اتخذ قرارات جريئة.. وحقق قدرا معقولا من الأمن

قال الدكتور عمر العمودي –رئيس قسم العلوم السياسية بكلية التجارة جامعة صنعاء: إن انتخاب الرئيس عبدربه منصور هادي في 21 فبرير 2012م جاء في ظروف استثنائية ومشاكل مختلفة تضرب بمداميكها في كل وجه من أوجه الحياة.
وأضاف في حوار مع “الثورة” أن محاولات هادي خلال الفترة الماضية جاءت من منطلق أنه شخص توافقي ويحظى بالتقدير من الآخرين حيث قام بإدارة الفترة الانتقالية وصولا إلى الدستور الجديد الذي سيحدد ما هي اليمن بحسب إقرار الشعب.. مشيرا إلى أن المرحلة التي أدارها الرئيس هادي أوجدت حدا أدنى ومعقولا من الأمن.
كما تحدث الدكتور العمودي حول فترة إدارة الرئيس هادي وما رافقها من تغيرات وأحداث وكيف تعامل هادي مع الملفات الشائكة وحول أسلوب رئاسته لمؤتمر الحوار الوطني وغيرها من القضايا.. تقرأونها في السطور التالية:

* بداية.. مر عامان على انتخاب الرئيس عبدربه منصور هادي لإدارة المرحلة الانتقالية.. ما هو تقييمك لهذه المرحلة¿
– الحقيقة المرحلة التي جاء فيها الرئيس عبدربه منصور هادي أرى أنها كانت مرحلة عصيبة وشديدة التعقيد وشديدة الاختلالات الأمنية والصراعات.. كنا مقبلين على حرب أهلية لولا قبول المبادرة وكون الشعب وافق على هذه المبادرة هذا يعني أنه يؤيد الرئيس التوافقي عبدربه منصور هادي.
الصعوبات التي واجهها هادي كثيرة.. لقد جاء الرئيس هادي والخزانة العامة في حالة ضعف وانهيار جاء والأمن في حالة ضعف كبير جاء والجيش في انقسامات جاء وأوضاعنا المختلفة في تدهور ومشاكل تضرب بمداميكها في كل وجه من أوجه الحياة.. فالرئيس هادي اجتهد مع الحكومة الانتقالية.. ومن تعاون معه في حدود الممكن.. ماذا يستطيع أن يعمل في ظل هذه الأجواء والظروف¿¿ فهو حاول من منطلق أنه شخص توافقي ويحظى بالتقدير من الآخرين فحاول أن يداري من أجل تمرير الفترة الانتقالية وصولا إلى الدستور الجديد الذي سيحدد لنا ما هي اليمن بحسب إقرار الشعب.. وأنا لا استطيع القول أن هناك إنجازات لأنه من أين تأتي الإنجازات بموجب الظروف المحيطة المأساوية والعصيبة.. وفي رأيي أن هذه المرحلة أوجدت حدا أدنى ومعقول من الأمن ويكفي أن الحاضرة صنعاء بدأت تجمع أوضاعها وبدأت بإزالة التقطعات والتحديات وهذا اعتبره من أهم الإنجازات.. والحاضرة دائما إذا انهارت في أي دولة تنهار الدولة وخاصة إذا كانت الدولة دولة موحدة بسيطة لأن العاصمة هي الرمز لكل الدولة وتاريخها.
ويجب أن نعرف جهد الرئاسة يجب أن يستند على عناصر مخلصة ويجب أن تتضافر الجهود حوله لأنه لا يستطيع شخص أن يجلس في مكتبه ويحرك الأمور وكأنه يمتلك خاتم سليمان أو عصا سحرية.
