عادات وافدة تطغى على روحانيته: شهر رمضان .. استهلاك بامتياز

 

مواطنون: امتلاء الموائد الرمضانية بالوجبات المتنوعة أمر ضروري .. وهي عادات ورثناها عن آبائنا
علم النفس الاجتماعي: الشعور بالاحتياج والجوع هو الطاغي في رمضان وعادات التكافل الاجتماعي اختفت
علم الاقتصاد: الأسرة اليمنية في ظل الظروف الراهنة معنية بترشيد دخلها في الشهر الفضيل

الموائد الرمضانية تشهد تنوعاً وزخماً يصل في كثير من الأحيان لحد البذخ والتبذير، وهذا الأمر يؤدي إلى رمي الفائض أو التالف في سلة القمامة، ليتحول شهر رمضان شهر الرحمة والتكافل والبذل والعطاء إلى شهر للاستهلاك والتبذير.
وهنا ويأتي دور الثقافة الاستهلاكية في مجتمعنا خاصة في رمضان ثقافة قد تكون منعدمة والمتحكم الوحيد فيها هو الاحتياج لإشباع معدة خاوية تتلاشى فور إشباعها، لنتابع التفاصيل في التحقيق التالي:

في الشهر الفضيل لا نجد الوقت للتسوق أو شراء الحاجيات الضرورية .. هكذا يقول الموظف عبدالرحمن الحداء والذي يضيف: كما أننا نحتاج في كثير من الأحيان للتنوع في الموائد الرمضانية.. ولا يعتبر عبدالرحمن أن هذا الأمر تبذير أو بذخ بل نتاج طبيعي لمعدة خاوية طوال النهار، مع أن كمية الطعام المستهلكة قد تكون محدودة للغاية..
يشاركه الرأي زميله محمد الصلوي فيقول: هناك عادات وتقاليد توارثناها عن آبائنا فيما يخص شهر رمضان ولا يكتمل الصيام إلا بتوفرها وتواجدها على المائدة الرمضانية، لذلك إن لم تتوفر لدينا السيولة النقدية فإننا نسعى لأخذ قروض لنستطيع توفير متطلبات رمضان.
وعن التبذير والبذخ يقول : نحتاج في كثير من الأحيان وجبات متنوعة كون الجسم يحتاج للغذاء المتنوع ليعوض صيام طيلة نهار رمضان ،معترفاً بأنه في بعض الأحيان يكون الاستهلاك فائضا عن الاحتياج وقد يصل إلى درجة التبذير أحياناً.
من جانبها تقول أم ماجد : أقضي ساعات طوال في المطبخ لتحضير العديد من الأطعمة والحلويات وفي نهاية المطاف لا يأكل أفراد أسرتي إلا الشيء البسيط، وهذا يزعجني كثيراً وحين أحاول التقليل من تلك الأطعمة لا أجد منهم سوى اللوم والتوبيخ .
الشعور بالذنب
من جهة أخرى يرى علماء النفس أن ظاهرة الاستهلاك للمواد الغذائية هي السائدة في شهر رمضان لأن الشعور بالاحتياج والجوع يكون هو الطاغي ،حيث تسيطر على الصائمين فكرة أن الغذاء الذي تم شراؤه لن يكفي ولن يفي بالغرض بالتالي يبادرون بشراء كميات كبيرة.. كما أن مسألة الشراء والذي يصل لمستوى الهوس لسلع رمضان أصبح عادة وضرورة لدى كثير من المجتمعات رغم المعرفة والعلم بأنه يندرج تحت قائمة التبذير والبذخ.
وينصح علماء النفس بأنه يتوجب على الأسرة فهم أن الاستهلاك للغذاء في شهر رمضان بشكل مبالغ فيه سيترتب عليه نتائج سلبية على حساب متطلبات واحتياجات أسرية أخرى كشراء متطلبات العيد والعام الدراسي الجديد خاصة لدى محدودي الدخل، حيث تشكل هذه الفئة الغالبية العظمى من مجتمعنا.
التكافل الاجتماعي
من جانبها تقول إلهام الكميم اختصاصية في علم الاجتماع: يبدو أن تدهور الوضع الاقتصادي في اليمن بسبب العدوان لم يؤثر كثيراً في تغيير الثقافة الاستهلاكية للمجتمع اليمني ,فنجد الإقبال على شراء المواد الغذائية يتزايد بشكل ملحوظ منذ منتصف شهر شعبان وفي أيام رمضان ويكفي أن تمر بأحد الأسواق التجارية والمجمعات الاستهلاكية لترى مستوى الإقبال على الشراء، وهذا ما يجعلنا نتمعن في بعض المبررات المقبولة لزيادة استهلاك المواد الغذائية في هذا الشهر الكريم ، فبعض الأسر تعتبر شهر رمضان شهر التموين ولو لعدة أشهر مقبلة مثله في ذلك مثل شراء الملابس في الأعياد الدينية فالكثير من الناس يشترون كسوة العام في العيد لعام أو نصف العام في رمضان..
وأضافت: ومن المعروف أن السيولة النقدية والتداول النقدي يزداد في شهر رمضان نتيجة لعدة أسباب منها إخراج الكثير من الأغنياء والميسورين للزكاة في هذا الشهر الكريم وهو ما انعكس إيجابا على دخل الكثير من الفقراء والمعسرين ، ويجب أن لا نغفل خصوصية هذا الشهر الكريم حيث أن معظم أفراد المجتمع يفضلون أطعمة المنازل على أطعمة المطاعم لخصوصية الأكلات وتنوعها في شهر مبارك .
وتنوه الكميم: هناك من الأسر من لا تجد قوت يومها حتى في رمضان، وبالمقابل هناك تبذير واضح لدى اسر أخرى، فنجد أن عادات التكافل الاجتماعي والتي كانت موجودة في المجتمع اليمني مثل تبادل الأطعمة بين الأسر حتى الميسورة منها قد اختفت وهذا أثر سلبا على المجتمع.
ثقافة الترشيد
ويرى علماء الاقتصاد أن ترشيد إنفاق دخل الأسرة اليمنية يبدأ من إشباع الحاجات الأساسية أولاً وهذا ما تعنى به الأسرة ويعني الاهتمام بطبيعة الإنفاق على ما هو أساسي من مأكل ومشرب وملبس ومسكن ودواء وتعليم ثم يأتي بعد هذا كله الإنفاق على شراء الكماليات قدر الإمكان فإذا كان الحد الأدنى للدخل الشهري الثابت يتراوح بين30و50 ألف ريال فلا بد أن يوجه ما زاد على ذلك من دخل غير ثابت إلى توفير الأساسيات.
والأسرة اليمنية في الوضع الراهن معنية بترشيد دخلها سواء الدخل المنظور أو الدخل غير المنظور.. فإذا كانت الأسرة ذاتها لم تساعد نفسها لترشيد إنفاق دخلها فلا يمكن لجمعية ولا لداعية أن يؤثر فيها ويرشد قرارها فما من طريقة أخرى لأن ثقافة الترشيد هي تربية منهجية.
شهر القيم النبيلة
أصبح شهر رمضان بالنسبة للكثيرين موسما لشراء وتخزين ما هو ضروري وغير ضروري من الأطعمة الرمضانية والسلع الغذائية المتنوعة والإفراط في تنويع الأكلات على موائد الطعام الرمضانية والتي قد تذهب غالبا إلى أكياس وحاويات القمامة وهو ما يتنافى مع المعاني السامية والقيم النبيلة التي جاء بها شهر رمضان المبارك شهر الصوم والعبادة .

قد يعجبك ايضا