جابر يحيى البواب

شعار الوحدة

 

د. جابر يحيى البواب

من حين لآخر، تلجأ بعض الأندية إلى تغيير شعاراتها، ومن النادر خصوصاً في أوروبا أن تلقى هذه القرارات الإدارية احتجاجات جماهيرية إلا في الحالات التي يكون فيها قرار تغيير الشعار ارتجالياً وغير مدروس ولا يخدم النادي.. لماذا تقدم هذه الأندية على تغيير شعار النادي؟ هناك الكثير من المبررات التي تطرحها إدارة النادي أو يطرحها الشخص الراغب بتغيير الشعار أو الأشخاص المدافعون عن فكرة تغيير الشعار، كما أن هناك الكثير من الاحتجاجات والانتقادات لفكرة تغيير الشعار يطرحها معارضو الفكرة.. لكن دعونا نتناول الموضوع من زاوية علمية وبنظرة حيادية غير متعصبة.. ولتكن البداية حول معرفة ماذا يعني الشعار؟.. الشعار هو عبارة عن صورة أو رسمة بصرية إيضاحية، وهو الوجه المحدد الذي يتم من خلاله التعرف على الاتحاد أو النادي أو أية مؤسسة رياضية أو شركة أو منتج محدد، أو حتى دولة، ويتكون الشعار من رمز أو اسم، أو حروف مختصرة، أو رسم تعبيري، ومن الممكن أن يجمع بين شكلين كالجمع بين الحروف والرموز، وقد يكون للشعار لون واحد، أو أكثر من لون، أو باللون الأبيض والأسود، وليس من الضروري أن يعبِّر الشعار عن جهة رسمية أو حتى أهدافها.
معظم شعارات الأندية الحالية لم تعد نفسها الشعارات التي صممت عند تأسيسها، فمعظم الشعارات مرت بتغييرات جذرية، فالشعار المصمم في خمسينيات القرن الماضي لم يكن مناسبا في الثمانينيات، ولا التسعينيات، وقد لا يفي بمتطلبات الألفية والمتغيرات الحاصلة في وقتنا الحاضر، على سبيل المثال مر شعار نادي ريال مدريد بعدة تطورات طرأت عليه، فخلال مائة عام من تاريخ إنشاء النادي تم تغيير الشعار أكثر من مرة، فقد كان الشعار الأول يحتوي على ثلاثة حروف باللغة الإسبانية MFC، وتعني تلك الحروف الثلاثة (M F C) اختصارا لكلمة (MADRID FOOTBALL CLUB، وهي تعني بالإسبانية نادي مدريد لكرة القدم.. تمت كتابة الحروف بالأزرق على خلفية بيضاء، مع تداخل الحروف، وكان حرف C كبيرا، ويحتضن حرفي MF أدخل النادي بعد ذلك تعديلاً بسيطاً على نفس الثلاثة الحروف وجعلها أكثر وضوحا.. حيث أصبح حرف M كبيرا ومقوسا.. ويحتضن حرف C ثم حرف F، وظلت حتى وقتنا هذا بنفس الشكل مع اختلافات بسيطة.. في عام 1920م أصبح النادي تحت الرعاية الملكية بعد حصوله على العديد من البطولات والألقاب، وتمت إضافة التاج الملكي على الشعار مع الاحتفاظ بالألوان الأساسية.. في عام 1931م سقطت الملكية في إسبانيا، وبالتالي كان من الضروري إزالة رمز التاج، وتمت إضافة شريط بنفسجي مائل الذي يرمز إلى ولاية قشتالة، لكن استمر الشعار بنفس الألوان.. بعد ذلك في عام 1941م.. بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، والتي اشتعلت في كل بلدان أوروبا، ومات بسببها ملايين البشر تغيَّر لون الشعار باللون الذهبي، وعادت الملكية فوضعوا التاج على الشعار مرصعا بالجواهر مرة أخرى، لكن احتفظ بالشكل المعروف به بنفس الثلاثة الحروف.. في عام 2001م كان آخر تعديل طرأ على الشعار والذي احتفظ بالتاج والثلاثة الحروف والوشاح والدائرة لكن بألوان أكثر حدة لتكون عصرية، وأكثر بهاء.
أبرز متطلبات العصر الحالي هي أن يكون الشعار قابلا للاستخدام الرقمي، سواء في مواقع الانترنت أو التطبيقات أو شبكات التواصل الاجتماعي، فالشعار اليوم لم يعد مجرد شعار يوضع على صدر قمصان اللاعبين وأعلام الجماهير، بل أصبح يمثل هوية بصرية وعلامة تجارية للنادي، لذلك فإن الشعار المطوَّر ينبغي أن يكون سهل الاستخدام كأيقونة على سبيل المثال، وفي حال وجوده بحجم صغير في زاوية صفحة على الإنترنت فإنه يجب أن يظهر التفاصيل التي تمثل عناصر شعار النادي.
مؤخرا ولفترة وجيزة كثر الحديث عن تغيير وحدة صنعاء للشعار، وتطرق البعض لتفاصيل التغيير بالنقد الإيجابي والسلبي، واتفق البعض مع فكرة التغيير واختلف البعض مع هذه الفكرة، وذهب البعض إلى مسافة بعيدة جدا من الرفض لهذه الفكرة والإشارة إلى وجود مصلحة شخصية وهدف غير سامٍ كان وراء تغيير الشعار، وبعد بيان نادي وحدة صنعاء وتوضيح بعض اللبس حول هذا الشعار، توقف الحديث عن أحقية التغيير من عدمها، والأهداف من وراء هذا التغيير، الذي أجده مشروعاً بل مطلوباً لمواكبة التطورات العصرية العلمية، لكن مع المحافظة على الهوية التاريخية والأهداف الرئيسية التي أنشئ من اجلها النادي، واحترام رغبة جمهور النادي، العصب الرئيسي لاستمرار تقدم النادي وتطوره.

قد يعجبك ايضا