لم يعد لدينا ما نخسره
يكتبها اليوم / عبدالرحمن مراد
قبل سنوات قال الرئيس الشهيد صالح الصماد في خطاب له مخاطباً العدوان : “ليس لدينا ما نخسره ، لم يبق لنا في اليمن سوى الكرامة ، ومن المستحيل التفريط فيها , والمبدأ الذي نحن عليه هيهات منا الذلة , وكرامتنا من الله الشهادة” ، لكن قادة دول التحالف وعلى رأسهم السعودية لم يفقهوا ما قاله الصماد ، وقد كان واضحاً معهم وناصحاً أميناً، وها هو الواقع اليوم يقول لهم ذات الكلام لكن بصورة قاهرة وموجعة، ولعل الدول التي تشارك السعودية عدوانها على اليمن لم يصبها من الوجع إلا النزر القليل، أما السعودية التي تقود العدوان فيصلها الوجع كله .
لم تفقه السعودية ولا أظنها تفقه أن عدوانها بلاء عليها من الله شديد، وهي في محك بلاء النعمة، وقد أوكل الله مهمة عقابها لأهل اليمن، وكذلك الطغاة في كل حقب التاريخ يستصغرون الأشياء، ويعمهون فيمدهم الله في طغيانهم حتى يبلغوا أسباب الهلاك فيهلكوا، وقد تعاظمت وتكاثرت من حولهم الأسباب التي توجب الهلاك، منها منازعة الله كبرياءه وسلطانه والمجاهرة بالمعاصي في قتل أهل اليمن وتدمير مقومات حياتهم , وفي الفساد الأخلاقي والقيمي، وفي فساد المعتقدات التي صدَّرها قرن الشيطان من نجد إلى كل بقعة من بقاع الأرض فكانت سبباً في هلاك الحرث والنسل وإشاعة الفساد في الأرض، فالله من سننه أن لا يهلك القرى إلا إذا كان أهل القرى ظالمين، فهو يربأ بنفسه أن يهلك القرى وأهلها مصلحون , لذلك من بلاء الله أن ظهر السديس مؤيداً لما يقوم به قادته من قتل وتشريد لليمن وللعرب والمسلمين أجمعين، وكان مؤيداً حالة الانصهار في أحضان أعداء الأمة دون اكتراث، في حين ظهر عادل الكلباني في إعلانات هيئة الترفيه السعودية كمبرر ومحلل لكل حالات الانفلات الأخلاقي والمروق من الدين، فإذا كان أهلها – وهم من أبرز الرموز التي يعول عليها الإصلاح- يظهرون على هذا النحو من الفساد والانحراف فما عسى حكام البلاد أن يكونوا ؟؟ أليس ذلك نذير هلاك يريد الله تحقيقه وفق سننه وقوانينه التي فطر الله الكون عليها وبث بعض أسرارها في كتابه الكريم ؟.
اليوم تصر مملكة الشر على قصف صنعاء، وصعدة، والحديدة، ومارب، وكل اليمن، وتصر على القتل والتدمير، فقد كانت تصوراتهم وغرور القوة تقول لهم بقدرتهم على احتلال اليمن في ظرف ساعات قليلة، وهي تصريحات قالها ناطق التحالف المسمى العسيري بداية العدوان، وقد باتت اليوم مادة للسخرية على منصات التواصل الاجتماعي ليس من أهل اليمن بل من غيرهم، وفي ذلك آية لقوم يعقلون .
لم تعد صنعاء تخاف الغارات ولا صعدة ولا كل مدن اليمن، فقد اعتادوها، وهم اليوم يملكون زمام المبادرة، ويُدمون مُقلة الأسد، أو من كان يظن في نفسه أسداً في عرينه، فالرياض وجدة وكل مدن المملكة تحت مرمى النيران من الجيش واللجان الشعبية، وقد تغيرت المعادلة بشكل لم تتوقعه الدول الصناعية الكبرى، فما بالك بدولة مملكة الشر التي لم تقرأ القرآن ولم تتدبر آياته، ففيه من العظات والعبر ما يجعل القوم يعقلون أو يفقهون لكنهم قوم لا يعقلون ولا يفقهون .
تستهلك مملكة الشر نفسها اليوم في فراغ ، وقد خرج متحدثها العسكري كي يقول إن قصف الأحياء السكنية أصبح مبرراً لأن تلك الأحياء يستخدمها الحوثيون كمناطق عسكرية – حسب قوله – وقد خاب وخسر وقال بهتاناً وزورا , فقد كان يبرر عجزه وسقوطه الأخلاقي وفشل أجهزته الاستخبارية وفشل المعلومات الاستخبارية التي تأتيه من إسرائيل، ذلك أن إسرائيل تحرص على سفك الدماء أملاً في ظهور مخلصهم كما في معتقدهم، وأمريكا تحرص على انتهاك الحقوق المدنية والتورط في قضايا إنسانية مما يمكن إدراجه في قوائم جرائم الحرب حتى تتمكن من فرض ثنائية الهيمنة والخضوع على النظام السعودي حتى لا يخرج من مربعات الامتثال والطاعة لبريطانيا والبيت الابيض .
ألم يعلم قادة مملكة الشر أن اليمن لم يلن جانبها في بداية العدوان وهي في أدنى مراتب الضعف، فكيف يلين جانبها وهي تشعر اليوم – بعد كل هذه السنوات من العدوان – بالقوة وبالتحكم بمفاصل اللحظة والسيطرة على مقاليد المستقبل، فالنار التي أحرقت أرضها حولتها إلى قوة صلبة لا تلين، ولم يعد بمقدور العدوان ولا الدول الكبرى السيطرة على المارد الذي خرج من قمقم المذلة إلى فضاء العزة والكرامة .