاةِ وَهُوَ شَهْرٌ يَزِيدُ الله تَعَالَى فِيهِ فِي رِزْقِ الْمُؤْمِنِ، وَمَنْ فَطَّرَ فِيهِ مُؤْمِناً صَائِماً كَانَ لَهُ عِنْدَ الله عَزَّ وَجَلَّ بِذَللِكَ عِتْقُ رَقَبَةٍ وَمَغْفِرَةٌ لِذُنُوبِهِ فِيمَا مَضَى”، فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ الله لَيْسَ كُلَّنَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يُفَطِّرَ صَائِمًا. فَقَالَ: “إنَّ الله تَعَالَى كَرِيمٌ يُعْطِي هَذَا الثَّوَابَ مَنْ لاَ يَقْدِرُ إلاّ عَلَى مَذْقِةِ مِنْ لَبَنٍ يُفْطِّرُ بِهَا صَائماً، أَوْ بِشَرْبَةٍ مِنْ مَاءٍ عَذْبٍ أَوْ تُمَيْرَاتٍ لاَ يَقْدِرُ عَلَى أَكْثَرِ مِنْ ذَلِكَ، وَمَنْ خَفَّفَ فِيهِ عَنْ مَمْلُوكِهِ خَفَّفَ الله عَزَّ وَجَلَّ حِسَابَهُ، فَهُوَ شَهْرٌ أَوَّلُهُ رَحْمَةٌ، وَأَوْسَطُههُ مَغْفِرَةٌ، وَآخِرَهُ إجَابَةٌ وَعِتْقٌ مِنَ النَّارِ، وَلاَ غِنَى بِكُمْ عَنْ أَرْبَعِ خِصَالٍ: خَصْلَتَانِ تُرْضُونَ الله تَعَالَى بِهِمَا، وَخَصْلَتَانِ لاَ غِنَى لكُمْ عَنْهُمَا، أَمَّا اللَّتَانِ تُرْضُونَ الله تَعَالَى بِهِمَا، فَشَهَادَةُ أَنْ لاَ إِلَهَ إلاَّ الله وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، وَأَمَّاا اللَّتَانِ لاَ غِنَى لكُمْ عَنْهُمَا فَتَسْأَلُونَ الله تَعَالَى فِيهِ حَوَائِجَكُمْ وَالْجَنَّةَ، وَتَسْأَلُونَ الله تَعَالَى العَافِيَةَ وَتَتتَعَوَّذُونَ بِهِ مِنَ النَّارِ)).
فشهر رمضان مدرسة إيمانية عملية يتزود فيها المؤمنون بالتقوى بأدائهم فريضة الصيام وما يصاحبها من تلاوة القرآن وصلاة الليل، والكف عن المفطرات نهاراً وما ينتج عن ذلك من خمول للجسم وتعب ونصب، فالصائم يكف عن المأكل والمشرب، والمنكح، ويكف عن المحرمات بكل جوارحه، يكف لسانه، يحفظ فرجه، يغض بصره، يمسك عن فعل الشر ، يسعى في الخير، كل هذه الطاعات بحاجة إلى الصبر ليبلغ الإنسان المطلوب والحكمة من صيامه، فحين يظمأ ويجوع نهار رمضان ويصبر حتى وقت الإفطار، ويسهر الليل يتلو القرآن، ويصلي ويدعو ويصل الإخوان فلا ينام إلا اليسير فهو بحاجة إلى الصبر، ينام قليلاً في النهار مستعيناً به على أداء عمله وواجبه، وهو جائع وضمآن، فهو بحاجة إلى الصبر، وحين يغدو في رمضان وقد تغيرت طباع الناس وأخلاقهم يصبر على عشرتهم، وإساءتهم، قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ «من أصبح صائماً فشتم فقال: إني صائم سلام عليكم، قال الرب عز وجل: استجار عبدي بالصوم من عبدي، أجيروه من ناري وأدخلوه جنتي».
فحقاً شهر رمضان هو شهر الصبر، الصبر على الصيام، والصبر على القيام، والصبر على فعل الخير والطاعات، الصبر على الإكثار من فعل الخيرات، والتقليل من الملذات والشهوات، فمن أول الشهر إلى آخره يحتاج الصائم إلى الصبر، وعليه بالصبر لينتفع بهذه المدرسة الإيمانية السنوية لمدة شهر كامل ليتأهل بعدها على مدار العام ليكون ذلك المؤمن التقي الصابر الزاهد الكريم المجاهد الواصل لما أمر الله به أن يوصل، فمن صبر ظفر.
