الثورة /
تعتبر تربية الماعز أهم مصادر الدخل الأساسية للكثير من الأسر اليمنية حيث تحتل إنتاجية الماعز المرتبة الثانية في إنتاج وتسويق الثروة الحيوانية على مستوى اليمن.
مديرية المراوعة إحدى مديريات محافظة الحديدة تقع في وادي سهام غرب مدينة الحديدة بحوالي 30كم، ويحدها من الشمال مديرية باجل، ومن الجنوب مديريتي السخنة والدريهمي، ومن الشرق مديرية برع والسخنة، وترتفع عن مستوى سطح البحر حوالي 84 متراً.
قامت “الثورة” الصحيفة مع فريق أبحاث مؤسسة بينان التنموية بتجوال استطلاعي في حظائر بعض المربين وقوافل الكثير من رعاة الأغنام في الشعاب ومجاري الوديان، حيث وجدنا نوعين من الماعز: ماعز عديمة القرون (الدبعاء) طويلة الأذنين، والآخر طويلة القرنين، قصيرة الأذنين ذات شعر وخصوبة عالية ونسبة توائم تصل إلى حوالي 80%.. تمتاز بمقاومتها لظروف الجفاف القاسية.
ولاحظنا في مسح استطلاعي سريع أن الماشية تعتبر مصدر دخل لدى الكثير من أسر أبناء المنطقة بمعدل حيازة ما بين 3- 40رأساً للمزارع الواحد وتربى الماشية في أغلب المناطق اليمنية بشكل مختلط مع الأغنام.
تتميز الماعز بسرعة الحركة وبقدرتها على التقاط أوراق الأشجار المتساقطة على الأرض والتسلق على الأشجار والشجيرات على عكس الضأن والأبقار التي ترعى على الحشائش وقصب ما بعد الحصاد، وجميعها تتم تغذيتها بالأعلاف الخضراء والجافة إلى جانب المراعي المتنوعة ومخلفات المزارع وبقايا الأكل، فضلا عن قيام بعض المزارعين باستخدام التغذية المركزة (الحبوب – وبقايا الخبز – البوشة نخالة القمح) وتصل قيمة الكيس الخبز المجفف إلى 3000 ألف ريال، والبوشة إلى 2000- 2500 ريال، وتستخدم التغذية المركزة من أجل زيادة نسبة الحليب وبشكل أساسي لتسمين الذكور.
أما رعي الماعز في المرواعة، فيتم على فترتين صباحية 6 – 10، ومسائية 3.30 – 6.. أطفال ما فوق العاشرة هم من يرعون الماشية خلال الإجازات الدراسية والعطل الأسبوعية وفي أوقات الدراسة يتم رعيها من قبل النساء والآباء، الذين يرعون الأغنام في المراعي القريبة من القرى وتختلف المراعي في المنطقة ما بين أشجار السلام، وشجيرات الاشواك البرية، وفي المزارع بعد الحصاد.. في فصل الصيف تقل المراعي بسبب الجفاف، وهنا يقع المربي أمام خيارين إما بيع القطيع تفاديا للجوع والموت الفجائي أو الاعتماد على شراء الأعلاف من الأسواق والتي تتراوح كلفة حزمة العجور 70 – 150 ريال، بحسب الوزن والكمية.
ويقدر عمر الماعز وفق التغيرات التي تظهر على الأسنان ويكون ذلك بفحص القواطع التي توجد في مقدمة الفك السفلي، فالمواليد لديها ثمانية قواطع لبنية تكتمل عند الشهر الرابع وتكون القواطع صغيرة ولونها أبيض، ومع تقدم العمر تبدأ القواطع اللبنية في الاستبدال بقواطع مستديمة كبيرة الحجم عريضة وصلبة لونها أصفر.
وتترك المواليد بجانب امهاتها ترضع لمدة ثلاثة أشهر، وبعد ذلك يتم فطامها لتتحول في غذائها إلى الأعلاف والمراعي، والبعض من المربين يحلب جزءاً من الضرع للاستهلاك ورضاعة الأطفال.
كما أن الرعاة- يقدمون الماء لسقاية الماشية بشكل حر أمام قطعانهم، ويزداد استهلاك الماشية للماء في فصل الصيف بسبب ارتفاع درجات الحرارة، كما يهتم بعض الرعاة بتقديم الماء لماشيته في المرعى لتفادي حدوث العطش.
أما أحواش تربية الماشية فيتم تنظيفها حسب إفادة أغلب من سألنا من الرعاة بشكل دوري شبه أسبوعي، وذلك للقضاء على انتشار الطفيليات الخارجية، ويتم جمع المخلفات من حوش التربية ليتم تكويمها بجوار المنازل لاستخدامها لاحقا في الأراضي الزراعية كأسمدة.
