بوليصة النقل والتأمين إلى اليمن ارتفعت100 % جراء الحصار ما أدى إلى ارتفاع قيمة السلع والخدمات

الخبير الاقتصادي في مجال النفط والمعادن سليم الجعدبي لـ «الثورة»: 24مليار دولار من إيرادات النفط والغاز نهبها المرتزقة خلال ست سنوات

حصار المشتقات النفطية رفع كلفتها إلى أكثر من 100 % ويتحمل أعباءها المواطن اليمني
حكومة المرتزقة طبعت مبالغ إضافية وصلت إلى 1720 مليار ريال من العملة غير المغطاة
22 تريليون ريال يمني ما نهبه المرتزقة من الإيرادات العامة طيلة ست سنوات
تم التركيز سابقاً على توجيه الاستثمارات في مجال النفط والمعادن إلى شركات أمريكية وبريطانية في الواجهة وتضم في طياتها شركات إسرائيلية
هناك شركات عملت على نهب الذهب في حجة طيلة 25 عاماً تحت مبرر الدراسات الاستكشافية

أكد الخبير الاقتصادي في مجال النفط والمعادن سليم الجعدبي أن الحرب الاقتصادية تزامنت مع الحرب العسكرية عن طريق فرض الحصار الاقتصادي الشامل على الشعب اليمني وإغلاق المنافذ الجوية والبحرية والبرية وتجفيف منابع الإيرادات الرئيسية من النفط والغاز والضرائب والجمارك والتي كانت تمثل أكثر من 90 % من إيرادات الدولة، ما انعكس سلباً على الوضع المعيشي وارتفاع قيمة السلع والخدمات وأسعار المشتقات النفطية وغيرها.. مشيراً إلى أن هناك كميات كبيرة من النفط الخام ومشتقاته والغاز تم نهبها من قبل المرتزقة بقيمة تصل إلى 16.5 تريليون ريال خلال الست السنوات من العدوان..
وقال الجعدبي: إن مؤشر الدين العام المحلي ارتفع إلى 5747 مليار ريال وبنسبة تقارب 100 % جراء السياسات الاقتصادية العدوانية لدول العدوان ومرتزقتها، مؤكداً أن إجمالي ما نهبه مرتزقة العدوان وأسيادهم من الأمريكان والصهاينة والسعوديين والإماراتيين خلال الست السنوات يصل إلى حوالي 22 تريليون ريال يمني من عائدات النفط والغاز وإيرادات الضرائب والجمارك، وأنها لو قُسِّمت لصرف استحقاقات الموظفين فإنها ستكفي لصرف المرتبات بشكل كلي لمدة لا تقل عن 25 عاماً لجميع أبناء الشعب اليمني..
الخبير الاقتصادي في مجال النفط والمعادن سليم الجعدبي تطرق في حوار أجرته معه “الثورة” إلى جملة من القضايا الاقتصادية، مستشرفاً مستقبل الاقتصاد اليمني ومتطرقاً إلى جوانب الاختلالات التي رافقت الاستثمار وعقود الشركات النفطية والغازية الأجنبية المخالفة للقانون والتي سُخِّرت لنهب ثروات الشعب اليمني طيلة عقود وقضايا اقتصادية ومعدنية ونفطية مهمة تقرأونها في سياق الحوار التالي:

الثورة /أحمد المالكي

بداية نريد أن تحدثنا عن الأساليب التي اتبعها العدوان في حربه الاقتصادية على الشعب اليمني طيلة ست سنوات؟
– الحرب الاقتصادية بدأت بالتزامن مع الحرب العسكرية وكلنا نعلم عند إعلان الحرب على اليمن من واشنطن أنه بدأ في نفس الوقت فرض الحصار والسيطرة على كافة المنافذ البحرية والجوية والبرية والموانئ، وبالتالي عندما بدأ الحصار الاقتصادي كان الهدف منه تجفيف منابع الإيرادات المتمثلة بالنفط والغاز والايرادات الجمركية والضريبية والتي تمثل أكثر من 90 % من الإيرادات، وبالتالي عند إغلاق الموانئ والمنافذ تم إيقاف التصدير، كما تم رفع قيمة السلع الأساسية والمواد الغذائية التي تدخل إلى اليمن ورفع أجور الشحن والنقل نتيجة الحصار وبالتالي ارتفعت بوليصة النقل و التأمين إلى اليمن بحوالي 100 %، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع قيمة السلع والخدمات، وبالذات الأساسية، كما ركز العدوان في حربه الاقتصادية على المشتقات النفطية وقام باحتجاز السفن ومنع دخول المشتقات النفطية إلى الحديدة لعلمه بعلاقتها بالناس والحياة الاقتصادية والاجتماعية والمرضى والمستشفيات ومراكز الغسيل الكلوي والنظافة والمعدات والآلات، كما أن منع دخول المشتقات النفطية رفع كلفتها إلى أكثر من 100 % ويتحمل أعباء ذلك المواطن اليمني، كما تمت السيطرة على المصدر الثالث من مصادر الإيرادات والمتمثل بتحويلات المغتربين من خلال فرض مجموعة من الإجراءات والقيود على المغتربين وفرض الإجراءات التعسفية عليهم من خلال رفع الأجور والرسوم والضرائب والكفالات وغيرها الأمر الذي جعل المغترب يعيش ويعاني نتيجة صعوبة المعاملة إضافة إلى عدم استطاعته إرسال أي مبلغ لأسرته داخل الوطن.

ما هي أبرز الآثار الناجمة عن الحصار المطبق على المطارات والمنافذ؟
– الحصار أدى إلى كوارث اجتماعية نتيجة عدم استطاعة المرضى الخروج من اليمن للعلاج في الخارج وارتفاع نسبة الوفيات وتم منع وصول الأدوية اللازمة لمرضى الغسيل الكلوي والسكر والسرطان وغيرهم من المرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة ويحتاجون الأدوية.
كما أن العدوان ركز على إدخال مواد غذائية منتهية الصلاحية غير صالحة للاستخدام الآدمي عبر مجموعة من المنظمات على رأسها برنامج الغذاء العالمي الذي أدخل كميات كبيرة من الشحنات الملوثة التي تم كشفها من قبل المختصين في بلادنا، إضافة إلى إدخال كميات كبيرة من المبيدات الزراعية غير الصالحة في محاولة لقتل الشعب اليمني، وغيرها من الآثار السلبية الكارثية للحصار، مع العلم أن حكومة صنعاء بداية العدوان كانت لا تزال مستمرة في صرف المرتبات، وتم شراء مشتقات نفطية وسلع أساسية بحوالي ملياري دولار وتم توزيع هذه المواد والمشتقات على جميع محافظات الجمهورية وعلى كافة المنشآت سواء في صنعاء أو عدن أو حضرموت أو غيرها من المحافظات الواقعة تحت سلطة الاحتلال والمرتزقة.

العدوان تعمد منع دخول المشتقات النفطية إلى اليمن بينما التقارير تؤكد نهب كميات كبيرة من النفط الخام التي يمتلكها الشعب اليمني.. ممكن توضح هذا الموضوع؟
– كميات النفط الخام تم نهبها من قبل مرتزقة مارب والمرتزقة في المحافظات النفطية التي تقبع تحت سيطرتهم وتتمثل في الغاز المنزلي والنفط الذي يتم تكريره في مصافي مارب وسأتحدث بلغة الأرقام أولاً يبلغ إجمالي متوسط الإنتاج اليومي لشركة صافر من مادة الغاز المنزلي ما بين 95 – 100 قاطرة يومياً، فلو افترضنا أن هذه الكميات تم بيعها بسعر 3 آلاف ريال للاسطوانة الواحدة لوجدنا أنه تم نهب ما يعادل تريليوناً ونصف التريليون ريال طيلة الست سنوات، أضف إلى ذلك كمية النفط المكرر الذي تتم تصفيته في مارب وبيعه في السوق السوداء من قبل المرتزقة والبالغة أكثر من 171 مليون اسطوانة، فلو افترضنا أنه تم بيع الأسطوانة ذات العشرين لتراً بسعر 6 آلاف ريال كسعر رسمي وقد تجاوز ذلك بكثير فسنجد أنهم نهبوا ما يقارب تريليون ريال يمني، أي أن ما نهبه مرتزقة مارب من الغاز المنزلي والمشتقات بلغ 2.5 تريليون ريال يمني أي أن إجمالي ما نهبه المرتزقة من النفط والغاز من مارب والمحافظات النفطية التي تقبع تحت سيطرتهم يصل إلى 16.5 تريليون ريال في الست السنوات خلال فترة العدوان.

