سحب الأمريكان للباتريوت من العراق والسعودية وغيره من دول المنطقة خلال هذه الفترة لا يعني بالضرورة أن يكون تعبيراً منهم عن الانهزامية والرحيل، بقدر ما أننا يجب أن نفهم أن أمريكا لن تغير بهذا العمل أهدافها في المنطقة أو تحيد عنها، فهي متسكعة فيها شئتم أم أبيتم، كونها فقط تعمل على تغيير استراتيجيتها في طريق تحقيق أهدافها، فمن يفهم أن أمريكا تغض الطرف عن مكان ما في العالم وتركز على مكان آخر ،على حساب ذلك المكان، كما يقال ستذهب عن الشرق الأوسط وتجند نفسها على الحرب الاقتصادية في الصين، فهذا مفهوم مناقض تماماً لقاعدة سياسة الهيمنة !!!، ولذا فهي لا تغفل عن أي شق في العالم، بقدر ما إن لديها خبراء ومختصين يدرسون أوضاع كل منطقة في العالم من جميع النواحي والاتجاهات، فخصصوا وجندوا كوادر ومعدات وميزانيات كل منها تهتم وتضخ في شق معين من منطقة ما في العالم، -وخاصة دول الشرق الأوسط التي هي الثروة بالنسبة لهم، ولذا فلن يغضوا الطرف عنها بسحب الباتريوت يا فقهاء السياسة ،ولو ظننتم ذلك – ، وتعمل بعد ذلك على أتخاذ سياسة المد والجزر لأي مكان ومتطلباته في مواجهة أي عوائق لهيمنتهم بحسب الحاجة وبدقة متناهية، كونهم يعملون بنظم ووسائل علمية وفق أعلى المستويات والبرامج والآليات، فتستقي معلوماتها من طرق عديدة وأهمها التاريخ والمراجع لأحداث قديمة وحديثة لكل منطقة وفئة بشرية وعزلة ومجتمع بعينه، وكذلك استغلال التكنولوجيا الحديثة بشتى أنواعها ووسائلها وتشعباتها الاستغلال الأمثل والمناسب، والتي مكنتهم و يعتقدون أنها ستمكنهم من الاستمرار في الهيمنة العالمية سنين عديدة ومديدة، فلربما يصير ذلك لكن إلى أن يشأ الله وتندثر كقوم عاد وثمود وصالح وفرعون، وفي النهاية ستنتهي تصبح في خبر كان المشؤوم ..
وهكذا الدول مضت وتمضي في الدنيا إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها .. لذا فالحذر الحذر من ثعلب الأمريكان الماكر، والتفاؤل بإنهزاميته وجر أذياله مطلوب، ولكن ليس إلى حد بعيد، وما حجب بعض المواقع للقنوات الأخبارية الخاصة بإيران واليمن ولبنان كالمسيرة وغيرها – القرصنة الإلكترونية الأمريكية- إلا أكبر دليل على تموضعها في شق آخر يعتقدون أنه سيجدي نفعاً ولو من باب زرع عراقيل من شأنها إخفاء الحقائق وإحداث خلخلة بين الشعوب المستهدفة وقيادتها، فتعمل بموجب ذلك على إعادة المحاولة بخطط جديدة ووتيرة مغايرة خاصة وهذا العمل يوصف بحد ذاته بأنه ” ذر الرماد على العيون”.
فصحيح أن أمريكا سحبت الباتريوت لكنها تعمل، وعملها يزداد خساسة في المنطقة وخاصة في الشأن اليمني، فبايدن الرئيس الأمريكي الحالي كان قد روج بوعده القاطع بإنهاء الحرب والعدوان على اليمن، ودغدغ مشاعر الشعب الأمريكي في ذلك الحين وفاز، واليوم سحب الباتريوت من المنطقة وبدأ بحزمة من الإجراءات المغايرة في الاستراتيجية على نفس المنطقة، ومنها كما ذكرت لكم حجب المواقع الأخبارية الخاصة بإيران واليمن ولبنان، ولكن ما يحدث اليوم من تركيز كبير لإدارة بأيدن على الشأن اليمني ومحاولتهم لجر الوضع فيه من سيئ إلى أسوأ، فتزوير عملة نقدية مطابقة للعملة القديمة فئة ألف ريال بمعدل 400 مليار بلا غطاء، وكذا زج أنصار الله ضمن قائمة المنتهكين لحقوق الأطفال، إضافة لإظهار نفسها وبشكل صريح وعلني بأن لها اليد الطولى في العدوان، وأنها هي فقط من بإمكانها إتمام أي اتفاق قد يتوصل إليه الطرفان بخصوص الملف اليمني، ولكن شريطة أن يمضي ذلك الاتفاق وفق مصلحتهم الأمريكية العليا ؟، وما تهديدات أحد مسؤولي الأمريكان أو الأمم المتحدة بأنهم سيقومون بإجراءات تزيد من الضغط على الحوثي من أجل القبول بالاتفاق على كيفهم، فكانت هذه الإجراءات عقب التصريح، ولذا نتعجب من العنجهية والتعسف وباسم الحرية والديموقراطية وحقوق الإنسان وغيره من اليافطات التي تظهر خبث سياستهم الأمريكية الممنهجة في المنطقة وعلى رأسها اليمن !!!!!.
