بداية نسجل التهاني والتبريكات للشعب اليمني الأبي وللقيادة السياسية ولكل أحرار اليمن بمناسبة العيد الـ 59 لثورة الـ 26من سبتمبر المجيدة 1962م الذي نسأل الله أن يعيده علينا وقد تحقق لليمن النصر الناجز على قوى العدوان الغاشم ودحر المحتل من كل ربوع اليمن الغالي وأن يحل السلام العادل والشامل بين كافة أبناء الوطن على أساس احترام الثوابت الوطنية وترسيخ الحرية والاستقلال من الوصاية الخارجية وتحقيق أهداف سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر والله يتولى عون الجميع .
وبالرجوع إلى محل حديثنا اليوم ونحن نحتفل بعيد الثورة الأم، ثورة ٢٦ سبتمبر، نتناول أهم المحطات وذلك على النحو الآتي….
وفاة الإمام أحمد حميد الدين
تطورت الأحداث في اليمن بعد وفاة الإمام أحمد، وتولي البدر حكم البلاد بعد والده، وبينما كان الشعب اليمني ينتظر من الإمام الجديد معالم حياة جديدة في أول خطاب له بعد توليه عرش الإمامة ظهر أنه لم يحدث أي تغيير وازدادت الأمور تعقيداً بتهديده الضرب بيد من حديد ضد من يخرج عن حكمه ، وتهديداته دفعت الضباط الأحرار إلى الاستعجال بتفجير ثورة 26 سبتمبر 1962م، والتي كان من المقرر قيامها قبل وفاة الإمام أحمد بأشهر قليلة.
وكانت تصريحات البدر نابعة من خوفه وقلقه من الحركة الوطنية التي بدأت تنشط قبل وفاة والده أحمد، وقد وصلت إلى مسامعه أخبار عن التدبير لثورة ضدهم ، لذلك أراد أخذ الحيطة اللازمة للقضاء على الحركات الوطنية في البلاد.
انطلاقة الثورة في 26 سبتمبر 1962م:
في ليلة السادس والعشرين من سبتمبر 1962م انطلقت أول شرارة لقصف قصر البشائر الذي يسكنه الإمام البدر، وقامت معركة بين العسكريين الثوريين وبين القوات الموالية للإمام، وقد استغرقت طوال الليل، والحقيقة إن انتصار الثورة في هذه المعركة يعتبر معجزة؛ لأن من بين ضباط الجيش اليمني لم يكن منتمياً إلى اللجنة الثورية سوى أربعين ضابطاً، وكانوا يرون عدم إمكانية فرق الجيش الخاضعة لهم دون مخاطرة، إضافة إلى نزع الثقة المتبادلة بين بعضهم البعض خوفاً من تخلص البعض من المشاركة في الثورة، لذلك قاموا بإقفال الثكنات على الجنود ومحاصرتها وقصدوا من ذلك الحيلولة من قيامها لنجدة الإمام الواقع تحت الحصار. وقاموا وحدهم بضرب القصر الملكي ودار الإذاعة وكان من أنشط أفراد المجموعة الملازم علي عبدالمغني، ومن الضباط البارزين في الثورة عبدالله جزيلان الذي أصبح وزيراً للدفاع، وعبداللطيف ضيف الله الذي أصبح وزيراً للداخلية وغيرهم من الذين بذلوا الغالي والنفيس في سبيل قيام الثورة واستطاع هؤلاء الضباط أن يحولوا مجرى التاريخ اليمني ويحققوا آماله وطموحاته العظيمة.
البدر يفر إلى السعودية:
وقد تمكن البدر بمساعدة بعض أعوانه من الخروج من الباب الخلفي للقصر، حيث سلك بعض الأماكن المجهولة المؤدية إلى ضاحية صنعاء، ثم منها إلى بعض القرى المجاورة لمدينة حجة مطالباً القبائل بنجدته، وأخذ منها قاعدة للقتال ضد الثوريين، ولكن بدون جدوى، وكانت محاطة به في «مسور» كتيبة من حامية حجة، ففر إلى جيزان، وتمكن من الهرب إلى المملكة العربية السعودية بمساعدة أنصاره وباستغلاله للعادات القبلية «الكرم وحماية المستغيث»، وكان قد فوجئ أنصار البدر والحسن بنبأ وفاة البدر في اليوم الثاني للثورة وشاع الخبر في البلاد بأنه قد تم مقتله تحت أنقاض القصر، مما دفع الحسن إلى أن ينعيه ويعلن عن نفسه إماماً على اليمن. وما أن عبر البدر الحدود السعودية وفقد الأمل في إيجاد قاعدة داخلية للمقاومة وبوصوله واجه المعسكر الملكي مشكلة في عسير حيث كان الحسن قد أعلن عن نفسه إماماً وكان قد حصل على تأييد كبير من الأمراء الملكيين، ولكن كان البدر هو الإمام الشرعي.
راديو مكة يعلن نفي وفاة البدر:
بتاريخ 13 أكتوبر سنة 1962م أورد راديو مكة خبراً يؤكد أن البدر على قيد الحياة، وأعلن في نفس الوقت أنه اعترف بالحسن إماماً، غير أن الحسن أعلن في تاريخ 17 أكتوبر 1962م اعتزاله عن الإمامة واعترافه بالبدر إماماً.
كلها كانت نتائج سلبية، فثورة 1962م لم تكن كسابقاتها من الثورات أو الحركات كـ1948م و 1955م، فقد تمكنت صبيحة يوم الخميس 26 سبتمبر 1962م من حسم الأمور والسيطرة على الإذاعة في صنعاء، وحسم السيطرة العسكرية ، وقد أيدت معظم القطاعات الشعبية والمثقفة الثورة، وبعد وصول الخبر إلى مسامع أبناء الشعب اليمني هبوا للدفاع عن الوطن وبحماس أثمر عن إعلان الجمهورية، وقد استولت لجنة شعبية في مدينة تعز على السلطة، وتظاهر العمال اليمنيون في عدن تأييداً للجمهورية، ولقد نجحت الثورة بتكاتف العسكريين والضباط والمثقفين والتجار وأصحاب رؤوس الأموال داخل البلد وخارجه، وكذلك العلماء وغيرهم من المخلصين ومنهم مجهولون لم يكشف عنهم حتى الآن، وكما يقال إن لكل معركة جنوداً مجهولين.
عضو مجلس النواب
Prev Post