كان حزب الإصلاح بمثابة العمود الرئيسي في منظومة حكم الفار هادي التي استدعت العدوان على اليمن ومنحته الغطاء السياسي لشن عدوانه واستباحة اليمن أرضا وشعبا . كما سخر الحزب كل إمكاناته ومقدراته لخدمة تحالف العدوان طيلة سبع سنوات ، ولم يبخل الحزب حتى بمليشياته وأعضائه ومناصريه الذين قدَّمهم حطباً في معركة العدوان على الجبهات الداخلية، بل وفي حماية الحدود الجنوبية للسعودية.
انقسمت كل الأحزاب السياسية اليمنية في موقفها من العدوان، بما فيهم السلفيون، باستثناء حزب الإصلاح الذي ارتمى بكامله في حضن التحالف، ومن ضاق به الحضن السعودي فضّل الأحضان التركية القطرية بدلاً عن حضن الوطن .
إلى ما قبل العدوان ، كان الإصلاح حزباً كبيراً ومؤثراً على الساحة اليمنية ، ولولاه لما انهارت المفاوضات بين الأحزاب اليمنية برعاية المبعوث الأممي بنعمر وقد كانت على وشك التوصل لاتفاق سياسي مطلع 2015 .
ولولا دعم الإصلاح ودفعه ، لما استدعي العدوان ، ولما طال أمده كل هذه السنين .
خلال سبع سنوات ، استهلك تحالف العدوان كل طاقات وإمكانات حزب الإصلاح بما في ذلك سمعته ورصيده السياسي الذي راكمه طيلة أربعة عقود .
الآن، يبدو واضحاً أن حزب الإصلاح أصبح في نظر تحالف العدوان- وعلى رأسه السعودية والإمارات -« إكسباير منتهي الصلاحية، لا يتناسب مع العصر ، ولا يصلح للاستخدام في المراحل المقبلة» .
لقد كان الهدف الأساسي للعدوان هو إضعاف اليمن وتفكيكه إلى دويلات شبيهة بإمارات ومشيخات الخليج، فلا اطمئنان لدى السعودية طالما ظل اليمن في جنوبها دولة موحدة تمتلك كل مقومات القوة والنهوض .
ومن أجل ذلك الهدف ، تحتاج السعودية ـ التي تقود العدوان ـ إلى أحزاب ومكونات سياسية جديدة ، أحزاب خفيفة عصرية كالوجبات السريعة ، أحزاب بنطاق جغرافي يتلاءم مع الخرائط التي يجري رسمها لليمن .
رغم كل المساوئ التي تسبب بها حزب الإصلاح ، وقد كان شريكا في السلطة طيلة عقود، إلا أنه خلق لنفسه قواعد حزبية في كافة المحافظات اليمنية ، من صعدة إلى المهرة إلى سقطرى، ونسج بذلك شبكة على امتداد الجغرافيا اليمنيةـ بغض النظر عن النسبة أو العدد ـ وعلى الرغم من أنه وجَّه تلك القواعد وسخَّرها لخدمة العدوان، إلا أن تلك القواعد ظلت تؤمن بـ « يمن موحد » ولا مشكلة لديها إن كان اليمن الموحد تابعاً مستباحاً كما كان طيلة العقود الماضية .
لكن ، من الواضح أن أطماع تحالف العدوان قد تجاوزت الماضي ، ولم يعد يقبل بيمن موحد تابع، أو بحديقة خلفية واسعة مساحتها 550 ألف كيلومتر مربع . يريدون تقسيم هذه الحديقة إلى مجموعة من البساتين الصغيرة ليتسنى لهم زراعتها بطريقة حديثة، على طريقة المحميات، وهم يراهنون ـ دول العدوان ـ على خبرات الحليف الإسرائيلي في مجال الزراعة الحديثة . ومثل هذه المحميات لا مكان فيها لأحزاب مثل الإصلاح الذي يؤمن بالخلافة، أو الحزب الاشتراكي الذي ينادي بالأممية .
يبدو أن الحزب الاشتراكي اليمني ، قد أدرك اللعبة منذ وقت مبكر، ولذلك انكفأ على نفسه، وتوزعت قياداته للعمل في سوق السياسة والنخاسة والمستثمرين الجدد، بينما ظل الإصلاح يسير بقياداته وقواعده إلى مسلخ التحالف كالقطيع .
طوال أكثر من خمس سنوات ، والإصلاح يتعرض للضرب بشتى الوسائل، من كاتم الصوت والعبوات الناسفة ، إلى غارات بـ « الإف 16 » . يتعرض لاجتثات من المحافظات الجنوبية ، ومع ذلك لم يدرك المخطط ، ولا يمكن تبرئة قيادته من التواطؤ فيما يحدث والمصير الذي ينتظر الحزب .
جحافل الإصلاح التي تجمعت في مارب، مستهدَفة بدرجة أولى من تحالف العدوان وليس من الجيش واللجان الشعبية الذين قدموا لهم أكثر من عرض للتسوية والتصالح والشراكة، .بينما يعمل تحالف العدوان لاجتثاث الإصلاح من جذوره ، لأن بقاء الحزب لا ينسجم مع المخططات والأهداف والخرائط التي يعملون على تنفيذها .
الحزب الذي لم تشفع له كل مواقفه وتضحياته مع دول العدوان طيلة سبع سنوات ، لن تشفع له جهوده وتضحياته في المعركة الأخيرة في مارب . وقد بدت علامات الجحود والنكران باكراً من قبل التحالف بتلويحه باستدعاء طارق عفاش لتسلم لواء المعركة في مارب.
وفي تعز، المعقل الثاني للحزب بعد مارب ، تبدو مليشيات الإصلاح محاصرة غرباً من مليشيات طارق، وشرقاً من مليشيات الانتقالي ، وليس أمام « إصلاح تعز » سوى أن ينطح برأسه جبل صبر في الجنوب، أو أن يمد يديه لإخوانه وأهله في الحوبان .