فساد المرتزقة والعملاء يعمق معاناة المواطنين في المحافظات المحتلة
الجوع يعتصر شعباً يعاني الحرب العدوانية ونهب اللصوص المرتزقة
الثورة / عبدالقادر أحمد
مع وصول الأوضاع المعيشية والخدمية للمواطنين في عدن – وبقية المحافظات والمناطق المحتلة – إلى القاع ، تبرز جملة من الأسباب التي تدفع المواطنين إلى مجاعة وشيكة ، ومن بينها فساد قيادات العملاء والمرتزقة ، ففيما يضطر المواطنون إلى بيع مقتنياتهم المنزلية والشخصية لتوفير احتياجاتهم الأساسية ، يمارس عملاء ومرتزقة العدوان السعودي الإماراتي النهب والفساد الهائل على حساب لقمة عيش المواطنين.
وفيما تشهد المناطق والمحافظات المحتلة انهيارا شبه كلي في أغلب الخدمات ، وانعدام أي مشاريع صيانة للمنشآت والمصالح الخدمية ، وتنتشر البطالة والفقر والجوع والبؤس والحرمان في أوساط المواطنين ، تصل رواتب بعض قيادات المرتزقة والعملاء إلى ملايين الدولارات التي تصرف شهريا لحشد طويل من مرتزقة الدوان السعودي الأمريكي.
مراقبون قالوا إن لا شرعية ولا سلطة حقيقية في عدن وبقية المحافظات المحتلة، وأن المرتزقة الذين يمنحون أنفسهم ألقابا وصفات ومناصب رسمية ويقيمون في فنادق الرياض وجدة والقاهرة مع أفراد عوائلهم ، لم يحققوا سوى المكاسب الشخصية، ففيم تغرق عدن في الظلام تكشف تقارير أن معين عبدالملك ويسمى رئيس وزراء حكومة المرتزقة – يبني ثلاث بنايات في إحدى المدن المصرية تصل قيمتها إلى أكثر من 4 ملايين دولار.
فساد المرتزق معين عبدالملك واحد من آلاف المرتزقة والعملاء الذين هاجروا مع العدوان السعودي الأمريكي الإماراتي إلى الخارج مع عوائلهم وأقاربهم ، ووفق تقارير معتمدة، فقد نزح من اليمنيين منذ حرب ما يسمى إعادة «الشرعية» «التي يشنها تحالف العدوان السعودي الأمريكي على اليمن» حوالي ثلاثة ملايين ، بينما يعاني 18 مليون شخصا، من انعدام الأمن الغذائي وقد أدى ارتفاع الأسعار الجنوني وزيادة حالات النقص في توفر الغذاء إلى تعرض قرابة عشرة ملايين يمني لخطر المجاعة، ويقدر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) أن أكثر من 75% من السكان في حالة طوارئ, ووفقاً لتقارير الأمم المتحدة فإنه : يعيش حوالي 80% من اليمنيين في حالة فقر مدقع ويحتاجون إلى المساعدات وبشكل طارئ .
لصوص ونهابة
وفي إطار النهب والفساد الذي يمارسه مرتزقة العدوان السعودي الأمريكي الإماراتي، يقول سياسيون: إن قيادات وعناصر المرتزقة لم يعد لهم صلة بالشعب اليمني، وأنهم إنما ينهبون الأموال على حساب جوع الشعب اليمني.
ويقول أحد الصحفيين – ينتمي إلى صفوف المرتزقة وهو نبيل الأسيدي – إن هناك قيادات عديدة من وزراء وبرلمانيين وسفراء ومسؤولين حولوا مناصبهم جسور عبور لحصول بعض أقاربهم على امتيازات عديدة ومناصب لم يكن ليحصلوا عليها لولا الفساد الحاصل لديهم.
ويدلل الأسيدي على كلامه بوثائق ينشرها على حسابه في فيس بوك ، ومنها ما نشره سابقا حول نهب من يسمي نفسه سفير اليمن في القاهرة محمد مارم، الذي قام بسرقة منح الطلاب اليمنيين المعتمدين في جمهورية مصر العربية.
