وهل اختلف إلا الزمان والمكان!! فكل أرض هي كربلاء وكل شهيد هو (حسين)، وليكن كل شهيد هو (زيد) فلا فرق بين من أقاموا فروض الدين بثورة ثارت بوجه الطغاة، فكلاهما قد لان من هيبة إيمانهم الحديد، وقالوا لأولاد الطلقاء بعد حين وحين أذهبوا فأنتم الطلقاء. فحليف الذكر وقرين القرآن قد أقام الحق قسطا وعدلا، وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر وحقق وصية جده الإمام علي عليه السلام في بنيه وأمته، ولم يخرج حبا في جاه ولا وجاهة، بل للإصلاح في شأن أمة محمد (صلوات الله عليه وآله).
فـ الإمام زيد عليه السلام قد واصل المسير باتجاه قبلة أهداف ثورة جده الإمام الحسين عليه السلام، فحين قال الحسين للدعي ابن الدعي «مثلي لا يبايع مثلك»، قال الإمام زيد عليه السلام لحفيد الأدعياء : لن تراني إلا حيث تكره، هذه مواقف من عرفوا الله حق معرفته، وطبقوا كتاب الله بكل تفاصيله جهادا في سبيل الله.
فما أحوج الأمة الإسلامية بشكل عام لمثل هذه المواقف التي ستحررها من همينة الأصنام والأعجال البشرية، وترد لها كرامتها المنهوبة والمفقودة، فقد تبجح الظالمون حين غاب منهج الإمام زيد عليه السلام وغابت مواقفه وتضحياته من أوساط الشعوب، وتمكنت الحكومات الدخيلة على الدين من زمام الأمر في الدولة، وعاثوا في الأرض الفساد حين وجدوا من يبايع ظلمهم وغيهم وفسادهم ويسكت عن إجرامهم!! وهذا واقع خطير جدا يجب أن يتغير حتى يعرف المستكبرون في العالم قدر أنفسهم.
قد نلاحظ اليوم غياباً لعظمة الإسلام وتمكيناً لقوى الطغيان، لكن ما لا نفقهه هو من المسبب لذلك، وهو ذلك الانحراف الخطير الذي المّ بحال الأمة بعد وفاة النبي محمد صلوات الله عليه واله، حين جهلوا أهمية العمل ضمن توجيهات الله تعالى ووصية نبيه، فما بين أزمنة مضت وزمان عاصرناه وِجدّ الضلال برمته، واصبح المسلم لا يأخذ من الدين ألا اسمه ومن القرآن إلا نقشه، واصبح الحكام هم من يمهدون الساحة لسيطرة اليهود على الأرض، وهذا ذاته ما دعا الإمام زيد بن عليه عليه السلام للخروج بثورة في وجه النفاق بل في وجه الطغيان والانحراف، ومن هناك قد عادت البوصلة إلى وجهتها الصحيحة، وعلها تعود إلى وجهة القضية الواحدة للامة والتي هي : ( القدس)
فلن تعرف الأمة واجبها إلا بالعودة للقرآن، ولن تتحرر الشعوب إلا بكسب الوعي والسير على خطى ربان سفينة النجاة في كل زمان ومكان، ولن تقوم للإسلام قائمة إلا إذا ما توحد المسلمون تحت لواء القرآن بعيدا عن المذاهب والطوائف والمسميات، وليكن الإمام زيد عليه السلام قدوة وأسوة جهاد لكل من يبحث عن البصيرة والحرية، فـصراط الله المستقيم قد رسمه الصادقون بدمائهم، فهل ينقصنا غير التحرك والتسليم والإتباع.