بدون أن تلامس أناملي جرس الاستئذان ،أقول في هذه الذكرى، ذكرى استشهاد القائد حسين بدر الدين الحوثي:لقد أتى هذا القائد الثائر من عائلة علمية تحمل قيماً دينية تسلَّح بها وأنتجت لديه سلوكاً إنسانياً رافضا للفساد والاستعباد والاستبداد وكراهية مطلقة للمشاريع اللا إنسانية التي تروجها مراكز القوى التقليدية المؤمركة بما فيها الوهابية المتوحشة بعد أن تشكلت لديه قناعة ذاتية بالحفاظ على الهوية الإيمانية وعدم التفريط بالسيادة الوطنية .
تجسَّدت لدى الشهيد القائد القيم القرآنية وهي قيم إنسانية ١٠٠% ولهذا السبب انحاز للوطن ضد أعداء اليمن، ضد التوحش التغريبي.
من يعود لارشيف الذاكرة التاريخية صيف 94م سيجد أن المهرجان الذي عقده بصعدة في تلك الفترة شاهد عيان حتى اليوم توِّج بفتوى دينية لوالده العلامة الراحل بدرالدين الحوثي – رحمة الله تغشاه وطيب الله ثراه – الذي جرم من خلالها فتوى الوهابية للزنداني والدليمي ورفض المشاركة في اجتياح ونهب الجنوب ولازالت تلك المواقف المشرفة منحوتة في وجدان الذاكرة السياسية والتاريخية لليمن بشكل عام والجنوب بشكل خاص.
تلك المواقف نابعة من إيمانه العميق بتلك القيم الجميلة بعد أن كان على إدراك بمشاريع وأطماع اللوبيات الصهيوأمريكية وأدواتها الإقليمية في الخليج أو في النظام بالداخل وكافة الأجندات التابعة لها.
الشهيد منذ وقت مبكرا كان مدركاً للخطر الأمريكي المحدق بالمنطقة الشرق أوسطية واليمن تحديدا ويعي مخططاته القريبة والبعيدة المدى من خلال اطلاعه المستمر على كتب التاريخ والاقتصاد إضافة لتجربته البرلمانية ومعايشته للوسط السياسي في تلك المرحلة والتي أفرزت لديه نضوجا سياسيا وثوريا متقدما ..على ضوء ذلك وضع خارطة طريق لثورته بدءاً من مدرسة ثورية لتجسيد القيم ذات الطابع الوطني والإنساني والايماني، أي التي تسلح منهجاً وسلوكاً، فكانت عاملا لأن يتخذ قرارا بتفعيل وتنظيم ورفع درجة نشاط تلك المدرسة ( الشباب المؤمن ) بعد أن وضع مشروعا لإدارتها على ضوء ظروف الواقع .ومن ثم غادر البرلمان وتفرغ لتلك المدرسة بهدف بناء الحلقات الثورية لتكون المدماك الأول لثورة الوعي باعتبار توسيع الوعي الجمعي والإيمان بتلك القيم يصنع وصنع ثورة لم تنطفئ حلقاتها حتى اليوم .كان هذا العمل مزعجاً للكوكتيل الغربي وللنظام ذاته في صنعاء الذي تأسس عام ٧٨م وهو نظام يحمل ماركة أمريكية سعودية وغارق بالفساد والإرهاب والولاء لتلك القوى الإمبريالية والرجعية.
ولم يبق أمام تلك القوى الإمبريالية غير محاولة إجهاض مشروع الشهيد القائد، ومنها استقدام المجاميع السلفية المتوحشة إلى منطقة دماج بدعم أمريكي سعودي وبإشراف قائد العصابة العميقة بالداخل “الصريع” علي عبدالله صالح وبجانبه المجرم علي محسنن وجزء من أهداف تلك الإمبريالية القتل لمدرسة الشهيد، لكن إرادة الشهيد كانت أقوى من تلك الأعمال المضادة .ونظرا لاستمرارية الشهيد في هذه المدرسة الثورية والوطنية، فقد كان ذلك يشكل كابوسا مزعجا لتلك القوى الإمبريالية وأدواتها الإقليمية والداخلية خصوصا عندما يسمعون صرخته الثورية:((الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل ….إلخ)).
