إن الخطر الحقيقي الذي يهدد أي وطن هم أولئك المرتزقة الذين يحملون وللأسف الشديد زورا وبهتانا صفة المواطن , وإذا كنا نريد بناء دولة حقيقية بالمفهوم الحديث فإنه يلزم أصحاب القرار عدم الاعتماد على المرتزقة بل وتنظيف مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية والأمنية من ذلك السرطان الخبيث الذي ينهش جسد الأمة ويشل قدرتها على تحقيق النهضة ويعيق تقدمها ورقيها, ليس ذلك فحسب بل ويؤخرها كثيرا في الحسم والنصر على العدو اذا ما تعرضت البلاد للغزو والعدوان, وتتحمل الدولة مسؤولية غرس الوطنية وزرع الولاء وتعليم وتعميق مبدأ الانتماء للوطن في قلوب كل أفراد الشعب حتى يكون ولاء الجميع للوطن دون سواه، لأن وجود شرذمة من المواطنين يعملون كمشاريع مرتزقة وسماسرة تحت تصرف من يدفع أكثر في صفقة بيع الأوطان ذلك فمكمن الخطر!! فصمام أمان الدولة في وطنية جميع أبنائها, وتلاحمهم بمثابة الدرع والصخرة التي تتكسر عليها مختلف الصعوبات الداخلية وجل المؤامرات الخارجية .. إن المرتزقة لا يعترفون بدولة ولا سلطة القانون ويحتكمون لمنطق الغاية تبرر الوسيلة لذا نجد فيهم أخلاق اللذة والمنفعة الدونية الدنيئة, فالمرتزقة مجردون من منظومة الأخلاق الدينية والوطنية والإنسانية ومصيرهم الزوال والفشل والاندثار طال الزمن أم قصر ، لأن وجودهم يتصادم مع النواميس التي تحكم الكون والعمران .
والمرتزقة صنفان فمنهم صنف يتم جلبهم من الخارج , وصنف ثان – وهو أخطرهم – وهم من يتواجدون بين ظهرانينا ويحملون بطاقات هويتنا وجوازات سفرنا ، ويتحدثون لساننا , ولكن مواطنتهم مزيفة لأنهم وصوليون ومتسلقون وانتهازيون ومصلحيون , الوطن عندهم مجرد محطة للثراء ، بهدف الانتقال إلى وطن آخر يشترون جنسيته بما نهبوه من وطنهم الأم .حتى أن البعض منهم بفساده وإتقانه فن التسلق والانتهازية قد وصلوا إلى مراكز حساسة في هذا البلد أو ذاك , ومن سوء حظ بعض الأوطان أنها فشلت في إنتاج الفرد المواطن ونجحت في إنتاج فئة من المرتزقة !!
إننا بحاجة اليوم إلى ثورة حقيقية تعيد بناء العقليات وتزرع منظومة قيم جديدة أساسها الحس والواجب الوطني والالتزام تجاه الوطن بعيدا عن الخيانة والعمالة للخارج التي تدمر الأوطان وتنهب الثروات وتهجِّر الشعوب من أوطانها بسبب الحروب التي غالبا ما يكون أساسها أولئك المرتزقة من أبناء الوطن نفسه فليس أشد خطورة على الوطن من أبناء الوطن المنحرفين أنفسهم .. إن هؤلاء المرتزقة ممن يتخفون وراء ستار المواطنة لا يبدا منهم الا كل شر, والتاريخ مليء بالوقائع والأحداث , والعبر والعظات لأولئك الخونة الذين كانوا سوط عذاب مسلط على أبناء وطنهم , وجلبوا الويلات والخراب لبلدانهم فيحصد الجميع ثمار ذلك الخراب ولا يستثن من مرارته أحد , إننا متى تركنا الحبل علي الغارب لأولئك المرتزقة نكون قد عبَّدنا الطريق أمام دولة الخراب , نعم الخراب الذي قد يأخذ شكل حرب أهلية ، أو تفشي ظاهرة النزاعات الانفصالية , وأكرر الحذر ثم الحذر من المتسلقين والانتهازيين فهؤلاء لا ولاء لهم إلا لمصالحهم وليسوا سوى طفيليات ومرتزقة !!» حفظ الله اليمن وشعبه .