يرى أغلب المراقبين أن العلاقة بين “الصديقين اللدودين”، ولي عهد السعودية محمد بن سلمان، وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، ليست كما يحاول هذا الثنائي إظهارها على أنها ودية ، أو على أنهما حليفان، لا يزعزع تحالفهما شيء ، بسبب “غيرة” إبن سلمان، من نموذج الإمارات، الذي أصبح مركز أعمال إقليمي، يستقطب الشركات والاستثمارات من كل مكان، نظرا لما تتمتع الإمارات به من استقرار وأمن وانفتاح.
ابن سلمان، ومنذ أن فرض نفسه بالقوة على المشهد السعودي، لم يهدر يوما واحدا دون أن يستغله لفرض إرادته على باقي دول مجلس التعاون في الخليج الفارسي، بدءا بالبحرين، التي تحتلها قوات سعودية، ومرورا بالكويت، التي هددها ابن سلمان أكثر من مرة على خلفية قضية حقل خفجي النفطي المشترك بين البلدين، وانتهاء بفرضه الحصار على قطر ومحاولة غزوها، واليوم يبدو أن دائرة ابن سلمان تدور حول الإمارات.
اتخذت سياسة ابن سلمان في التعامل مع الإمارات مسارين، المسار الأول اقتصادي صرف، والمسار الثاني عسكري، وهدف المسارين ضرب النموذج الإماراتي وإفشاله، لتمهيد الأرضية أمام النموذج السعودي البديل، الذي سيقوم على أنقاض النموذج الإماراتي.
على المسار الاقتصادي، يقول خبراء الاقتصاد، ان السعودية شهدت في الآونة الأخيرة تغييرات متعددة، كان أبرزها تعديل التعرفة الجمركية على المنافذ الحدودية السعودية، وهو ما أثار استغراب الإماراتيين، كما قررت السعودية التوقف عن منح عقود حكومية للشركات والمؤسسات التجارية العالمية التي توجد مقراتها الرئيسية في أي دولة أخرى بالشرق الأوسط، وبناء على ذلك بدأت على سبيل المثال شركات الإعلام السعودية المملوكة للدولة التي توجد مقراتها في دبي في نقل الموظفين إلى الرياض، بهدف تحويل السعودية إلى مركز أعمال إقليمي.
أما على المسار العسكري، فقد نجحت السعودية في استغلال العداء الغريزي الإماراتي لجماعة الإخوان المسلمين، لتوريطها في العدوان على اليمن، لتصبح أبوظبي تحت رحمة القوات المسلحة اليمنية، ويصيبها ما أصاب السعودية من ضربات استهدفت منشآت ومواقع استراتيجية، وعندها ستفقد موقعيتها وأنموذجها، وفي مقدمتها الاستقرار والأمن.
ولكن يبدو أن ابن زايد كان أذكى من ابن سلمان، فصحيح أن الأول شارك في العدوان على اليمن بدفع من الثاني، إلا أن الأول، كانت له أيضا أهدافه الخاصة من وراء العدوان، وهو السيطرة على جزر وموانئ اليمن، وعندما حقق أغلب أهدافه ، حاول التخفيف من تواجد قواته في المناطق الأخرى من اليمن، من خلال دعمه الانفصاليين في الجنوب، لتجنب المخاطر التي قد تهدد نموذجه الاقتصادي، من جانب القوات المسلحة اليمنية، وهذا الذي حصل بالفعل، فقد تحولت السعودية إلى هدف شبه يومي للصواريخ والمسيرات اليمنية، ألا أن الإمارات ، بقيت في مأمن، وهو ما استفز ابن سلمان.
تُرى ما الذي حدث وجعل القوات المسلحة اليمنية تستهدف الإمارات ومدنها الزجاجية؟، ولماذا جازف ابن زايد هذه المجازفة التي ستذهب بكل جهود الإمارات على مدى 50 عاما؟، ومن هو المستفيد الأول والأخير من انهيار النموذج الإماراتي، وإعادة الإمارات 50 عاما إلى الوراء؟. من المؤكد أن هناك من ورّط ابن زايد، رغم ما هو معروف عنه من حذر، فهل استغل ابن سلمان عداء بن زايد الغريزي للإخوان المسلمين ، مرة أخرى، وخوفه من احتمال سيطرتهم على بعض مناطق اليمن؟، أم أن ابن سلمان لجأ إلى الأمريكيين والإسرائيليين، ليقوموا بمهمة توريط ابن زايد؟، مهما كانت طبيعة الأجوبة على هذه الأسئلة، فإن ابن سلمان سيكون حاضرا في جميعها ، مع حضور أمريكا و”اسرائيل” وطموح ابن زايد، في بعضها.