في ظل التلاعب الكبير والممعن بالسياسة العالمية من قبل الأمريكان، وبتصفيق ودعم من أبناء العروبة والإسلام لهذا النظام غير الأخلاقي في مشاغلته لإخوانهم في اليمن وغيرها من الدول العربية – رغم أننا كنا متفائلين قليلاً بشخص بايدن من بعد ترامب المعتوه إلا أنه لا فرق كما يبدو لي والله أعلم بما تخفيه الأيام – ، ولذا ألا نرى أن هناك قصوراً فاضحاً وواضحاً من جميع الأطراف التي تعتبر نفسها ضمن اللعبة الأساسية السياسية في الملف أو الشأن اليمني، فهو قصور أقل ما نقول عنه أنه لا توجد نية من أحد في إنهاء العدوان والحصار على اليمن، فلو وجدت نية حقيقة من أحدكم لما حصل أي تحول مباشر إلى الأمور التي فيها تعسف وجور على شعب مغلوب على أمره، خاصة وهناك طرق لحيلولة دون خروج الجانبين بخفي حنين في سلطنة عمان، بعد فترة من الهرج بلا فائدة تذكر، ولذا فهناك طرق عديدة يمكن الولوج منها إلى حالة السلام المشرف، فهل غابت الضمانات لدول عربية وإسلامية وعالمية كثيرة محترمة ومحل تقدير من قبل الطرفين ؟!!، حتى لا يؤخذ بإحداها وتكون كضمين في حال تعدي الآخر على أي اتفاق بإجراء أي خرق ضد الآخر من شأنه التعدي على الآخر، فهي الضامنة بحيادية تامة، وتتحمل تبعات أي اعتداء بشهادة وإطلاع عدة دول أخرى أو أي منظمة دولية يتم التوافق عليها، كما هو شأن فتح مطار صنعاء وميناء الحديدة ورفع الحصار والتي ينظر إليها من قبل وفد أنصار الله على أن فتحها بداية خير وكإثبات من التحالف عن حسن نية في الدخول في تفاصيل الاتفاق بشكل أعمق، ولذا فلماذا لا تختار دولة ضامنة على الطرف المشكوك فيه أياً كان ؟!!، وإلا فلماذا يرغب التحالف بإتمام الاتفاق على غرار ما تم الموافقة عليه من الجانبين على يد الوفد السلطاني العماني إلى صنعاء، ويثقون بمبادئ السيد أبو جبريل قائد الثورة بأن لا خوف من ناحية أنصار الله من فتح المطار والميناء، وهو كعربون احترام وشفافية وثقة يمكن زرعه كبذرة خير بين الجانبين، يمكن أن يبدأ بها لإتمام ما تبقى من بنود الاتفاق ورفع الحصار والعدوان بشكل كامل وشامل والدخول في سلام مشرف، كون من نوى طي صفحة الماضي والدخول في سلم وشراكة لم يعد يهمه أن يرضي ويكسب الآخر بشيء قد نعتبره دليل خير ووئام، ولا شيء يبعدهم عن اللحظة الأهم إلا الفارق الزمني البسيط، ونقولها صرحة: أما آن لكم أن تدخلوا التاريخ من أوسع أبوابه بإنهاء العدوان والحصار وتضميد الجراح وجبر الخواطر ومسح الدمع من على جفون النساء والشيوخ والأطفال في يمن الإيمان والحكمة والتاريخ.. حسبنا الله ونعم الوكيل.
،،ولله عاقبة الأمور،،.