وجرت العادة أن تتآكل أظلاف الماعز كلما زادت حركة سيرها، فيما تنمو بشكل كبير في حالة السكون ما يؤدي إلى إعاقة حركة الماعز بحرية، وتعتبر عملية تقليم الأظلاف من العمليات التي تجرى في مزارع الماعز عدا في المراوعة فإنه لا يتم تقليم الاظلاف إلا في النادر ويعود ذلك إلى عدم معرفة الكثير من المربين بأضرار بقاء الأظلاف التي تعيق الذكور أثناء عملية التلقيح.
قبل قيام مؤسسة بنيان التنموية بتدخل عاجل في الأيام الأخيرة من خلال تدريب وتأهيل عدد من الشباب في مجال الصحة البيطرية، كانت الرعاية في مناطق القطيع والمراوعة والخليفة تعاني من ضعف، والتدخل ساهم بشكل ملحوظ في رفع المعاناة عن كاهل مربي الماعز والماشية بشكل عام، حيث اتسع نطاق الاهتمام والمتابعة بالشباب المتطوعين وتحت إشراف عمال الصحة البيطرية في العيادات الأربع المتواجدة على مستوى المناطق الثلاث.
ويبقى مربو الثروة الحيوانية في مواجهة مباشرة مع عوائق كثيرة تتمثل في نقص المهارات والمعارف المناسبة في عملية تربية الحيوانات، إذ نجد- على سبيل المثال- المربين في مديرية المراوعة يقومون بتربية الماعز بصورة مختلطة مع الأغنام، وفي حظائر مفتوحة تحتوي على أجزاء مخصصة للظل لحمايتها من حرارة الشمس.
كما أن هناك مشكلة انتشار الكلاب المفترسة جوار مصنع درهم ومقلب القمامة، والتي -حسب إفادة أبناء منطقة الدمانيي- قضت على ما يقارب 30 رأساً من الأغنام (الضأن) والماعز خلال الأشهر السابقة.
هذا بالإضافة إلى أن الكثير من مربي الماعز لا يهتمون- هنا- بعملية عزل الحيوانات المريضة عن السليمة، ما أدى إلى تسارع انتشار الأمراض بين القطيع، ومثال على ذلك يترك الحيوان المصاب بالخراج (السل الكاذب) وسط القطيع إلى أن يسيل منه القيح ويلوث الأعلاف.
وللنهوض بتربية الماعز في المراوعة بالشكل الأمثل لا بد من اتباع وسائل وطرق حديثة تحقق أرباحاً مادية حقيقية لمربي الماعز، ومن هذه الوسائل تقطيع الأعلاف قبل تقديمها، وإنشاء مشاريع مصغرة لإنتاج الأعلاف، والانتخاب الوراثي من خلال اختيار الذكور الجيدة في التلقيح.
كما أنه يجب الاهتمام بزراعة الحشائش الخضراء بالإضافة إلى أشجار البقوليات وقصب أنواع الحبوب القابلة للاستفادة منها في توفير أعلاف خضراء مركزة، وهذا من شأنه أن يعود على المربي بفائدة في رفع القدرة الإنتاجية في مخرجات الماشية من الألبان، وفي تسمين الماشية ذاتها، أما إذا توفرت قطاعات لتقطيع الأعلاف، فإن في ذلك تقليلاً من حجم الفاقد التي يتلف بفعل تقديم الأعلاف بهيئتها كنباتات أو قصب كاملة، كما يسهل التقطيع عملية تجفيف الأعلاف بصورة مصغرة ومضغوطة الحجم للاستفادة منها في الأيام غير الموسمية، لأن تقديم الأعلاف بشكل حر وبدون تقطيع يعود بالخسارة على المربين.
وأخيراً يتم تسوق الماعز المروعي من والى الأسواق المحلية المختلفة على حسب أيام الأسبوع في المراوعة: يوم الاثنين صباحا تسوق جميع الحيوانات، وفي يوم الثلاثاء يتم تسويق إلى سوق باجل عصرا، ويوم الجمعة تذهب إلى سوق بيت الفقيه وفي يوم السبت تسوق في سوق المغلاف، ويأتي الجلابون من مختلف المناطق لشراء الماعز من قرى وأسواق مديرية المراوعة، وتختلف أسعار الأغنام بحسب العمر والبنية الجسمية للحيوان، فالماعز الحامل- على سبيل المثال- تتراوح قيمتها إلى ما بين 25-30 الف ريال، أما الماعز المنتجة فتتراوح قيمتها إلى ما بين 20- 25 الفاً، وتختلف أسعار الماعز بحسب العمر والوزن حيث تتراوح قيمة الذكر إلى ما بين 35 – 70 الفاً كمتوسط.