الاكتفاء ذاتياً مرهون بيمننة مدخلات إنتاجها التي تتجاوز 2 مليار دولار سنوياً
خطوات حثيثة نحو الاستغناء عن مدخلات إنتاج الخضروات والدواجن
يعاني اليمن في الوقت الراهن من فجوة غذائية كبيرة، في محاصيل الحبوب الرئيسية، ما يجعل قضية تأمين الغذاء من أهم الأولويات التي يجب الاهتمام بها، والعمل دوما على تضييق الفجوة وتحجيم فاتورة الاستيراد، لأن من لا يملك قراره لا يملك حريته واستقلاله وسيادته.
«ويل لأمة تأكل مما لا تزرع وتلبس مما لا تنسج» قول مأثور عربيا فيه تأكيد على أهمية تحقيق الاكتفاء الذاتي في حياة الأمم والشعوب وخطورة الاعتماد على استهلاك إنتاج الآخرين.
والاكتفاء الذاتي، مصطلح يقصد به أن يعتمد بلد ما على إمكانياته الخاصة للحصول على احتياجاته من السلع الاستهلاكية والاستثمارية أو الغذائية، بهدف التقليل من مستوى التبعية السياسية والاقتصادية للدول الأخرى.
الثورة / يحيى الربيعي
كما أن الاكتفاء الذاتي هو إحدى السياسات الاقتصادية التي بمقتضاها تحاول أية دولة أن تستغني، بما في وسعها من الجهد، عن الواردات من الدول الأخرى، وذلك باعتمادها على منتجاتها المحلية، بدلاً من المنتجات الأجنبية، ولا يعني بأي حال من الأحوال وقف أو قطع التبادل التجاري مع الدول الأخرى وإنما إعداد وتأمين شروط وظروف داخلية وطنية لتحقيق ربحية أعلى للتبادل الاقتصادي عبر قنوات تقسيم العمل الدولي من خلال تنمية الإنتاج المحلي كميا ونوعيا.
وبالتالي، فإن تحقيق مستوى إشباع نوعي وكمي أعلى لاحتياجات المواطنين الاستهلاكية والاستثمارية هدف يتطلب بذل الجهود المكثفة والحثيثة من الجميع وعلى المستويين الرسمي والشعبي، أفرادا ومؤسسات وعلى كافة المستويات في أجواء من تحمل المسؤولية.
فاتورة مدخلات
وأشارت معلومات عن الإحصاء الزراعي إلى أن الاكتفاء الذاتي في الأساسيات يعد سبيلا إلى الاعتماد على النفس وتطوير الإمكانات الذاتية وتقليل الاعتماد على الاستيراد، كما أنه يدعم السيادة الوطنية، مؤكدين- في ذات الوقت- أن هذا الاكتفاء مايزال مرهوناً بخطوات حثيثة تبذل في سبيل يمننة مدخلات مجموعة من الخضروات التي تتجاوز فاتورة استيرادها 2 مليار سنويا من ضمنها مدخلات الأمهات والأعلاف في الدواجن، في إشارة منهم إلى أن الاكتفاء الذاتي هو القدرة على إنتاج جميع الاحتياجات الأساسية محليا من خلال الاعتماد الكامل على الموارد والإمكانات الذاتية المتاحة لدى المجتمع، والاستغناء ما أمكن عن استيراد أي من مدخلات الإنتاج.
محللون في الاقتصاد الزراعي أكدوا أن تحقيق الاكتفاء الذاتي ضرورة تفرضها التداعيات الكارثية للعدوان الجائر على اليمن، لافتين إلى أهمية التوسع في نسبة المساحة المزروعة لتأمين الغذاء، لارتباط الهدف باستقلالية القرار اليمني وتحرير الإرادة اليمنية، وتكوين جبهة متقدمة في مواجهة العدوان الصهيو-أمريكي، وإبطال مخططات التركيع والإذلال والتجويع المتواصلة للعام السادس دونما رحمة أو وازع من ضمير، وفي ظل صمت دولي مخز، مؤكدين ان الحبوب من المحاصيل الاستراتيجية المرتبطة بسيادة الدول، وتحرر قراراتها، لذا لن يتمكن اليمنيون من نيل حريتهم وامتلاك قرارهم السيادي، إلا إذا تمكنوا من إنتاج احتياجاتهم من الغذاء.
هدف استراتيجي
إلى ذلك استشعرت اللجنة الزراعية العليا أنها معنية في إطار مشروع الرئيس الشهيد صالح الصماد “يد تحمي ويد تبني”، ومحددات الرؤية الوطنية لبناء الدولة الحديثة بالعمل على زرع روح المبادرة عند المزارعين نحو زراعة الحبوب، وتحسين مخرجات الثروة الحيوانية والاهتمام بتربية الدواجن داخل المديريات النموذجية منها وغير النموذجبة عبر اكتشاف واستنهاض إمكانات المزارعين القادرين، والبحث عن فرص تمكين ودعم للمزارعين المعسرين، كاستئجار أراض مناسبة لتنمية الأسر المنتجة زراعيا أو مساعدتها على استصلاح أراضيها وزراعتها، أو البحث عن قروض بيضاء عبر شركاء التنمية في القطاعين العام والخاص كالصناديق والهيئات والمؤسسات ذات العلاقة بالزكاة والأوقاف والتقاعد، والتحسين، والمعاقين، والتشجيع الزراعي والترويج والتسويق الزراعي وكل المحسنين الراغبين تقديم الدعم والمساندة في الجبهة التنموية.
مصادر في وزارة الزراعة والري واللجنة الزراعية والسمكية العليا ومؤسسة بنيان التنموية أكدت حرصها مع شركاء التنمية في السلطة المحلية والمؤسسات والهيئات والقطاعات ذات الصلة بالإنتاج الزراعي والقطاع الخاص في جميع مناطق البلاد الواعدة بالخير والعطاء على تنفيذ خطط تشغيلية وأخرى تنفيذية ضمن هدف استراتيجي عام هو تحقيق الاكتفاء الذاتي من محاصيل الحبوب، والثروة الحيوانية والدواجن، ووفق خطوات عملية منها:
– التوسع في المساحات الزراعية، وإنشاء المزارع الحيوانية وتشجيع تربية الدواجن المنزلية وإنشاء المزارع النموذجية.
– زيادة الإنتاج بصورة تدريجية، وصولاً إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي وفق خطط قصيرة ومتوسطة وبعيدة المدى..
– السعي الجاد في إيجاد السبل والفرص لتخفيض تكاليف الإنتاج، كي يصبح بمقدور المنتج المحلي منافسة أسعار المستورد، وتقليص قيمة فاتورة الاستيراد بصورة تدريجية، وسيكون هناك تناسب عكسي بين الكميات المنتجة محلياً وبين الكميات المستوردة.
– تحفيز وتشجيع المزارعين والمربين والأسر المنتجة نحو تطوير مستلزمات الإنتاج وإدخال التقنيات الزراعية والحيوانية والدواجن الحديثة من أجل تنمية المجتمعات المنتجة كل بحسب إمكاناته المتاحة أو يمكن الحصول عليها بمساندة مجتمعية أو من القطاع الخاص أو الصناديق.
– تشجيع وتحفيز البحوث الهادفة إلى تطوير الإنتاجية، وتحسين التسويق وتطوير السعة التخزينية للمحاصيل.
– تدشين حملة توعية للحد من الزحف العمراني على الأراضي الزراعية، في العديد من المحافظات الزراعية في المديريات النموذجية، وعمل لوحات ارشادية في القيعان الزراعية من شأنها التنويه بأخطار الزحف العمراني على الأراضي الزراعية.