الثورة /تقرير
سقط عدد من القتلى والجرحى في مطار كابول الدولي في أفغانستان، جراء تدافع العملاء والمخبرين والمتعاونين مع القوات الأمريكية خلال سنوات احتلالها لأفغانستان ، وقامت القوات الأمريكية بإطلاق الرصاص على المحتشرين في المطار إثر اجتياح الحشود مدرج المطار على أمل الهروب من البلاد بعد سيطرة حركة طالبان عليها، لتعلن بعد ذلك سلطات المطار إلغاء جميع الرحلات التجارية.
ونقلت وكالة “رويترز” عن مسؤول أميركي قوله إن “قوات أميركية أطلقت النار في الهواء في مطار حامد كرازي الدولي لمنع مئات المدنيين من الوصول إلى مدرج الطائرات.
وظهر الألاف من المتعاونين والعملاء الأفغان وهم يلاحقون طائرة شحن أمريكية ضخمة قبل إقلاعها من مطار كابل في محاولة منهم للتشبث بالطائرة ؛ هرباً من الواقع الجديد في أفغانستان ، ووصف متابعون المشهد بالمؤثر والذي يعكس الحال الذي يمكن أن يتعرض له كل ما يتعاون مع أمريكا وقواتها في أي بلد كان.
وفيما تعهد الرئيس الأمريكي بايدن بنقل الدبلوماسيين الأمريكيين والموظفين في سفارة بلاده خلال الساعات الماضية وقال أغلقنا سفارتنا في أفغانستان ونقلنا دبلوماسيينا بأمان ؛ اتهم “حلفاء أمريكا” من أسماهم القادة السياسيين والعسكريين في أفغانستان وحكومة الرئيس الأفغاني الذي فر من كابول والجيش الأفغاني بالتخاذل وحملهم الرئيس الأمريكي بايدن مسؤولية الفشل في مواجهة طالبان ، وفي الوقت نفسه أكد أن القوات الأمريكية لن تقاتل في معركة نيابة عن الجيش الأفغاني.
ويواجه عملاء أمريكا مصيرا مجهولا بعد عجزهم عن الهروب والفرار ، وبدلا من أن تقوم القوات الأمريكية بإخراجهم قامت بوقف الرحلات التجارية عن مطار كابول في وجوههم ،وتركت مصيرهم لما ستقرره طالبان.
وبعدما أوقفت القوات الامريكية الرحلات التجارية في مطار كابول وهو ما يعني إغلاق باب الهروب أمام عملائها من طالبان ، أوضح مسؤول أمريكي أن الرحلات الجوية العسكرية المنطلقة من كابول مخصصة فقط لنقل دبلوماسيين وموظفين أجانب وموظفين محليين في السفارات ، وانتشرت شائعات عبر مواقع التواصل الاجتماعي الأفغانية تفيد بأن بعض الدول الغربية وخاصة كندا والولايات المتحدة ستقوم بنقل الراغبين بالهجرة إليها من دون حاجة إلى تأشيرات أو وثائق سفر، ما تسبب بحالة من الفوضى داخل المطار ، لكنها كانت مجرد شائعات أحدثت فوضى وقتل في المطار.
وأظهرت لقطات مصورة محاولات لصعود الطائرات الأميركية، كما انتشرت بعض المقاطع للحظة سقوط أفغان من الطائرة عند إقلاعها من المدرج ،
فشل أميركي
وقالت وكالة رويترز إن الرئيس الأميركي جو بايدن وغيره من كبار المسؤولين شعروا بالذهول بسبب وتيرة استيلاء حركة طالبان شبه الكامل على أفغانستان، حيث أصبحت مهمة الانسحاب السريع للقوات الأميركية حيوية لضمان الإخلاء الآمن للقوات التي تعرضت لأزمة لم تسبق أن تعرضت لها أمريكا في تاريخها ، وشكلت سرعة انهيار الحكومة الأفغانية، والفوضى التي أعقبت ذلك “أخطر اختبار لبايدن كقائد أعلى”، حيث كان موضع انتقادات شديدة من الجمهوريين الذين قالوا إنه فشل.
سلسلة التصريحات التي ألقاها بايدن ليلة أمس كانت مثيرة وفي نفس الوقت تكشف حجم الفشل الأمريكي في أفغانستان في بناء جيش ودولة عميلة للولايات المتحدة الأمريكية يمكنها أن تخوض حربا حسب معلقين ومتابعين.
وبقي بايدن في كامب ديفيد الأحد، حيث تلقى إحاطات منتظمة حول أفغانستان، وأجرى مكالمات عبر تقنية الفيديو مع أعضاء فريقه للأمن القومي، وفقًا لمسؤولين بارزين في البيت الأبيض ، من جهته، أكد وزير الدفاع البريطاني بن والاس تعليقاً على الأحداث في أفغانستان أن القوات البريطانية وحلف شمال الأطلسي لن يعودوا إلى أفغانستان بعد سيطرة حركة طالبان على البلاد. واعتبر أن الوقت ليس مناسباً للتفكير باعتراف بريطانيا بسيطرة الحركة وأن الأمر يعتمد على أفعال الحركة وليس على أقوالها. ورجّح تدفق أعداد كبيرة من المهاجرين عبر العالم بسبب الوضع الأمني.