والتحلي بالأخلاق الفاضلة بحد ذاتها بحاجة للصبر في سائر الأيام ككظم الغيظ، والعفو عن الناس، ومعاملة الناس بالحكمة، وتحمل أذاهم، والصبر عليهم، ويكون التحلي بها في شهر رمضان حال الصيام ألزم وأحوج، قال الله تعالى ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾، قال بعض المفسرين: وما يلقاها الضمير يعود على خصلة الدفع بالتي هي أحسن، أي الذي يدفع بالتي هي أحس.
وفي نفس السياق يقول : العلاَّمة شمسان شمس الدين عطية:
أتي شهر رمضان ببركته وخيره ونوره وفتحه ونفحاته وانتصاراته الكبرى التي سطرها الله في القرآن الكريم وأعطى مساحة واسعة لأول انتصار على الباطل وإزهاقه (يوم الفرقان يوم التقى الجمعان) جمع يمثل الخير والعدل والإيمان والفلاح، جمع يمثل الشر والظلم والشرك والنفاق والكبر والطاغوت، لكن النصر والغلبة كانت من نصيب الثلة المؤمنة المجاهدة رغم قلة عتادها وعددها قال تعالى: (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) .
يحل رمضان على الأمة الإسلامية كموسم عظيم ونفحة إلهية يتعرض فيها المؤمنون والمؤمنات للنفحات التي تسعدهم أبد الدهر وتجعلهم في حالة قرب منه وحب واستجابة له كما قال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إن لربكم في أيام دهركم نفحات فتعرضوا لها لعله أن يصيبكم نفحة منها فلا تشقون بعدها أبداً).
وكما أن للأزمنة نفحاتها فللأماكن نفحاتها كذلك وأحيانا تجتمع نفحتا الزمان والمكان معا ومن هذه النفحات: العمرة في رمضان والوقوف بعرفة أيام الحج والجود بالمال في رمضان تأسيا برسول الله الذي كان أجود ما يكون فيه، ويماثل هذا الرباط في رمضان والمصابرة والدفاع عن المستضعفين والأوطان و العمل الأمني حفاظا على حياة الناس والإمداد والإسناد والنفير إلى جبهات الحق والإيمان والعدل والوفاء والتقدم إلى الصفوف الأولى لمواجهة المحتلين والمستعمرين الجدد وأعوانهم وجنودهم وجنجويدهم وكل شذاذ الآفاق الذين يدورون حيثما تدور أمريكا ويتواجدون أينما يتواجد المارنز الأمريكي والمصالح الامريكية والبريطانية والفرنسية وغيرها من الدول الاستعمارية التي استطاعت أن تخترق العقل العربي والصف الإسلامي، بل تمكنت من الوصول إلى التحكم في القرار السياسي العربي وسحب الأنظمة العربية الحاكمة إلى صفها وجبهتها جبهة الضلال والإضلال وجبهة الاستبداد والاستعباد، وصارت الشعوب الإسلامية شعوباً ضائعة تائهة بسبب التولي الصريح من الأنظمة لأمريكا وإسرائيل وسكوت العلماء والدعاة والخطباء عن هذا التولي بل إن كثيراً من المحسوبين على الإسلام والشريعة والتفسير والفتوى برروا هذا التولي وأحلوه تصريحا أحيانا وإشارة وهنا لا بد بل يجب أن يوجد جمع يجدد للأمة الأمل ويحيي فيها روح الجهاد من أجل إعادة الحق إلى نصابه والفصل أو الفرقان بين أولياء الرحمن الموحدين لله التوحيد الصحيح والحقيقي وبين أولياء الشيطان وقرنه المتمثل في النظام السعودي الذي يترجم ولاءه لأمريكا ترجمة عملية في الوطن العربي ويجسِّد الولاء تجسيدا واقعياً، يتجلى هذا الولاء في العدوان على اليمن وسوريا والعراق وأفغانستان وليبيا ولبنان، فكل ما يعانيه ويكابده أهل اليمن والمسلمون في الوطن العربي سببه المباشر على المستوى السياسي هو النظام السعودي وتياره الديني الذي يمارس أخطر وأقذر مؤامرة تتمثل في إصدار البيانات والفتاوى المحللة لتحركه السياسي والعسكري الظالم وترضى بتواجد القواعد العسكرية في البر والبحر وتغض الطرف عن صفقات الأسلحة المهولة الموقعة مع أمريكا.