21 فبراير
* كيف تنظرون إلى يوم 21 فبراير كيوم انتخابي استحقاقي للمواطنين¿
– في يوم انتخاب الرئيس هادي يوم 21 فبراير كنت أسأل شخصيات أكثر علما مني بالخبايا وما يجري على أرض الواقع عن ماذا يرونه في يوم الانتخاب هل سينتخب الشعب وما هي النسبة.. فكانوا جميعا وبلا استثناء يرون أن الرئيس ربما لا يحصل على أكثر من 20% من أصوات المشاركين في الانتخابات وليس من أصوات الناخبين بصورة عامة.. لكن أثبتت الأيام أن رؤية هؤلاء مليئة بالتشاؤم لأنها رؤية ناس متابعين للأحداث ومرتبطين بأحزاب وغير متابعين لتطلعات وآمال الشعب اليمني.. شعوب العالم 80% منهم يريد الأمن والنظام والقانون.. أكثر ما نعانيه هي صراعات مزروعة من أحزاب لهم مصالح وأجندات ولهم أبعاد إقليمية وقبلية وعائلية.. هذه السياسة التي تسمى السياسة الحراكية العملية ومن يحركها أكثرها في كل الدول لا تعبر عن صميم ما يريده الأغلبية من أبناء الشعب.. ماذا يريد 80% من أبناء الشعب¿.. يريدون أمنا واستقرارا ومعيشة كريمة وخدمات ويريدون حياة معقولة ومشاركة معقولة.. ولا يريدون بلادهم أن تعيش في دوامة من العنف والتقطع والتغريب والضرر.
المواطن يصل في مرحلة من المراحل إلى التعب.. مرحلة تقسيم البلاد إلى أقاليم وفي صناعة الدستور إذا طالت فإنها قد تطرأ علينا مشاكل وأمور لم تكن في الحسبان.. المواطنون يريدون العودة إلى حياة الدولة المستقرة.. والسياسة والشأن العام حراك وصراع وتنافس وأحيانا أخطر ما في الصراعات الحزبية أن تتغلب المصالح الشخصية والحزبية على المصالح الحزبية.. والحزبية والتداول السلمي للسلطة ضرورة لاستقرار المجتمع وتطوره ونموه وضرورة للمشاركة وترسخ مؤسسات الدولة.
توافق الفرقاء
* ألا ترى أن انتخاب هادي وتوافق الفرقاء السياسيين جنب اليمن الكثير من المهالك¿
– في رأيي نعم.. لأنه رئيس توافقي.. ولو كان رئيس غير توافقي لاستمرت التحديات.. وهادي جاء برضاء الجميع.. ولكن لم يلتف حوله الجميع لقد التفوا عليه ولم يلتفوا حوله وإلى جانبه فمثلا حكومة التوافقية عليها أن تعمل للمصلحة العامة لليمن وتمرر الأمور العامة بدون حزبية لكن كما نسمع أن هناك مداخلات حزبية وتعصبا حزبيا.. حتى الرئيس يمارس عليه نوع من الضغوط إذا قام بتعيين وكيل وزارة من جهة عليه أن يعين وكيل وزارة من جهة أخرى.. أنا أرى أن هذا الرجل ساهم بمجيئه –وإرادة الله سبحانه وتعالى- في إيقاف العنف وإيجاد المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية.. أنا لا أقول أن أي مبادرة تخلق من أجندات إقليمية ودولية أو تحركا دوليا يخلو من مصالح الدول الكبرى.. لكن هل كان في وقته مفيدا لنا.. أنا في رأيي في تلك الفترة التي بدأت البلد تتمزق وأشرفت على حرب أهلية أنهم قاموا بدور قد يكون في صالحهم ولكن نحن نرى في صالحنا أكثر وعلينا أن نستثمره وقد استثمرناه وانتهينا بوثيقة الحوار الوطني التي لو كنا نعز اليمن ولدينا وطنية وقيم إسلامية فعلينا أن نجسد هذه الوثيقة في الدستور الجديد وتحدد معالم هذه الوثيقة في الدستور ويستفتى عليه الشعب وبعد ذلك انتخابات رئاسية برلمانية والشعب يختار من يريد.. وأعتقد أنه قد يمنع الرئيس هادي من الاعتذار عن مواصلة الجهود.. لماذا¿.. لأنه ارتبطت به أمور معينة وسيرغم على مواصلة المسيرة لفترة واحدة على الأقل قادمة لكي يتجسد الدستور والنظام والقانون ولكي تتضح معالم التقسيم الإقليمي.. الذي أراه أنه خيار واقعي معقول.. لأننا فشلنا للحصول على خيارات أفضل ولا أدري من لديه خيار أفضل.. إلا إذا كان هناك من يرى أنه ممكن أن يحسم الأمور بالقوة والدم وسيفرض إملاءاته واجنداته وسيعيد لليمن صورتها كدولة بسيطة ولكن بالقوة والإرغام.. وهذا صعب وغير قابل للتحقيق في عصرنا الحاضر التي تداخلت فيه حقوق الإنسان بالدول الأخرى وارتبط العالم بالمدينة الكوكبية المتداخلة في كل شيء.
