لأمير شعراء اليمن/ الحسن بن علي بن جابر الهبل *

من قصيدة رثاء في الإمام زيد بن علي عليهما السلام

 

 

عُج بالكناسة باكياً لمصارعٍ
غرٍ تذوب لها النفوس تحسّرا
مهما نسيت فلست أنسى مصرعاً
لحبيب خير الرسل حتى أٌقبرا
ما زلت أسأل كلّ غادٍ رايح
عن قبره لم ألق عنه مخبّرا
بأبي وبي ، بل بالخلائق كلها
من لا له قبرٌ يُزار ولا ثرا
من لو يوازن فضله يوماً بفضـ
ـل الخلق كان أتم منه وأوفرا
من قام للرحمن ينصر دينه
ويحوطه من أن يضام ويقهرا
من نابذ الطاغي اللعين وقادها
لقتاله شعث النواصي ضُمرا
من باع من رب البريّة نفسه
يا نعم بايعها ونعم من اشترى
من قام شاهر سيفه في عصبةٍ
زيدية يقفوا السبيل الأنورا
من لا يسامي كلُ فضلٍ فضله
من لا يُداني قدره أن يُقدرا
من جاء في الأخبار طيّب ثنائه
عن جده خير الأنام مكررا
من قال فيه كقوله في جده
أعني علياً خير من وطئ الثرا
مِن أن محض الحق معه لم يكن
متقدماً عنه ولا متأخرا
هو صفوة الله الذي نعش الهدى
وحبيبه بالنص من خير الورى
ومزلزل السبع الطباق إذا دعى
ومزعزع الشم الشوامخ إن قرا
كلٌ يقصر عن مدى ميدانه
وهو المحلى في الكرام بلا مرا
بالله احلف أنه لأجلّ مَنَ
بعد الوصي سوى شبير وشبرا
قد فاق سادة بيته بمكارم
غرآء جلّتْ أن تُعد وتحصرا
بسماحة نبوية قد أخجلت
بنوالها حتى الغمام الممطرا
وشجاعةٍ علويةٍ قد أخرست
ليث الشرى في غابةٍ أن يزأرا
مازال مذ عقدت يداه أزاره
لم يدر كذباً في المقال ولا افترا
لمّا تكامل فيه كل فضيلةٍ
وسرى بأفق المجد بدراً نيرا
ورأى الضلال وقد طغى طوفانه
والحق قد ولى هنالك مدبرا
سلَ السيوف البيض من عزماته
ليوتّد الدين الحنيف وينصرا
وسرى على نُجب الشهادة قاصداً
دار البقا يا قرب ما حمد السُرا
وغدا وقد عقد اللوى مستغفراً
تحت اللوى ومهللاً ومكبرا
لله يحمد حين اكمل دينه
وأناله الفضل الجزيل الأوفرا
يؤلى إليّة صادق ، لو لم يكن
لي غير يحيى ابني نصيرا في الورى
لم أثن عزمي أو يعود بي الهدى
لا أمت فيه أو أموت فاعذرا
ما سرني أني لقيت محمداً
لم أحي معروفاً وانكر منكرا
فأتوا إليه بالصواهل شرّباً
وبيعملات العيس تنفح في البرا
وبكل أبيض جائر وبكل أز
رق نافذٍ وبكل لدن اسمرا
قعدت وراجت فيهم حملاته
وسقاهم كأس المنية احمرا
حتى لقد جبن المشجع منهم
وانصاع ليثهم الهصور وقهقرا
فهناك فوّق كافر من بينهم
سهماً فشق به الجبين الأزهرا
تركوه منعفر الجبين وإنما
تركوا به الدين الحنيف معفّرا
عجباً لهم وهم الثعالب ذلةً
كيف اغتدى جزراً لهم أُسد الشرا
صلبوه ظلماً بالعراء مجرداً
عن برده وحموه من ان يُسترا
حتى إذا تركوه عرياناً على
جذع عتواً منهم وتجبرا
نسجت عليه العنكبوت خيوطها
ظناً بعورته المصونة أن ترى
ولجده نسجت قديماً إنها
ليد يحق لمثلها أن تشكرا
ونعته أطيار السماء بواكياً
لمّا رأت أمراً فضيعاً منكرا
أكذا حبيب الله يا أهل الشقا
وحبيب خير الرسل ينبذ بالعرا
يا قرب ما اقتصيتم من جده
وذكرتم بدراً عليه وخيبرا
أما عليك أبا الحسين فلم يزل
حزني جديد الثوب حتى أُقبرا
لم يبق لي بعد التجلد والأسى
إلاّ فنائي حسرةً وتفكرا
يا عظَم ما نالته منك معاشر
سحقاً لهم بين البرية معشرا
قادوا إليك المضمرات كأنما
يغزون كسرى ويلهم أو قيصرا
يا لو درت من ذا له قيدت لما
عقدت سنابكها عليها عثبرا
حتى إذا جرّعتهم كأس الردى
قتلاً وأفنيت العديد الأكثرا
بعث الطغاة إليك سهماً نافذاً
من رشاه شُلت يداه ومن برا
ياليتني كنت الفداء وأنه
لم يجر فيك من الأعادي ماجرا
باعوا بقتلك دينهم تباً لهم
يا صفقة في دينهم ما اخسرا
نصبوك مصلوباً على الجذع الذي
لوكان يدري من عليه تكسرا
واستنزلوك واضرموا نيرانهم
كي يحرقوا الجسم المصون الأطهرا

قد يعجبك ايضا