لا زالت بلادنا يمن الإيمان والحكمة تتعرض للعدوان والحصار وتضييق العيش باستهداف الاقتصاد الوطني وإفقار الناس، وهنا يبرُز دورُ الأغنياء والميسورين في مواجهة هذه الأهداف الخبيثة، حيث أن جبهة الاقتصاد هي الجبهة التي يجب أن يتحمَّلوا مسؤوليتَهم فيها، وعليهم تذكُّر هذه النقاط:
حين يساعدون فقراء البلد ومحتاجية فإنهم إنما يكسبون الخير، ويساهمون في تماسك الجبهة الداخلية، وتمتين روابط الأخوة بين أبناء المجتمع الواحد.
روى الإمام الهادي يحيى بن الحسين عليه السلام بسنده إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أنه قال: (إن الله يحب السخي فأحبوه، و يبغض البخيل فأبغضوه).
الإنفاق منهم هو رأس مالٍ صغير يقدِّمونه فيربحون به خيرا كثيرا، ولو بخلوا بأموالهم، وأدى ذلك إلى خضوع البلد للاحتلال أو الفوضى فإنهم سيخسرون كل شيء، وهذا خطأ كبير حتى بحسابات الربح والخسارة المادية؛ لأن الإنفاق يساهم في الحفاظ على رؤوس أموالهم ومؤسساتهم، بالإضافة إلى حصولهم على خير الآخرة، وأجرها وبركتها؛ يقول تعالى: (وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ) (البقرة: 272). (وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاء وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ). (محمد:38).
نصَّ الأئمةُ من أهل البيت عليهم السلام: الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين، والإمام عبدالله بن حمزة، والإمام القاسم بن محمد، والمتوكل على الله إسماعيل، وغيرهم، أنه في الظروف المقتضِية للجهاد وفي حالات الطوارئ العامة يجب أخذُ العفو والزيادة من أموال الأغنياء لمواجهة المحاربين المعتدين، وكفالة المحتاجين، وإنقاذ الأمة من طائلة العدوان والمنافقين، ومن المعروف أن الإسلام يتضمن منظومة رائعة من القيم والتعاملات لإحياء التكافل الإنساني بين أفراد المجتمع المسلم بأنواعه المتعددة، ومنها التكافل الدفاعي والأمني، والتكافل الجنائي، والتكافل المعيشي، والتكافل التعليمي والعلمي، وكفالة الأيتام، وكفالة الجيران، وغير ذلك.
حين نرحم أهل الحاجة، والمُعْدِمين فإن الله سيرحمنا وسينصرنا، ومن لا يَرْحَم لا يُرْحم، والراحمون يرحمهم الرحمن، ولن ننال الخير والنصر والربح الذي يريده الله إلا بالإنفاق؛ يقول تعالى: (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ). (آل عمران: 92).
ليتذكرْ صاحبُ المال أن الجهاد بالمال عبادة مالية تساوي الجهاد بالنفس، وهي من العبادات التي نصَّ القرآن الكريم أن الله يضاعف أجرها، (مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) (البقرة:261).
أما إذا كان هذا الإنفاق في رمضان فإنه يتضاعف أكثر، بمقدار سبعين مرة، ثم إذا كان سرا فإنه أيضا يتضاعف سبعين مرة، ثم إذا كان في ليلة القدر فسيتضاعف 30 ألف مرة، ثم يضاعِفه الله إلى ما شاء من الأضعاف التي لا يحصيها إلا هو.