ونشر الأسيدي وثائق تكشف تلاعب قيادات المرتزقة وحصولهم على ملايين الدولارات في الرياض وعواصم عربية أخرى قال إنها بطرق غير مشروعة، وقال إنهم بلا أدنى مسؤولية وهم يتلذذون هم وأقاربهم بالفنادق الضخمة ويشاهدون المواطنين يتجرعون المعاناة والجوع والفقر والمرض.
كانت مصادر متعددة قد نشرت في وقت سابق وثائق رسمية عن بنك عدن الذي يديره مرتزقة العدوان منذ العام 2015 م، تكشف عن رواتب هائلة يتقاضاها مسؤولون كبار في صفوف مرتزقة العدوان السعودي الأمريكي ، فمثلا يصل راتب أحد المرتزقة الذي عيّن في منصب محافظ البنك ، إلى 15 مليونًا و 160 ألف ريال يمني (34 ألف دولار)، في حين يبلغ مرتب نائبه، 11 مليونًا و370 ألف ريال يمني (25 ألفًا و500 دولار)، طبقًا للسندات البنكية التي نشرت في وقت سابق.
وتصل رواتب بعض المستشارين الخاصين بوزراء الفنادق الذين جرى تعيينهم من فنادق الرياض، إلى 10 آلاف دولار تدفع لهم من موارد البلاد بالدولار، وهذا أحد أسباب تمسك هؤلاء بالبقاء في فنادق الرياض وجدة والقاهرة ، أما ملف التوظيف للعوائل والأبناء والبنات والزوجات فالكثير من المعلومات نشرت وهذه فضائح لم تسجل إلا على مرتزقة العدوان السعودي الأمريكي حصريا.
وتظهر المعلومات أن أكثر من 15 ألف قرار صدر من مسؤولي المرتزقة في فنادق الرياض لعوائلهم وزوجاتهم وأبنائهم وأخواتهم وأنسابهم بتوظيفات وهمية وبدرجات عليا ، واعتماد مرتبات بالدولارات تصل إلى 1000 دولار في الحد الأدنى، يتقاضها أقارب هؤلاء شهريا وعلى حساب جوع اليمنيين ومعاناتهم.
غسل وتبييض أموال
تقرير الخبراء الأمميين لمراقبة العقوبات على اليمن اتهم المرتزقة بالانخراط في ممارسات تبييض أموال وفساد أثرت في حصول اليمنيين على الإمدادات الغذائية الكافية.
وكشف تقرير الخبراء الأممي للمرة الثانية ، أن مرتزقة العدوان السعودي الأمريكي ينخرطون في تبييض أموال وفساد وصفقات هائلة ، أثرت على حصول اليمنيين على الإمدادات الغذائية، وكشف عن قيامهم عبر البنك في عدن بالمتاجرة في العملات ، والتلاعب بأسواق الصرف ، ومارسوا جرائم غسل الأموال ما أثر على الإمدادات الغذائية.
وبحسب اقتصاديين، فإن المرتزقة يقومون بأخذ الاعتمادات المستندية بمبالغ قليلة من فرع البنك بعدن ، ولكن بدلا من بيع السلع بالأسواق بتلك الأسعار، كانوا يبيعونها بسعر صرف السوق السوداء، ويحصلون بذلك على أرباح طائلة.
نهب ولصوصية
حصلت الثورة على معلومات من مصلحتي (الأحوال المدنية ، والهجرة والجوازات والجنسية) في محافظة عدن المحتلة تكشف عن حجم ما ينهبه مرتزقة العدوان من إيرادات المصالح المذكورة ، وتكشف المعلومات أن إيرادات مصلحتي ( الأحوال المدنية والسجل المدني ، والهجرة والجوازات والجنسية ) وعدن المحتلة بلغت ( مليارين وخمسمائة مليون ريال) ، خلال العام 2020م، ونصف العام المنصرم من العام 2021م ، وكشفت المعلومات أن هذه الموارد تذهب إلى جيوب المرتزقة وتتوزع على اللصوص، على النحو التالي.
