شكل الدولة القادمة هو من سيحل المشاكل


في هذا الحوار أدركت ماقرأته ذات مرة عن أحد الصحفيين اللبنانيين من أن التلفون والمسجلة هما أعتى أعداء الصحفي .. فبعد سنوات من قراءتي للعبارة وجدت فعلاٍ صوابيتها عندما عدت إلى العمل كي أقوم بتفريغ الحوار لأجده شيئاٍ من العدم وكأنني لم أبذل أية مجهود يذكر.
كان الأمر محرجاٍ لي بأن أعود وأطلب إعادة تسجيل الحوار مجدداٍ خصوصاٍ وأن ما تم نقاشه كان في بالغ الأهمية لكن الأستاذ علي سيف حسن – السياسي المعروف – وعضو مؤتمر الحوار الوطني – تقبل مني الطلب بكل رحابة صدر ولم يتوان أبداٍ في أن نعيد الحوار لكن في هذه المرة بدون عدو الصحفي “المسجلة”.
ورغم أهمية ماقيل في الحوار المسجل كما أسلفت إلا أن الأستاذ علي استطاع في عبارات مختصرة تشخيص قضية صعدة وتحليل جوانبها ومخرجاتها وقراءة مستقبلها في ظل نتائج مؤتمر الحوار الوطني ورفدنا بإجابات تستحق أن نتوقف أمامها وأن نقرأها بتمعن إلى التفاصيل:
 * بداية استاذ علي أنت كسياسي أين تقف من قضية صعدة¿
– قضية صعدة أكبر بكثير من صعدة, وهي خلاصة مركزة لصراعات سياسية  واجتماعية عاشتها الكتلة السكانية في شمال الشمال, أي الكتلة السكانية المتمركزة في تلك الأجزاء القاسية والقاحلة من اليمن طوال التاريخ والتي تدثرت بمبررات دينية ومذهبية لتخفي طبيعتها السياسية والاجتماعية الحقيقية.
أنا أقف منها موقفي من تاريخ جزء هام من اليمن وأنا أشاهده وهو يتفجر أمامي بهذه الحدة والاندفاع ليكتسح الحاضر الذي قد بلغ حد التكلس وفقد المقدرة على الاستمرار ويساهم بشكل فاعل في رسم معادلات سياسية جديدة.
موقفي منها موقف من يشاهد إعادة صياغة المعادلة السياسية والاجتماعية والمذهبية في ذلك الجزء الهام والمؤثر من اليمن ليصنع معطيات جديدة لمعادلة سياسية جديدة على مستوى اليمن, بل ولربما على مستوى الإقليم.

فاعلة ومؤثرة
* كيف تتوقع مستقبل قضية صعدة بعد الحوار الوطني¿
– قضية صعدة هي أحد العوامل التي حددت طبيعة مخرجات مؤتمر الحوار الوطني وهي عامل فاعل ومؤثر في مخرجات الحوار الوطني .. هي فاعل في الحوار وليس مفعولاٍ بها, وبالتالي فإن مؤتمر الحوار الوطني هو الوسيلة والآلية لاستيعاب المتغيرات التي فرضتها قضية صعدة وغيرها من القضايا الأخرى, وبصيغة أخرى فإن مخرجات مؤتمر الحوار الوطني هو التأهل العقلي والسياسي والمؤسسي ليمكن اليمن بمؤسساته الرسمية والأهلية من اللياقة والفاعلية ليتمكن  من الاستيعاب والتكيف مع تأثيرات قضية صعدة وغيرها من القضايا كالحراك السياسي والاجتماعي الرافض لحالة التكلس والانسداد التي بلغناها في ظل النظام السابق.

الحل في المخرجات
 * هل ترى أن مخرجات مؤتمر الحوار الوطني في ما يخص قضية صعدة قادرة على إنهاء هذه المشكلة¿
– قضية صعدة ليست مشكلة بل حالة تحول سياسي واجتماعي والحل هو في التطبيق الحرفي لمخرجات مؤتمر الحوار الوطني.
هذه القضية “صعدة” لا توجد لتحل بل توجد لتعيد صياغة الحلول المطروحة, فهي ليست مشكلة لتحل بل هي حالة وجدت لتخلق واقعاٍ سياسياٍ جديداٍ وما هو بحاجة إلى حل هو تقبلها والتعامل مع معطياتها وآثارها.
* كيف يمكن لليمنيين مستقبلاٍ تجاوز أي صراع من هذا النوع الدائر في صعدة¿
– مخرجات مؤتمر الحوار الوطني تؤسس لدولة ولنظام سياسي أكثر لياقة وأكثر كفاءة للتعامل مع التحولات السياسية والاجتماعية وهذا هو الضمان الوحيد لعدم تكرار حالة التكلس والانسداد الاجتماعي والسياسي.

بجدية
* كيف وجدت تعامل  مختلف المكونات مع هذه القضية¿
– كل الأطراف الجادة والمستوعبة لطبيعة الديناميكا السياسية التي تخلقت مع قضية صعدة تعاملت مع الأمر بمنتهى الجدية والمسئولية, أما تلك الأطراف وهي قليلة ومحدودة وتجدها في معظم المكونات السياسية فإنها مازالت غير قادرة على استيعاب الحالة وتنظر إليها باعتبارها مشكلة طارئة تعززت بسبب عدم قدرة النظام السابق على مواجهتها بحسم وقوة منذ البداية وهذا تفكير ساذج وسطحي ولن يمكن أصحابه من المشاركة في التفاعل والتكيف مع معطيات الواقع الجديد.
 
حل جماعي
* من الذي يملك حل قضية صعدة¿
– لن يحلها طرف لأنها ليست مشكلة بل النظام السياسي وشكل الدولة القادمة هي من سيستوعب ويتكيف مع هذه المتغيرات أو ينكسر أمامها إن هو احتفظ بحالة تكلسه وانسداده.
 
إرادة البقاء
* بنظرك كيف تجد  توصل جميع المكونات في الفريق وهم يمثلون فرقاء الأمس إلى توافق في النهاية حول قضية صعدة¿
– إرادة البقاء هي الحافز والدافع إلى التوافق وهذا هو حال كل الأطراف السياسية في اليمن وفي كل بلدان العالم.
* من خلال حوار استمر لتسعة أشهر ما أبرز ما لفت انتباهك في المؤتمر¿
– اللياقة الذهنية لدى أغلب الأطراف والمكونات السياسية واستعدادهم للتكيف والتفاعل مع المتغيرات ومع معطيات الواقع الجديد سواء على المستوى الوطني أو المستويين الإقليمي والدولي.

قد يعجبك ايضا