كيف أثرت الحرب الاقتصادية على الإيرادات والدين العام؟
– الدولة تأثرت جراء الحرب الاقتصادية في ما يتعلق بالإيرادات حيث ركز العدوان على أكبر مصدر والمتمثل في إيرادات النفط والغاز، كذلك ركز على إيرادات الجمارك والضرائب من خلال المنافذ البرية والموانئ البحرية والمطارات.
الجانب الآخر هو مؤشر الدين العام الذي ارتفع من 3180 مليار ريال إلى قرابة 6 آلاف مليار عام 2018م، أي أنه ارتفع إلى ما يعادل 100 % وهو دين عام مستحق وملزم.

المؤشرات الاقتصادية تعكس حجم الضرر الذي لحق باقتصاد البلد..نريد توضيحاً حول هذا الجانب؟
– أولاً في ما يتعلق بمؤشر العرض النقدي: بلغ إجمالي العرض النقدي أو المبالغ المطبوعة في اليمن حوالي 700 مليار ريال، إلا أن حكومة المرتزقة حرصت على طبع مبالغ إضافية غير مغطاة بالذهب أو الدولار والتي وصلت إلى 1720 مليار ريال نهاية العام 2018م الأمر الذي زاد الطين بلة وأدى إلى ارتفاع العرض النقدي وبالتالي زيادة التضخم وانخفاض القوة الشرائية وأصبح الاقتصاد في مرحلة انكماش، والعدوان يريد بذلك الوصول بالبلاد إلى مرحلة الانهيار الاقتصادي وهناك مؤشرات أخرى على سبيل المثال في العام 2018م اليمن كانت في المرتبة الـ 166 من أصل 180 في ما يتعلق بمؤشرات التنمية و 90 % من الشعب اليمني يعيشون تحت خط الفقر ومهددون بالموت نتيجة فقدان الرعاية الصحية والأساسية كون الاقتصاد في مرحلة الانكماش الذي تعدى 50 %، لذلك معظم الأسر فقدت مصادر دخلها، كما ارتفعت معدلات التضخم ومعدلات البطالة في جميع المحافظات.

هناك مبالغ هائلة تم نهبها من قبل دول ومرتزقة العدوان لا تقتصر على النفط والغاز.. ما حجم هذه المبالغ التي تم نهبها؟
– في ما يتعلق بالإيرادات الإضافية إلى جانب إيرادات النفط والغاز سأذكر ما يتعلق بإيرادات الضرائب والجمارك والتي تبلغ في السنة الواحدة على أقل تقدير ما يعادل 5 تريليونات و400 مليار ريال يمني خلال ست سنوات وبإضافتها إلى الـ16 مليار ريال السابقة سنجد أن إجمالي ما نهبه المرتزقة والعدوان خلال الست السنوات يبلغ حوالي 22 تريليون ريال يمني ولو قسمناها على استحقاقات الموظفين من كامل المرتبات سنجد أن المبالغ التي نهبوها تكفي لصرف مرتبات حوالي 25 عاماً لجميع أبناء الشعب اليمني في شمال الوطن وجنوبه، قد يقول البعض إن هناك مبالغة في هذه الأرقام لكنني سأذكر أرقاماً وردت في تقاريرهم وموازناتهم الرسمية التي تمت مناقشتها من قبل حكومة المرتزقة مع مجلس نواب المرتزقة والتي أشاروا فيها إلى أن الايرادات السنوية المرصودة في الموازنة وهي أيضاً أرقام مشكوك فيها وحاولوا تقليصها إلى أقل ما يمكن بلغت حوالي 4 مليارات دولار سنوياً، فلو ضربنا الرقم في الست السنوات سنجد أن إجمالي المبالغ التي يقرون بها يبلغ حوالي 24 مليار دولار أي ما يقارب 15 تريليون ريال يمني وهي تكفينا لصرف المرتبات للجميع شمالاً وجنوباً لمدة 18 عاماً.

