فلسطين.. والعرب والغرب

معاذ أبو شمالة

 

 

لفلسطين موقع استراتيجي مميز يفوق كثيراً دول المنطقة ذات المساحة الأكبر والموارد الأكثر، وهذا ما دفع الاستعمار الغربي إلى تبني فكرة قيام كيان يهودي على أرضها، ليشكل مانعاً لوحدة العرب وحاجزاً لنهضتهم.
ولمّا تَكوّن هذا الكيان الغريب في قلب الأمة العربية، حظي مباشرة باعتراف معظم دول العالم، وكأن له كل التأييد والتعاطف والدعم حتى يكون وكيلاً لهم في المنطقة.
أما الأنظمة العربية المتجزئة والمتناحرة – والتابع معظمها للقوى العظمى – فتغير دورها في دعم الشعب الفلسطيني وقضيته، فتراجع دورها العسكري فلم يعد للجيوش العربية بعد حرب 1973م أي تأثير أو حساب في معادلة الصراع العربي، وأصبح الجيش الصهيوني يعربد في المنطقة دون رادع يردعه.
أما الدعم العربي المادي والمعنوي فتراجع من التعاطف والدعم الإعلامي والسياسي والمادي إلى الدور الانهزامي الساعي للتعامل والتعايش مع هذا الكيان، وهي هزيمة نفسية أشد أثراً من الهزيمة العسكرية، فخرج علينا العرب بشعار أن السلام هو الخيار الاستراتيجي لهم، وتجلى ذلك في تبنيهم ما عرف باسم المبادرة العربية للسلام.
أما الشعب الفلسطيني فقد أحسّ بالخطر مبكراً منذ عشرينيات القرن الماضي، فقام بالثورات تلو الثورات، ولكن المؤامرات الخارجية استطاعت تشتيت قواه الحية، وضغط الغرب بكل ما أوتي من قوة حتى يتم هزيمة هذا الشعب الثائر عسكرياً ومعنوياً، وهو الآن يسعى – بكل ما أوتي من قوة – أن يسقط العدالة عن القضية الفلسطينية ويُخرج الفلسطينيين بلا حقوق ولا حماية.
ولكنهم وللآن عاجزون عن تحقيق تسوية سياسية بأدنى الحقوق، في سقوط واضح للقيم والمبادئ أمام المصالح.
إن هذا التصرف الوقح للغرب يشرعن للفلسطينيين استخدام جميع الوسائل المتاحة لاستعادة حقوقهم، وعلى رأس هذه الوسائل المقاومة المسلحة بعد وضوح وجلاء هذه المؤامرة.
إن المقاومة بكل أشكالها حق مشروع كفلته جميع الشرائع السماوية والأعراف والقوانين الدولية، وهي الخيار الاستراتيجي لحماية الحقوق واستردادها وخاصة في هذا الوقت الذي ذُبحت فيه القيم والأخلاق.
إن العمل المقاوم داخل الشعب الفلسطيني – الذي تحرك وما يزال يتحرك، وإن تعرض لبعض الهزات والنكسات – سيظل القطب الذي يجمع حوله الشعب الفلسطيني والعرب والمسلمين وكل أحرار العالم.
إن المقاومة الفلسطينية التي انطلقت من الداخل الفلسطيني – التي تعاظم أمرها واشتد عودها فتطورت من السكاكين إلى إطلاق الصواريخ حتى أصبحت قادرة على ضرب أي مكان في فلسطين المحتلة – ها هي اليوم تستعد لأن تكون جيشاً يتحرك لتحرير الأرض والمقدسات.
إن هذه المقاومة هي أمل الشعب الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية، بعد فشل العدو الصهيوني في اجتثاث شجرتها أو إسقاط حصونها، بعد أن امتلكت قرارها وصنعت سلاحها وطورته، لتحتاج إلى كثير من الدعم المادي والمعنوي بعد أن ازداد التآمر والتخاذل عليها، وهي تعلن اليوم أن القدس موعدنا.. موعدنا مع النصر.. وموعدنا للصلاة في الأقصى.
(ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله).
*ممثل حركة حماس في اليمن

قد يعجبك ايضا