سلسلة تصريحات
من جانبها، قالت الخارجية الروسية إن “سيطرة حركة طالبان على العاصمة الأفغانية كابول كانت مفاجئة لموسكو”، معتبرةً أن ذلك نتيجة إخفاق الولايات المتحدة في أفغانستان.
وقال مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى أفغانستان زامير كابولوف إنهم لا يخشون من تحول أفغانستان إلى موطئ قدم لتنظيم “داعش” خلال حكم طالبان. وأضاف أنه لا يمكن الحديث حالياً عن إزالة طالبان من قائمة المنظمات الإرهابية، وأن ذلك يبدأ في مجلس الأمن.
بدورها أكدت الخارجية الصينية أن بكين مستعدة لعلاقات صداقة مع حركة طالبان .
هروب أمريكي مهين وفشل فظيع للاستخبارات الأميركية
تناول رئيس شعبة استخبارات العدو الصهيوني السابق، اللواء في الاحتياط عاموس يادلين، مَشاهد الانسحاب الأميركي من أفغانستان، بقوله إن “الانسحاب الأميركي من أفغانستان، وخصوصاً كما فُهم وصُوّر، هو هُروب مُهين، لا يساعد كثيراً القوى المعتدلة، حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. ومع ذلك، فإن إسرائيل ليست موجودة في موقع أفغانستان، ومن المهم توضيح هذا بصوت واضح”.
وتابع يادلين “نحن لا نعتمد على الولايات المتحدة. ولا نتوقع من الأميركيين أن يحلّوا لنا مشاكلنا الأمنية، ولم نطلب في أي مرة أن يُريقوا نقطة دم من أجلنا. قلنا أعطونا الوسائل وأعطونا المساعدة، عبر المساعدة الأمنية، وأعطونا الدعم السياسي في الأمم المتحدة، ومجلس الأمن”.
وكان العميد في الاحتياط الإسرائيلي، يوسي كوبرفاسر، قال أمس الإثنين إن “سرعة انهيار حكومة أفغانستان دليل آخر على الصعوبة التي يواجهها الغرب بصورة عامة، والاستخبارات الأميركية بصفة خاصة، في فهم العالم الإسلامي”.
واعتبر أن “هناك فشلاً فظيعاً للاستخبارات الأميركية طوال مرحلة اتخاذ القرارات، ويجب علينا أن نكون يقظين جداً كي لا يحدث هذا في منطقتنا”.
أمّا العميد في الاحتياط الإسرائيلي، يوسي كوبر، فاعتبر أن “الخطوة الأميركية ستُعتَبر في الساحة الدولية دليلاً على الضعف”، مضيفاً أنه “سيتم تظهير الانسحاب كتعبير آخر عن الضعف الأميركي، الناتج من عدم الرغبة في دفع ثمن في الصراع المستمر ضد الإسلام الراديكالي”.
وعلق الإعلام الصهيوني على الخروج الأميركي من أفغانستان، ورأى أنه مع “إجلاء القوات الأميركية آخر مواطنيها، فإنها في الواقع تهرب من أفغانستان، وهو ليس انسحاباً كما تقدّمه الإدارة الأميركية”.
ولفت الإعلام الإسرائيلي إلى أن “الإدارة الأميركية تعاملت مع الصور من مطار كابول على أنها انسحاب، لكن هذا هو بالفعل هروب”، معتبراً أنه “بعد 30 عاماً تخرج الولايات المتحدة من أفغانستان في عهد جو بايدن بصورة مهينة”.
ورأت “القناة 13” الإسرائيلية، من جهتها، أن خروج القوات الأميركية والتخلي عن الذين تعاونوا معها في أفغانستان “مرعبان لكل حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. وهذه بشارة سيئة لإسرائيل”، مشيرة إلى أن “الرسالة الموجَّهة إلينا هي أنه تعالوا نتعوَّدْ على حقيقة، ربما قد نكون وحدنا أمام ايران. هذه الإدارة لا يهمها ولا يعنيها هذا الأمر. هذا الحدث قاسٍ جداً، وهذا ما يجب أن يُقلقنا”.
بدورها، قالت “القناة 12” الإسرائيلية إن “الولايات المتحدة استثمرت 88 مليار دولار في الجيش الأفغاني على مدى 20 عاماً”، معتبرة أنها “قصة مدهشة”.
وأضافت القناة نفسها أن هذه الأموال اختفت في شهر واحد. وتابعت “يوجد هنا أمر رمزي، وهذه الرمزية تُستخدم اليوم من جانب القوى المناهظة للولايات المتحدة في الشرق الأوسط؛ بمعنى أن من يعتمد على أميركا فهذه هي نهايته، وسيجد نفسه وحيداً، وعرضة لانتقام سلطة مثل طالبان”.
ورأى معلق الشؤون العسكرية في “القناة 12″، نير دفوري، أن “الانسحاب الأميركي من الشرق الأوسط سيؤثّر في العراق وسوريا”.