هذا التحليل أو التبرير يجاهر به مشائخ الوهابية السلفية علنا وموثقاً بالصوت والصورة، وأمام التراكم الفضيع للباطل والشر والنفاق يبرز الإيمان كله بكل صدق وعزيمة وثقة بالله وهذا الجمع يتمثل في أهل اليمن الذين لم ينتظروا ما انتظره الشعبان العراقي والليبي وغيرهما من الشعوب الذين خدعوا وخدروا بالوهابية وتأثروا بمشائخها وفتاواهم، فها هم أبناء اليمن الحكماء والفطناء يخوضون معركة الحق والتحرر وانتزاع السيادة وخلع الوصاية السعودية والهيمنة الأمريكية.
ها هي اليمن من جديد تصنع تاريخا مشرقا بضياء التضحيات وأنوار الدماء الزاكية وبهاء القوافل المباركة التي كشفت الحقائق المتراكمة وأسقطت أقنعة الزيف التي لبست عباءة الدين ورفعت شعار الحقوق والحريات، فهذه التضحيات الكبيرة أسهمت في تصحيح الوعي وتعديل الاعوجاج التاريخي في الأمة.
إنها دماء وتضحيات التحرر والانعتاق من الظلمة والطغاة والمحتلين وتستنهض المؤمنين وأحرار العالم التواقين للحرية والعدل.
ها هم رجال اليمن وشبابه الأطهار يستأنسون بالموت اقتداء بالإمام علي ويقدمون قوافل الشهداء بسخاء ورضى ويحيون الروح الحسينية في الأمة ولسان حالهم وشعارهم ومناجاتهم لله هو: اللهم إن كان هذا يرضيك فخذ حتى ترضى.
ها هم يقاتلون شرار البرية من الناكثين والقاسطين والمارقين الجدد الذين ارتكسوا في نفاقهم وحقدهم ويزدادون رجسا إلى رجسهم بسبب ما تربوا ونشأوا عليه من فكر خبيث وتعاليم شيطانية جعلتهم يرون المؤمن كافرا وعدوا والكافر وليا وصديقا وحليفا وهذا كله يعزز في قلوب المؤمنين من أهل اليمن وغيرهم صوابية التحرك الجهادي والثبات على خطى الشهداء ورفد الجبهات بالمزيد والمزيد من الرجال الذين فتح الله لهم باب الجنة والعزة والكرامة والفلاح في الدنيا والآخرة.
إن المجاهدين والمرابطين في الثغور وجبهات المواجهة أمام مملكة الكراهية والعمالة والخيانة ومرتزقتها ثوابهم عظيم وعظيم في كل الأوقات إلا أن الجهاد والرباط والصبر والمصابرة مع الصيام أكثر، كما قال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من رابط يوماً في سبيل الله عزّ وجلّ فيصوم يوماً في سبيل الله إلا زحزح عن النار سبعين خريفاً) وحديث((من صام يوماً في سبيل الله بعد الله بينه وبين جهنم مسيرة مائة عام)، لأن المجاهد جمع بين عبادتين وفضيلتين وحاز شرفين بل ثلاثة: جهاد النفس الأمَّارة بالسوء المحبة للحياة والراغبة في البقاء الكارهة للفناء، هنا يتغلب المجاهد على هوى نفسه ويؤثر على نفسه حياة الأمة ويبيع روحه من خالقها ويعقد صفقة الخلود مع الله وفي سبيله الذي اختاره بعد أن قهر النفس من الميل إلى زهرة الحياة الدنيا ومنعها من الماء والأكل في شهر رمضان، ثم جهاد العدو، فيستحق أن يزحزح عن النار، وفي هذا دلالة على أن ثواب المجاهد الصائم كبير وكبير إذا لم يؤثر الصيام على أدائه الجهادي ويعيق تحركه الميداني لمواجهة المعتدين أولياء أمريكا وخدام الصهاينة وأعوان الظلمة من المرتزقة والخونة الذين يمارسون أبشع أنواع الإجرام ويقومون بتنفيذ أخطر المؤامرات التي تهدد الإسلام وتستهدف القرآن وتروض الشعوب المسلمة لملوك فجرة وحكام فاسدين عملاء خائنين لله وللرسول وللمؤمنين وما يمارسه خونة الداخل وما قد فعلوه بالعقول والنفوس أخطر من الحرب العسكرية وأشد وأنكى وما هذا العدوان العالمي والحرب الكونية على اليمن إلا إحدى مخرجات وتجليات البناء الحاقد والفكر الخبيث والمنافق الذي يجعل من أراذل البشر وسفهاء الأمة ملائكة ويصور الحمقى والسفهاء بصورة العظماء والحكماء ويعطي الشرعية في الحكم لكل شاذ ومنحرف ومنحل في سلوكه وطباعه وتربيته، كما هو الحال مع الشرعية المزعومة في اليمن ومع الشرعية المكذوبة لقادة الخليج الذين بينهم وبين الشرع والشريعة والشارع الإسلامي بعد المشرقين.