الاحتياطي النقدي الأجنبي انخفض إلى مستويات متدنية جداً.. برأيكم ما هي العوامل الرئيسية التي أدت إلى خفض الاحتياطي النقدي من الدولار؟
– هناك مؤشرات اقتصادية أخرى سأذكر أبرزها المتمثلة باحتياطي اليمن من النقد الأجنبي، ففي بداية العدوان عام 2015م كان احتياطي اليمن من النقد الأجنبي قرابة 5 مليارات دولار وخلال العام 2017م وبعد نقل وظائف البنك المركزي إلى عدن بقرار من الفار “هادي” وقوى العدوان المتمثلة بأمريكا وإسرائيل انخفض الاحتياطي إلى 600 مليون دولار الأمر الذي دفع قوى العدوان إلى محاولة رفع الاحتياطي عن طريق دفع ودائع عبارة عن سلف أهمها كانت الوديعة السعودية بملياري دولار، بعد ما فشل البنك المركزي في عدن في القيام بوظائفه المتمثلة بدفع مرتبات الموظفين، وهو ما وضعهم في إحراج أمام المجتمع الدولي والمنظمات العالمية الدولية.

كونك خبيراً اقتصادياً في مجال النفط والمعادن هناك اختلالات كبيرة صاحبت الاستثمار في هذا المجال من قبل الشركات الأجنبية بهدف نهب ثروات اليمن.. هل بالإمكان أن توضح لنا هذا الجانب؟
– بلا شك تم التركيز على توجيه الاستثمارات إلى مجموعة من الشركات الأمريكية والبريطانية التي تضم في طياتها شركات إسرائيلية ومجموعة من العملاء وكذلك ما يتعلق بالاتفاقيات التي حرص النظام السابق وقوى الهيمنة الخارجية من خلالها على نهب ثروات اليمن لإفقار الشعب اليمني عن طريق إقحام مجلس النواب في إقرار اتفاقيات غير مشروعة وأصدروا بها قوانين واتفاقيات لشرعنتها وهي مخالفة للدستور، وكانت أول اتفاقية عام 1980م من نصيب الأمريكيين الذين اطمأنوا بتكوين مجموعة من العملاء والمرتزقة الذين يعملون على نهب ثروات اليمن وهي كانت بداية لنهب ثروات اليمن، وانعكس ذلك سلباً على الاقتصاد اليمني بدلاً من أن يكون إيجاباً، فعلى الرغم من ارتفاع الإنتاج إلا أن أسعار الصرف وكل المؤشرات اتجهت عكس ذلك وانخفض سعر الصرف إلى 215 ريالاً للدولار عام 2015م بعد أن كان سعر الدولار قبل استكشاف النفط في اليمن بـ “نصف” ريال يمني فقط.
وسأذكر أبرز الاختلالات في اتفاقيات وعقود النفط والتي تم الحرص فيها على المشاركة في الإنتاج وهذا النوع من الاتفاقيات يساعد على نهب الثروات النفطية لأي شعب حيث تتراوح حصة الشركة الأجنبية بين 60 – 70 % وحصة الدولة تتراوح بين 30 – 40 % أضف إلى ذلك اتفاقيات الغاز وما شابها من اختلالات حيث وصلت قيمة المليون وحدة حرارية إلى دولار أو أكثر من دولار واحد على الرغم من أن سعرها العالمي يصل إلى 11 دولاراً إضافة إلى تسليمهم كامل الغاز المنتج من الحقول برغم أن الاتفاقية نصت على تسليم الغاز المسال وهو عبارة عن جزء أما بقية الغاز فكان يجب أن يستفيد منه الشعب اليمني.
كما تم إبرام اتفاقية في “نهم” لاستخراج الزنك مع شركة جبل صلب وجزء منها شركة بريطانية تسمى “زنك أوكسايد” بالإضافة إلى شريك يمني، وهناك شركات دخلت من الباطن ولم يتم الإعلان عنها وورد في التقارير الأجنبية أن أبرز شركة هي “أنجلوأمريكا” وهذه الشركة لديها استثمارات وجزء من مكوناتها الاستثمارية عبارة عن شركات إسرائيلية.
أيضاً هناك اتفاقيات شابها الكثير من الخلل خاصة ما يتعلق باتفاقيات المعادن وأبرزها اتفاقية “كنتكس” لاستكشاف الذهب والتي عملت طيلة 25 سنة على نهب الذهب من ججة تحت مبرر الدراسات الاستكشافية، وهذه الشركات استفادت بشكل كبير وارتفعت أسهمها في سوق البورصة العالمي عن طريق نهب ثروات اليمن بينما لم يستفد أبناء اليمن من أدنى مقومات التنمية المجتمعية.