بلا شك تلك الصرخة شكلت كابوسا مرعبا لتلك القوى المضادة لمدرسة الشهيد ولم يبق أمامها سوى اتخاذ قرار بتصفية هذا الشهيد القائد ومن تتلمذ على يديه، غير مدركة أن ذلك سوف يتحول إلى جدوى تأسيس للمشروع الثوري والقرآني للشهيد العظيم.
على ضوء ذلك شنت السلطة حربا ضده دون مبرر لكونه رفض الظلم والفساد، لكنه استطاع وضع حجر الأساس لثورة القرن الواحد والعشرون في بلدنا ضد غطرسة النظام الفاسد الذي تأسس ويدار بالريمونت كونترول من المطابخ السعودية والأمريكية .هذا الموقف للشهيد هو موقف ثائر ضد الهيمنة الأمريكية ولم يساوم أو يتراجع، بل ظل صنديدا عنيدا حتى فاز بالشهادة .. هنا نقطة الانطلاق لمشروعه الثوري ضد الفساد والإرهاب ومن يقف خلفهما من الأمريكان وبقية اللوبيات الصهيونية .ونظرا لازدياد درجة الهلع والخوف لد قوى الاستكبار من تلك المواقف الثورية للشهيد القائد ومدرسته، فقد استمرت غطرستهم بشن حروب ظالمة على صعدة ولكن أصبحت عاملا لتنامي ثورته حتى أن إسرائيل شنت حربا على حزب الله في العام 2006م وهي امتداد لمشاريع الهيمنة الصهيوأمريكية بالمنطقة، لكن موقف الشهيد حسين جذَّر لغة وثقافة المقاومة المضادة لتوحش الإمبريالية.
صرخة الشهيد
على هذا الأساس أعتبر أن صرخته هي صرخة ثائر، أنجبت ثورة لازالت حلقاتها حتى اليوم تقاوم دول العدوان، ( وستظل تلك الصرخة تهز عروش المستكبرين.هي صرخة ثائر وهب حياته للدفاع عن الكرامة والحرية ،هي صرخة ضد الاستبداد والاستعباد ضد اللصوصية والفساد.هي صرخة أسست مدرسة ثورية، كل لحظة يتخرج منها 1000 ثائر .
هي صرخة أفزعت جارتنا المؤمركة المتصهينة ،هي صرخة ثائر قال لا وألف لا للتفريط بالسيادة الوطنية.هي صرخة ثائر قال لا وألف لا للعسقبلية المتغطرسة، هي صرخة ضد القتل والنهب والفساد والإرهاب.
هي صرخة لأجل إقامة دولة عادلة لا دولة تطرفية تدار بالريمونت كنترول من سفارات الرباعية، هي صرخة ثائر ضد تجار الحروب .. هي صرخة تهدف لإيجاد حل عادل لمجمل القضايا الوطنية برمتها . .هي صرخة لأجل تعميق وتجذير ثقافة الحوار والحب وليس لأجل ثقافة الإرهاب الدموي المتوحش، هي صرخة مظلوم ضد الظالم .
إذاً تلك الصرخة هي أول شرارة لثورة القرن الواحد والعشرين باليمن .
تلك الصرخة هي اليوم مستمرة ضد العدوان الذي تشنه القوى الإمبريالية والرجعية بقيادة الكيان السعودي.
إن هذا الشهيد كان عميقا بفكره المستنير ورجلاً سياسياً حتى النخاع وكان شخصية تحمل مبادئ جميلة لإنقاذ أمة.
من يعود لقراءة محاضراته المدَّونة في كتيبات الملازم سيجد ترجمته المتقدمة للمستقبل وكأنه حاضر بيننا اليوم، ونتمنى أن نستفيد من مخرجات فكره الثوري والغوص بعمق في ما بين السطور، لأنها مخرجات إنقاذية لأمة .مسك الختام، بهذه الذكرى أقول: كما كان الشهيد القائد عظيما في مواقفه الإنسانية والوطنية وبهذه الصفات الرائعة وهو اليوم من وجهة نظري حاضر معنا كمشروع ثوري توعوي جميل في التصدي لقوى العدوان من خلال مسيرته القرآنية والثورية ونحن على دربه سائرون سنستمر بإطلاق صرخته المدوية ونقولها بأعلى صوت من أقصى الشمال لأقصى الجنوب: ((الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام)).
وكل من هو مؤمرك أو متسعود ومع العدوان، يشرب من ماء البحر ..
نائب وزير الإعلام