وكما أن الله كلَّف النبي بالخروج والنفير من بيته لجهاد المتآمرين على الإسلام الصادِّين عنه بعد صبره على أذاهم وإحسانه إليهم وتحمله كل الإساءات وإعراضه عن كل التهم التي رمي بها وبعد أن حاور قريشاً وناظرها وحاججها بالبراهين والآيات وتعامل معها بكل رحمة وحلم وحب وحكمة لعلها تهتدي وتتزكى وتتحرر من الأنا والأنانية وترتقي في وعيها وتتوجه إلى الله لتوحِّده التوحيد السوي الصحيح وتعبده العبادة الخالصة، إلا أن قريشاً لم تتعامل مع النبي بعقل ولم تعط المشروع الذي جاء به وحيا من الله، الاهتمام من نفسها، وهكذا هم الأنانيون والانتهازيون والنفعيون في كل زمان ومكان، تتشابه وضعياتهم ونفسياتهم وتحركاتهم ويذوقون وبال أمرهم في نهاية المطاف وختام الصراع مع الحق وهذا وعد الله تعالى الذي ننتظره في هذه الأيام التي طلع فيه قرن الشيطان.
إن شهر رمضان هو شهر التعبئة الجهادية والتحرك للجبهات التي يرابط فيها المجاهدون من اللجان الشعبية والأحرار من أبناء الجيش، هؤلاء الشرفاء والكرماء والمحسنون الذين يقدمون أبهى صور الإحسان بتقديم أغلى وأنفس ما يملكون ويجودون بالنفس -والجود بالنفس أسمى غاية الجود- ويسطرون أروع البطولات أمام أعداء الله وأعداء الدين والقرآن والوطن.
المجاهدون في سبيل الله لم ولن يجادلوا في الحق والدعاة إليه الذين ينادونهم للفوز بعز وشرف الدارين، فالرجال الصادقون مع الله المستجيبون له المعبِّدون أنفسهم لله وحده، لا يرتابون في مواجهة الظلمة والطواغيت ولا يجادلون كما يجادل الكثير والكثير من الناس، لم يبحثوا عن المعاذير والمبررات والشبه التي يستطيعون من خلالها البقاء في منازلهم والنوم على الأسرَّة، بل اختاروا طريق الحق واستعذبوا النوم في المتارس والخنادق وطلبوا الراحة في الشعاب والوديان وتعطروا بغبار الجنة التي اختطوا طريقها واختاروها كإحدى الحسنيين وجعلوا من أرواحهم الطاهرة ونفوسهم الزكية محرابا للانتصار أو معراجا للشهادة.
إن شهر رمضان هو شهر الفرقان والإقدام، فليكن سعي الشعوب المستضعفة كسعي ونفير الشعب اليمني الذي اختار طريق الفرقان بين يمن الإيمان وقرن الشيطان ومشاريع الارتهان للأمريكان وهذا التحرك الشعبي للجبهات والتعبئة الروحية هو الخيار الوحيد للشعوب المؤمنة.. وما يقدمه الشعب اليمني من ملاحم بطولية وصمود أسطوري ومفاجآت تاريخية لهي حجة على كل الشعوب ورواد الفكر المتحرر والقيم النبيلة.