طاولة الحوار
* ماذا عن دور هادي في استقطاب الفرقاء السياسيين إلى طاولة الحوار.. والاتفاق على خارطة طريق للانتقال السلمي للسلطة¿
– أنا في رأيي أن من أكبر نجاحات الرئيس هو نجاحه في رئاسة مؤتمر الحوار الوطني أنا كنت أتوقع من شدة الصراعات أن لا يحدث.. وحتى عندما بدأت الجولات والمناورات والأحاديث أقول في نفسي من يتوقع أن يتوحد هؤلاء الناس على مخرجات واحدة أو على وثيقة عامة واحدة وهم في حالة من العصف والصراع الفكري والضجيج.. ولكن ثبت أنه أيضا هؤلاء الناس يعرفون أيضا أن اليمن وشعبه تعب وإذا كانوا فعلا لهم علاقة بالشعب ومصلحة الشعب واستقراره فعليهم أن يراعوه.. صحيح أن الناس خرجوا وأن الوثيقة لا نستطيع القول أنها تامة شاملة موافق عليها الجميع.. لكنها تمثل أغلبية من شارك في مؤتمر الحوار الوطني الشامل.. وعلى كل من يهمه أمر اليمن ووحدته وأمنه واستقراره أن يجتهد وأن يقدم كل واحد ما عليه من موقعه وحسب قوته.. وأملي كبير أن نرى الدستور يتجسد قبل أن تظهر معالم التقسيم الإقليمي.. توضع في الدستور نوع الدولة ونظامه السياسي ومن ثم نرى رأي الشعب اليمني.. وأرى أن الأغلبية تريد الحياة المستقرة الآمنة.. وقد تعبنا وتدهورت صورتنا في الخارج.. يجب أن نعيد بناء بلدنا في الخارج لكي نعتز بأنفسنا.. ولا أنتظر السماع أن اليمنيين في حالة فقر وأن 60% تحت خط الفقر والمسؤولين يطلبون المساعدة في كل دولة من الدول التي يزورونها.
ملفات شائكة
* هل استطاع الرئيس هادي إدارة الملفات الشائكة كقضية الجنوب وصعدة وغيرها¿
– في رأيي أنه أدارها…. والمستقبل ستكون معالمه أوضح.. وقد عمل الرئيس هادي على تهدئة الوضع تقريب الناس من بعضهم البعض.. وتدخله الآن في الصراعات الحالية في بعض المناطق اليمنية لا يزال مقبولا لكنا نريد من الرئيس أن يبدأ في تحريك العناصر المخلصة حوله.. وأهم شيء الجيش يجب أن يكون قويا ويبدأ بما يستطيع عمله.
عامل متردد
* الأحزاب والقوى السياسية هل كانت عامال مساعدا إلى جانب جهود هادي لإنجاح مؤتمر الحوار الوطني¿
– جانب كبير منها كان عاملا مساعدا مع التردد.. وأعتقد أن الذي ينتقد الرئيس هادي من بعض الأحزاب أو مستاءة منه أعتقد أنه لا يحمل له حقدا دفين لكنه لم يحصل منه على ما يريد فيبدأ ينتقده.. أنا في رأيي الأحزاب تجاوبت بشكل نسميه إلى الآن أعتبره معقولا وليس جديرا بالتقدير والشكر والعرفان.
