جوهر وخلاصة رسالة الإنسان في الحياة السعي لأن يكون فيها نافعاً لنفسه ولأسرته وللمجتمع وللوطن والأمة وللإنسانية بالنتيجة وفيها من سعى ويسعى لتحقيق ذات الهدف مهما كان دينه ومذهبه وفكره وبذلك يكون هذا الإنسان المثال قد وجد الطريق السوي لخدمة البشرية في السلم كما في الحرب ، ولا يوجد ولا ينبغي أن توجد حرب عدوانية مقدسة ، ولا أظن أننا سنكون أسوياء إن لم نستطع التفريق بين جريمة العدوان والحق في مقاومته مهما كانت مبررات المعتدي ، والدفاع عن النفس مشروع في كل الأديان والقوانين والأعراف والمبادئ والقيم ، ولا خلاف في أن العدوان جريمة ، ومن يفكر في سلام أبدي عليه أن يفكر في كيفية إنهاء أسباب العدوان ومنع المسببين والمتسببين والمتاجرين والمستأجرين والارتزاق والمرتزقين وكل من حرك العدوان أو تحرك وفق أجندة موجهيه ورعاته المباشرين وغير المباشرين وهذا ليس إغراقا في نظرية المؤامرة كما يحلو للبعض أن يروجوا لأننا لم نعد في إطار النظرية والتنظير, فنحن غارقون في عمق المؤامرات ونحيا مأساة العدوان المستمر.
ومع أن الحرب المشروعة تأويلاً أو مجازاً هي الحرب الدفاعية إلا أنه كذلك لا يجوز التوسع في البحث عن مبررات لشن حروب باسم الدفاع، ومن البديهي أن من اُحتِلَ وطنه فإن حقه في استعادته مشروعة ولو بالحرب وهذا ما قرره ميثاق الأمم المتحدة مع ضرورة اتباع قواعد القانون الدولي الإنساني الذي تضمن الأصول القديمة والحديثة للحرب.
إن معاناة البشرية من ويلات الحروب تحتم العمل على تجريم الحروب العدوانية المقدسة تحت أي عنوان بصورة أكثر وضوحاً ومهما كانت المبررات ، والحرص على مبدأ المساواة والتضامن الإنساني ضد الدول التي لا تحترم ميثاق الأمم المتحدة والمواثيق الدولية ، وتسعى إلى استخدام الشرعية الدولية استخداماً يقوم على المعايير المزدوجة والنفاق الذي زادت حدته لدرجة اختطاف منصب الأمين العام للأمم المتحدة ليكون -ويا للأسف- كالدمية القبيحة بأيدي مصاصي دماء العالم ، ولا أدل على ذلك من أن يصبح إدراج دولة ضمن قائمة العار لممارساتها ضد الإنسانية وسحبها منها عملية محكومة بمنطق العرض والطلب حيث نجح حكام آل سعود أكثر من مرة في الخروج بالمال من قائمة العار رغم كل ما قاموا ويقومون به من مجازر ضد أطفال ونساء اليمن وكل المدنيين الذين هُدمت بيوتهم وصالات أفراحهم وأتراحهم على رؤوسهم في جرائم مشهودة عالمياً عبر الأقمار الصناعية ، وقد بينت تصريحات عديدة لبعض رموز نظام النفاق العالمي الجديد كما حصل خلال دعايات الانتخابات الأمريكية ، وتقارير منظمات حقوق الإنسان، أن آلية عمل المنظمات الدولية مع الأسف الشديد تُسيّرها ألاعيب تجار الحروب والإرهاب الدولي الممنهج وتتحكم في مصير العالم على الأقل حتى اللحظة ، وتتوسع في شرعنة شن الحروب وهو عمل بشع وغير أخلاقي سواء باسم الدين أو باسم الأمن الوطني أو القومي ، ولعل من عجائب مبررات شن الحرب العدوانية المستمرة على اليمن مُنذ سبع سنوات أن مكوناً من مكونات الشعب اليمني الذي يظهر النظام السعودي عداءه له أو الانقلابيين كما تسميهم قوى العدوان قد قاموا بمناورة بالقرب من المملكة المقدسة في أراضي اليمن وبالقرب من الأراضي اليمنية التي تساوي على الأقل نصف الأراضي اليمنية التي احتلتها هذه المملكة منذ العام 1932 ومستمرة في قضمها من أطرافها لتوسيع كيانها الذي هو مصدر تقديس الحروب ضد الإخوة والممول الرئيس لتطبيع العلاقات مع توأم إنشائه (الكيان الصهيوني) ، ومن يراقب الوقائع التاريخية لحياة هذين الكيانين وكيانات أخرى مثل (الإمارات العربية المتحدة) -التي تمارس بالوكالة وباستخدام الشرعية الدولية كغطاء غير قادر على ستر العورة لكل هذا العمل العسكري والسياسي الذي لا يتناسب مع حجمها في أنحاء متفرقة من العالم- يصل إلى قناعة بأنه : آن الأوان كي تصحو البشرية من هذه الغفلة التي تقود الشرعية الدولية ، وأن يتفق العالم جدياً ودون نفاق على منع وتجريم استمرار تقديس شن الحروب العدوانية وفق أي مبرر أو منطلق ، بل وأن تكون شرعية حروب الدفاع في حدود ونطاق منع العدوان ووضع معايير واضحة للتفرقة بين حرب العدوان وحرب الدفاع وتنظيم كيفية تطبيق هذه المعايير بما يكفل تحقيق العدالة الدولية فما يسمى بـ”الحروب الاستباقية” غالباً ليست سوى حروب عدوانية تلوي عنق الشرعية الدولية لتستخدمها أسوأ استخدام وأبشع مثال على ذلك ما تفعله الولايات المتحدة الأمريكية باسم محاربة الإرهاب الذي تصنعه في أنحاء متفرقة من العالم ، وليخسأ من لا يريد أن يفهم هذا وأكثر منه مما يجري من ويلات وحروب بحجة عدم إيمانه بنظرية المؤامرة.
إيماءة شعرية:
الموتُ في أحشاء هذي الأرض
متكئٌ على وقع الخداع
وللحروب حكايةٌ لا تنتهي
آهاتها تشوي القلوب
وتستقي بالدمِّ
ترويها الدموع