فسلام الله على أرضنا الطيبة وعلى شعبنا المعطاء وشهدائنا العظماء ورجال الرجال المجاهدين والمرابطين يوم ولدوا ويوم يكسرون كل زحف وينكلون بكل مرتزق وخائن ويوم يفوزون بالشهادة.
رمضانُ الجهاد والعطاء، هكذا يقول الكاتب مرتضى الجرموزي، مضيفاً: ها قد أتى رمضانُ والأبطالُ في قمم الجبال والهضاب والوديان والسهول والسواحل والبحار يسطّرون ملاحم النصر ويدافعون عن الدين والوطن والعرض أمام شُذّاذ الأقطار وعديميّ الأخلاق، يرابطون في ثكناتهم وفي ثغور جهادهم الحق في مختلف الجبهات والمحاور الداخلية وفي الحدود، يقعدون للعدو كُـلّ مرصد وفي أرض ميادين القتال يقفون كشُمّ الجبال الشامخة في وجه مليشيا الإرهاب والارتزاق ومن خلفها عبيد الأمريكان والصهاينة.
وتابع: للمرةِ السابعةِ على التوالي، يقضي المجاهدون شهر رمضان المبارك في مواقع رباطهم صياماً وقياماً وتسبيحاً في الغدو والآصال وفي متارس العشق الإلهي يذوبون في حبِّ الله والتضحية في سبيله والمستضعفين، ينازلون أعداء الله، يقارعونهم، يهاجمونَ ويقتحمون ويسطرّون أعظم مواقف الثبات والإيمان، إنهم الرجال الصادقون بوفائهم الجهادي ورباطهم القوي وصبرهم المتشبع بالروح الإيمانية والإخلاص.
وأسهب: يؤثرون على أنفسهم شعبهم وأُمتهم ودينهم وعقيدتهم ولو كان بهم خصاصة من جوعٍ أَو عطش، يسهرون ليل رمضان جهاداً لا يفترون ولا يغفلون عن عدوّهم وعدوّ الأُمَّــة والدين بُرهة، وعيونهم تترقب تحَرّك المعتدين ومن يمولّهم وفي نهار رمضان لا ينامون إلاّ ساعةً تحت حرارة الشمس، يعانون يتعبون ويتألّمون يتوجعون ولا يتأوّهون حتى لا يستسلمون لمعاناتهم.
مضيفاً: يُجرحون ويُقتلون وترتوي الأرض بدمائهم الزاكية وحتى لا تداهمنا كشعب يمني المخاطر يواجهون الأخطار وهم السبّاقون إليها دفاعاً عن كُـلّ طفل وامرأة يمنية أرملة وثكلى وآباء حيارى ومفقودين شهداء وجرحى، كُـلّ هم المجاهدين رجالنا المغاوير هو الذود عن حياض اليمن الأرض والإنسان والعقيدة وأخذ الثأر لمن ظُلموا.. وقبل أن يحملوا السلاح لقتال أعداء الله، كانوا ولا يزالون يحملون قيمَ الدين والإيمان والعقيدة والتوحيد وبنبل أخلاقهم خرجوا فقراء إلى الله، وفي شهر رمضان جعلوا ساعات ليله ونهاره جهادا وعطاء وقرآنا، ومن نفحات هذا الشهر الفضيل ومع إطلالة السيد القائد العلم المجاهد سماحة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي -رضوان الله عليه- من خلال دروس ومحاضرات هدي القرآن والتي دائماً ما يطل علينا قمر بني هاشم العصر في ليالي رمضان، تجد المجاهدين يسألون الله زيادةً في كمال إيمانهم وتماماً لكرم أخلاقهم وحُسناً لنيّاتهم وأعمالهم الجهادية فيسعدون بذلك وتزداد معنوياتهم، وإلى مواقع وثكنات المعتدين والمرتزِقة يغزون ويقتلون الأعداء، حَيثُ وجدوهم يقاتلون ومن رمى بسلاحه الأرض رافعاً يد الاستلام فهم يحسنون إليه أسيراً له ما لهم من حقٍّ.

قد يعجبك ايضا