الحرب في أوكرانيا ليست حرب الأوكران، بل هي حرب الاحتكارات الإمبريالية في الغرب، وروسيا التي تريد أن يكون لها مجال مقارنة بالاحتكارات الغربية التي تريد محاصرة روسيا والصين.
الغرب ( أمريكا بريطانيا وفرنسا وألمانيا ) يقدم أوكرانيا كبش فداء لاحتكاراته، كما قدم أفغانستان في أواخر القرن الماضي وبداية الحالي.
الحرب فضحت الغرب وعرته، فالديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان كلها أكاذيب غربية تروجها وتضحك بها على المغفلين.
هذه الحرب كشفت عنصرية الغرب تجاه الآخر.
الشعب الفلسطيني يظل في معاناة لا تنتهي ولم يلق من الغرب اهتماما يذكر، بل إن الغرب هو من صنع المشكلة الفلسطينية وقيام إسرائيل.
مليونا قتيل في العراق على أيدي الجيش الأمريكي والناتو لم يذكر لهم اسما.
الشعب اليمني يقتل بأسلحة الغرب؛ ثمان سنوات ولم يحظ بالتفاتة إنسانية من الغرب أو أدواتهم.
النازيون الأوكران خمسة أيام حرب والصراخ يملأ العالم!!
لقد بينت هذه الحرب أن الغرب الإمبريالي يجند كل أدواته الدولية لقهر الخصم، بعيدا عما يسمونه القانون الدولي.
فالأمم المتحدة ومنظماتها والفيفا وشركات الطيران والنقل البحري والبري وقنوات التطبيل، كلها أدوات سياسية لخدمة الاحتكارات الغربية، وبالذات الأمريكية.
الأمم المتحدة ومنظماتها هي ذراع سياسي للغرب، كما هو حلف الناتو ذراع عسكري للغرب وعلى رأسه أمريكا، والبنك الدولي والصندوق ذراع مالي بيد الغرب لمحاصرة الشعوب ماليا، والحال من بعضه في المحاكم الدولية.
حظر وسائل الإعلام مثلا يثبت أن الغرب الإمبريالي يتنكر لقيم الديمقراطية وحرية الرأي وتبادل المعلومة، ويغادر المفاهيم التي كان يتباهى بها.
الغرب إمبراطورية أكاذيب كما قال الرئيس الروسي بوتين، ومعه الوسائل الذيلية ومنها وسائل الإعلام النفطي التي تنحاز للغرب ودعاياته على مدار الساعة، ولم تذكر عدوان أوكرانيا على إقليمي دنباس وينيسك، وهي ملكية أكثر من الملك، فهي لا تنقل بمهنية الأخبار عن طرفي الحرب.
وفي إحصائية لقناة روسيا اليوم خلال خمسة أيام من الحرب تقول إن القنوات الأوروبية ضخت مليونا وأربع مئة الف خبر كاذب صادر عن الإعلام الغربي.
يبدو أن العرب لم يتعلموا من تجربة أفغانستان حين حاربوا بالوكالة عن الغرب، لا سيما أمريكا، ثم ارتدت الحرب عليهم بشكل إرهاب؛ فالغرب وأمريكا ومعهم دول النفط الذين مولوا الحرب على أفغانستان هم من صنعوا القاعدة وداعش ومولوها.
الغرب أصبح بدون موارد طبيعية ( ثروات ) ومنذ أن سقط جدار برلين، وقالت أمريكا إن القرن الواحد والعشرين هو قرن أمريكا بامتياز وهم يبرطعون في طول العالم وعرضه، وكان العرب ضحايا هذه البرطعة؛ أسقطوا العراق وليبيا وتونس، ودمروا سوريا واليمن؛ قتلوا صدام والقذافي، ورحلوا بن علي وحسني مبارك وعفاش، وزرعوا الفوضى الخلاقة والدمار في كثير من بلدان العالم. وسرقوا النفط العراقي والسوري والليبي واليمني.
الغرب يريد رسم خرائط جديدة للعالم؛ قسم يوغسلافيا وتشيكسلوفافيا واستولى على شرق أوروبا في وكل هذا لم يكفه فهرول بذراعه العسكري ( الناتو ) باتجاه روسيا.
أمريكا تجبر الأوروبيين على تقبل إرادتها في محاولة لإيقاف تقدم الدب الروسي والتنين الصيني، بل إن أوروبا قارة شبه محتلة مع أمريكا.
روسيا لديها شراكة مع الأوربيين في مشاريع الطاقة وخاصة المانيا مشروع خط ( نورد ستريم ٢ ) وقد جرى الضغط على الألمان من قبل أمريكا أكثر من مرة لتعطيل هذا المشروع لكن الألمان رفضوا تلك الضغوط.
دول أوروبية كثيرة ليس لها ناقة ولا جمل في الحرب الأوكرانية، لكن أمريكا تجبرها على الاصطفاف إلى جانبها.
الأمريكان يخافون من نجاح مشروع الغاز ( نورد ستريم ٢ ) لأن نجاحه ستتبعه علاقات جيدة مع الروس، وأمريكا لا تريد تقاربا روسيا أوروبيا.
أكبر المتضررين من العقوبات الاقتصادية على روسيا هم الأوربيون، خاصة تلك الدول التي تتزود بالغاز والنفط الروسي.. العقوبات هي أسلوب الدول الرأسمالية لسرقة أموال الدول التي ترفض تبعيتها.
الحرب في أوكرانيا هي التعبير الأوضح عن أزمة النظام الرأسمالي الذي وصل إلى طريق مسدود.
الحروب هي تعبير مكثف عن الأزمات السياسية، وهي في نفس الوقت وسيلة للخروج من الأزمات في كثير من الأنظمة.
الدول الرأسمالية في أوروبا ومعهم أمريكا وحلفائها وعدوا دول أوروبا الشرقية بالجنة والنعيم، وساندوا الحكام الفاسدين واللصوص، لكن تلك الشعوب لم تحصل على جنة الرأسمالية، بل وجدوا أنظمة متوحشة وحكام خصخصوا القطاع العام وعيشوا تلك الشعوب في جحيم الأسعار.
الحربان العالميتان الأولى والثانية أشعلتهما البرجوازية الأوروبية، وكان الفقراء هم الضحايا.
يبدو أن المستفيد من الحرب هم الأمريكان، والخاسر الأكبر هو الشعب الأوكراني الذي يتلقى الضربات من الجانبين، وربما يخسر نظامه الحالي.
نتائج الحرب من الآن تشير إلى نهاية القطب الواحد، وبداية نظام الأقطاب المتعددة.