لم يكن الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام طالبا للسلطة كما حاول أصحاب الأقلام المأجورة والفكر الأموي تصوير موقفه الرافض لتولي يزيد بن معاوية للحكم وإنما كان موقفه نابعا من روح المسؤولية الملقاة على عاتق كل مسلم مؤمن بالله واليوم الآخر مدرك وواعٍ لخطورة أن يصبح هذا المسخ البشري حاكما يحكم المسلمين باسم الإسلام والإسلام منه بريء.
فليس خافيا على احد ما كان عليه من فسق وفجور وتهتك وطيش وخلاعة وليس ذلك فحسب بل ما أفصح عنه في كلامه وشعره من حقد مبين على رسالة محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
فثارات الجاهلية لازالت في رأس يزيد ومصارع أشياخه في بدر ماثلة لناظره تدعوه إلى أن يعود إلى سيرة آبائه وأجداده وقد ذكر المسعودي في مروج الذهب بأن الغناء في مكة والمدينة ظهر في عهد يزيد وكذلك استعملت الملاهي وظهر شرب الخمر.
ولم يكن الإمام الحسين وحده الذي رفض دعوة معاوية لمبايعة يزيد وليا للعهد بل كان هناك الكثير من الشخصيات الاجتماعية في ذلك الوقت ولكن للأسف فقد فعل المال فعلته في تغيير موقف البعض كما فعل الترهيب فعله في البعض الآخر وبالأخص عندما تولى يزيد السلطة وعزم على أخذ شرعيته بالمال والسيف فتراجع من تراجع مبرراً تراجعه بمبررات واهية عكست قصور وعيه وبصيرته واضطراب نشأته.
في المقابل ثبت من ثبت في موقفه من ولاية يزيد رافضا له وليا للعهد في حياة معاوية ورافضا له حاكما بعد هلاك معاوية وعلى رأس من ثبت في موقفه الإمام الحسين عليه السلام وقد توّج ذلك الموقف بالخروج على حكومة يزيد وأفصح عن الدافع لخروجه بقوله «لم أخرج اشراً ولا بطراً وإنما خرجت للإصلاح في أمة جدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم».
فلاغرابة فعندما تتضح الصورة في نفس المؤمن فهو يعمل بوحيها دون التفات لما يسببه له ذلك من مشقات وأتعاب بعكس من لا تتضح الصورة عنده فيخلق لنفسه مبررات للتراجع وبالتالي يظهر عدم الثبات في مواقفه فتراه كل يوم في موقف وهذا دأب أصحاب المصالح الدنيوية – وما أكثرهم.
فما أشبه اليوم بالأمس.. فهاهي أمريكا تفرض ولايتها على شعوب العالم بالقوة وتسرف في عدوانها على من رفض ولايتها وما يحدث من عدوان أمريكي غاشم على اليمن أرضا وإنسانا لدليل قاطع على ذلك وبهذا فأمريكا وحلفاؤها يمثلون الخط الأموي اليزيدي خط الشيطان والسعودية والإمارات هم اليد الطولى التي تستخدمها أمريكا لإرهاب الشعوب للقبول بولايتها وبالتالي نهب مقدرات وثروات الشعوب باسم الديمقراطية وحقوق الإنسان وكل هذه الممارسات على مسمع ومرأى الأمم المتحدة ومجلس الأمن وفي مخالفة صريحة للمواثيق والأعراف والقوانين الدولية.
ولكن التاريخ سوف يدون جرائم امريكا على شعوب العالم كما سيدّون مواقف الأمم المتحدة ومجلس الأمن المتواطئة وسيكتب التاريخ كل عبارات الخزي والعار على النظامين السعودي والإماراتي ومن تحالف معهم من المنافقين والمرتزقة في الداخل والخارج باعتبارهم اليد المباشرة للعدوان على الشعب اليمني المظلوم وباعتبارهم اليد الممولة لكل مشاريع الإرهاب في المنطقة.
كما سيكتب التاريخ مواقف المتخاذلين والساكتين والمثبطين باعتبارهم شركاء في العدوان على الشعب اليمني سواء كانوا دولا أو جماعات أو أفراداً.
وفي المقابل فإن الخط الممثل لنهج الإمام الحسين عليه السلام هو الشعب اليمني الأصيل وكل الشعوب المؤمنة في محور المقاومة باعتبار مواقفهم الرافضة للغطرسة والهيمنة الأمريكية على شعوب العالم، سيكتب التاريخ بأحرف من نور صمود الشعب اليمني المستمد من ثقافته القرآنية وتسليمه لقيادته الحكيمة ممثلة بالسيد القائد المجاهد العلم عبدالملك بن بدرالدين الحوثي حفظه الله.
فهنيئا لك أيها الشعب اليمني العظيم هذا الموقف الثابت الذي ارتقيت به إلى أن تمثل خط الحسين بن علي بن ابي طالب عليهم السلام في هذا العصر أنت وكل الأحرار من رجال الرجال في محور المقاومة في كل بقاع الأرض فأنتم على موعد من الله عز وجل بالتمكين والاستخلاف فما أعظمه من وعد وما اشكركم وأحكمكم من شعب لن يفرط بهذا الشرف العظيم.
* مدير عام محكمة استئناف ذمار