تشهد وزارة الشباب والرياضة وبالأخص قطاع الرياضة مع الاتحادات الرياضية هذه الأيام حراكاً غير طبيعي واجتماعات متواصلة وانعقاداً دائماً وتصريحات نارية من المشاركين في الاجتماعات، والهدف ليس ما تتخيلونه انتم أو ما يقال عبر وسائل الإعلام انه لتفعيل نشاط الاتحادات ومعالجة أي إشكاليات تعترض سير العمل والنشاط، لكنه -أي الهدف من كل ذلك – هو كيفية التحايل على صندوق الرعاية لاستخراج أي مخصصات للاتحادات لإقامة بطولات آخر العام المتعارف عليها والتي صارت عادة سنوية للكثير من الاتحادات.
هذه الاجتماعات المتواصلة والتي يجهد قطاع الرياضة نفسه في التحضير لها بل ومحاولة استحضار من يقدر عليه من مسؤولي الاتحادات والجمع بين المتخاصمين منهم للوصول إلى الهدف الاستراتيجي المتمثل في الحصول على نسبة القطاع من مخصصات البطولات سواء بهذه الطريقة أو بتلك، إذ لا يمكن أن يظل قطاع الرياضة نائما طوال العام ويأتي في الربع الأخير منه ليصحو ويعرف أن لديه اتحادات نائمة وتعاني من صعوبات ومشاكل وبالتالي العمل على حلها خلال فترة زمنية بسيطة ربما يكون من الصعوبة بمكان تجاوزها بهذه السهولة لكنها المصلحة التي تحركهم ولا مانع من الحديث في هذه الاجتماعات عن أهمية تفعيل النشاط والتوصية للصندوق بصرف مخصصات الاتحادات لتنفذ أنشطتها وبطولاتها كما تتم الإشادة بجهود القطاع ومسؤوليه الذين يظلون في سبات معظم فترات العام وذلك من أجل الضغط على الصندوق للصرف لأنه في نهاية العام ولا بد من إقامة ما تتم تسميتها مجازا بالبطولات والمسابقات لكنها في الحقيقة ليست سوى بطولات كرتونية الغرض منها سحب المخصصات فقط وليس أي شيء آخر.
تحدثنا كثيرا عن أهمية التقييم المستمر لأنشطة الاتحادات والأندية الرياضية والبطولات التي تنفذها وإخضاع عملية صرف المخصصات لنتائج التقييم وليس وفقا للأهواء والأمزجة وبالتالي يجب أن يتم تغيير الآليات المتبعة في التقييم أو إنشاء إدارة عامة لتقييم الأداء بعيدة عن قطاع الرياضة خاصة بعد ثبوت فشله في القيام بهذه المهمة، فلو كانت عملية التقييم ناجحة وحقيقية لكنا شاهدنا إما نجاح الاتحادات والأندية في تنفيذ أنشطتها وبطولاتها ومسابقاتها وهذا غير موجود أو شاهدنا تقارير للقطاع تؤكد عدم استحقاق الاتحادات النائمة لأي مخصصات أو مستحقات لثبوت فشلها وركودها وأن ما تسميها الاتحادات بطولات وتقيمها نهاية العام فقط لا يمكن أن نسميها مسابقات وبطولات بالمعنى الحقيقي ولا يمكن أن تحقق الغرض المطلوب منها وبالطبع فإن الكثير من الرياضيين والإعلاميين والمهتمين والجمهور الرياضي يتساءلون عن جدوى إقامة مثل هكذا أنشطة وما هي الفائدة التي يمكن أن تعود على الرياضيين وهم يتجمعون نهاية العام لمدة ثلاثة أيام أو أسبوع للمشاركة في أنشطة ومن ثم يعودون إلى بيوتهم لاستكمال النوم بقية العام؟ وهل يمكن أن تصنع هذه الأنشطة أبطالا ونجوما ينافسون غيرهم ممن يظلون في نشاط وبطولات ومشاركات متواصلة ومستمرة على مدى العام؟ وهل الخلل في ذلك يعود للاتحادات نفسها أم أنها العادة التي توارثتها على مدى سنوات طويلة؟ وهل تتحمل وزارة الشباب مسؤولية غياب الرقابة وآلية التقييم الحقيقية لأداء الاتحادات الرياضية أم أن ذلك ليس من مسؤولية الوزارة؟.
بالتأكيد إن هناك خللاً ما في العمل أدى إلى وصول الأوضاع في الاتحادات الرياضة والأندية إلى ما هي عليه الآن من تدهور وركود وعبث ولا يمكن أن يتم تصحيح هذا الخلل أو أي اختلالات في الرياضة إلا بإعادة النظر في آليات العمل الرياضي والتي تتضمن كافة الجوانب التشريعية والإدارية والمالية وآليات التقييم والرقابة حتى نصل إلى النجاح المطلوب في قطاع الرياضة والشباب ونضمن إقامة بطولات رياضية ناجحة تحقق الغرض منها بدلا من البطولات الكرتونية التي تستنزف أموال الشباب والرياضيين وطاقاتهم دون أي فائدة تذكر وأيضا تفعيل نشاط الاتحادات بالشكل الصحيح.. وفي اعتقادي أن العلاقة الحالية بين الوزارة بقطاعاتها المختلفة والاتحادات الرياضية تحكمها لوائح قديمة عفا عليها الزمن ولم تعد صالحة للعمل بها والأكيد من وجهة نظري أنها لم تكن أيضا صالحة للتطبيق حتى سابقا لأنه تم تفصيلها على مقاسات معينة وبالتالي فقد كانت ومازالت معدومة الأثر بل ان أثرها سلبي جدا جدا وتسببت في تدهور أحوال الرياضة والشباب والإبقاء على الكثير من مسؤولي الاتحادات في مناصبهم لسنوات طويلة يتحكمون في مصير الشباب والرياضيين رغم عدم كفاءتهم وقدرتهم، لكنها القوانين واللوائح القديمة وهروب الوزارة من مسؤوليتها.