(50 %) من إجمالي المبالغ إلى حساب باسم م/ عدن ، إلا أنها تسحب من قبل ما يسمى محافظ عدن المرتزق أحمد حامد لملس ، تحت بند نثريات ومصروفات المحافظة ، و (25 %) من إجمالي المبالغ يذهب إلى حساب مديرية “صيرة” م/عدن المحتلة ، ويتم نهبها من قبل المتسلطين والمتنفذين من الخونة في المديرية ، و(25 %) من إجمالي المبالغ يذهب إلى حسابات بقية المديريات في م/عدن المحتلة التي تنعدم فيها الخدمات في الحد الأدنى ، وتنعدم فيها مشاريع إصلاحات الطرق والمياه والكهرباء ، وتشير المصادر إلى أن تلك الأموال توزع بين متنفذين ومرتزقة كبار.
وإذا كانت مصلحتا الأحوال والهجرة والجوازات أقل المصالح إيرادا ، فكم هي إيرادات الموانئ وشركات النفط والغاز وأيضا منشآت مصافي عدن، وكيف يقوم المرتزقة بتوزيعها ومن هم النهابة الذين يسطون على هذه الأموال، إذا كان المواطنون في عدن بلا مرتبات وبلا خدمات.
أسئلة كثيرة تكشف الفساد والنهب الذي يمارسه اللصوص المرتزقة بإشراف ودعم تحالف العدوان السعودي الأمريكي ، دون اعتبار لأوضاع المواطنين وحرمانهم من الخدمات والمرتبات ، وممارستهم للتجويع الممنهج من خلال نهب رواتب الموظفين وتعريض المواطنين للجوع والفقر والموت والمرض.
فساد تحت أنظار السعودية وأمريكا
في الوقت الذي تؤكد فيه الإحصائيات الأممية تعرض 54 % من سكان اليمن لانعدام الأمن الغذائي وذلك خلال يناير – يونيو 2021م، يواصل مرتزقة العدوان وتحت إشراف أمريكا والسعودية انتهاج سياسة التجويع والحصار والإمعان في إفقار المواطنين ، ودفع المرتزقة اللصوص لنهب الموارد وممارسة الفساد وغسل الأموال وتبييضها.
إصرار أمريكا والسعودية والمجتمع الدولي على اعتبار هؤلاء حكومة يمنحونهم الشرعية هو جزء من الفساد الحاصل ، فلو كان هؤلاء غير فاسدين لما دعمتهم أمريكا والسعودية وتحالف العدوان وتمسك بهم المجتمع الدولي، حد تعبير أحد الأكاديميين في جامعة عدن.
ورغم الانهيار الاقتصادي المروع في عدن وكافة المحافظات المحتلة ووصل سعر الدولار إلى أكثر من 1200 ريال ، ولربما سيصل إلى 2000 ريال في تلك المناطق، لا يكترث اللصوص ولا أسيادهم السعوديون والأمريكيون لهذا الوضع الذي يعصف بالمواطنين في المناطق المحتلة.
ليس متاحا للمرتزقة إلا النهب واللصوصية للموارد ، ولا قرار لهم سياسيا أو عسكريا ، السعودية هي من تمسك بالملف اليمني وتتحكم فيه، وأمريكا هي من تشرف على الملف الاقتصادي وحرب التجويع والحصار، والمرتزقة لم يعودوا سوى أدوات ناهبة وعميلة يسرقون ويتلذذون بمعاناة المواطنين.
لكن كيف سيواجه هؤلاء اللصوص طوفان الغضب الشعبي العارم في عدن وشبوة وتعز وحضرموت، وحتى إن لم تصل هذه التظاهرات إلى القدرة على طردهم وطرد الإماراتيين والسعوديين ، لكنها ستتمخض عن وضع ثوري يطيح بالعدوان والاحتلال وأدواته.