جريئة وصعبة
* البعض يقول إن قرارات هادي كقرارات هيكلة الجيش وغيرها كانت قرارات جريئة في أوقات صعبة.. ما تعليقك¿
– أنا في رأيي أن القرارات لم أكن أتوقعها.. ويجب أن نعرف أن دائما من يتضرر من قرار ويستفيد من قرار آخر المتضرر يظل غير راض ويقاوم.. وأقصد أن هذه القرارات جريئة ونريدها أن تستمر على أن تكون قائمة على أساس التوازن والتوازن والإنصاف للكل.. بلادنا تحتاج إلى تسامح وإلى نكران الذات وأن نعمل جميعا ونقدم تنازلات صعبة ومؤلمة لليمن.. والتنازلات ما دامت لبلادنا ولمصلحة أولادنا وأحفادنا وما نندم عليه الآن قد نعتبره شرعيا وغاية في الحكمة فيما بعد.. أقصد أن إعادة الهيكلة يجب أن تستمر ويجب أن تسرع الخطى في تكوين العناصر القادرة نريد عناصر من قوات الأمن والجيش موحدة الهدف والطاعة ولها قيادة واحدة.. لا نريد فرقا عسكرية ضد بعضها.. وأريد جيشا يحتوي على 350 ألفا وهو موحد التنظيم وعصري وحديث ويعمل كل أبنائه في الميدان وليسوا في البيوت في رأيي أنه يستطيع أن يبني اليمن.. فمثلا يجب أن نرى أثر الهيكلة في الحاضرة صنعاء من خلال تأمينها أمنيا وإداريا.. ولو كانت مؤمنة كاستعادة قوة المرور والنظام والمسلحين لا يستطيعون التجوال في العاصمة.. نريد أن نرى آثار الهيكلة في حواضر اليمن كصنعاء وتعز وعدن والحديدة والمكلا والمناطق المهمة.. نريد أن نرى وجود الدولة ونبدأ بالأهم ثم المهم ثم نتطور.. لا شيء يحدث في قفزة واحدة أو في يوم واحد.
علاقات مختلفة
* في آخر هذا الحوار.. ما هي الإجراءات التي يجب تنفيذها خلال المرحلة القادمة¿
– في رأيي على الرئيس أن يوسع علاقاته والتواصل مع مختلف التيارات والقوى.. ويبدأ كل من يؤيد وثيقة الحوار الوطني العمل.. والنقاش الذي يحتوي على التفاؤل.. وبالبلورة شيئا فشيئا سنرى أننا وصلنا إلى أمور كثيرة مهمة.. وفي رأيي يجب أن يكون الرئيس الدينمو المحرك وأن يتحرك الذين حوله.. الرؤساء الأقوياء يجعلون وزراءهم بإشارة منهم يتحركون لأسبوع.. نريد حركة من الوزراء ونوابهم ومن زعماء الأحزاب الذين يريدون الخير لليمن.. إذا كان كل زعيم لحزب لا يريد إلا حزبه فلن نصل إلى ما ننشده.. كلنا نؤمن بالله تعالى وكلنا لا إله إلا الله محمد رسول الله.. الصراعات المذهبية والدينية تخدم المتنفذين لأنهم يريدون أن يبرزوا ويريدون السلطة والثروة والقوة.. وأنا في رأيي أن أغلب هذه الصراعات مصطنعة ولا تمت بصلة إلى حقيقة الإسلام الدين السماوي المنهج الرباني والعقيدة الوسطية التي تقوم على التسامح لا شرقية ولا غربية كلنا أخوة.. حتى في مجال السنة والشيعة أقول لا شيعية ولا سنية كلنا وحدة إسلامية.

قد يعجبك ايضا