عقود الاستثمار والاختلالات لم تقتصر على الشركات الأجنبية التي ذكرت.. ماذا عن شركات الباطن وكم عددها؟
– حرص المتنفذون على إنشاء شركات المقاولة بالباطن والتي وصل عددها إلى قرابة 93 شركة تتبع هؤلاء المتنفذين وأقاربهم الذين يقومون بنهب الثروات المعدنية والنفطية، وهناك اختلالات في مجموعة الأصول التي تتكون منها هذه الشركات والتي يفترض أن لديها أصولاً واستثمارات عملاقة تعود لليمن إلا أنه بعد 25 عاماً من الاتفاقيات تفاجأت الحكومة عند استلام الحقول من تلك الشركات بعدم وجود بنية تحتية، بل كانت عبارة عن سيارات وأثاث توزع على مجموعة من النافذين في الوزارات المعنية وتقسم بينهم لإسكاتهم وتقديم التسهيلات لنهب الثروة مقابل أشياء بسيطة يحصلون عليها.

ما هي أبرز الاختلالات التي رافقت العقود الاستثمارية للشركات الأجنبية؟
– يفترض عند إجراء أي عقود نفطية أو معدنية أن تصاحبها تنمية مجتمعية يلامس خيراتها أبناء المجتمع المحلي المحيط بهذه الثروات إلا أنه من الملاحظ عدم الاستفادة منها حيث لا توجد كهرباء أو مشاريع مياه أو مدارس للتعليم، برغم أن هذه الشركات التي حصلت على هذه الاتفاقيات ملزمة وفقاً لبنود الاتفاقية بالمشاركة في الإنتاج، حيث يصل حجم الالتزامات عليها إلى حد ابتعاث مجموعة من الطلاب والدارسين من أبناء المنطقة التي توجد فيها الشركات، لكن كان يستفيد أبناء النافذين مقابل سكوتهم على نهب الثروات.

كيف استطاع اليمنيون مواجهة الحرب الاقتصادية على اليمن طيلة ستة أعوام من العدوان والحصار الشامل؟
– سأورد لك عدداً من النقاط وأسجل كل الشكر والتقدير لجميع أبناء الشعب اليمني الذين هم جزء من مواجهة الحرب الاقتصادية التي تمكنا من التغلب عليها بعد أن راهن السفير الأمريكي عليها وبعد أن وجهها بكل صراحة للوفد الوطني المفاوض في عمان عندما قال ” إنهم سيجعلون قيمة الريال اليمني لا تساوي الحبر المطبوع عليه”، وانطلاقاً من المحددات التي ذكرها الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي في محاضراته فإنه يتحتم علينا ضرورة مواجهة الأمريكان والصهاينة اقتصادياً.
وقد برزت مسألة التكافل الاجتماعي بشكل واضح عن طريق تكوين عدد من المؤسسات كمؤسسة الشهداء ومؤسسة الجرحى والتكافل والتعاون أيضاً بين المجتمع.
وبالنسبة للإجراءات التي اتخذتها الحكومة في مواجهة حرب العملة وما اتخذته اللجنة الاقتصادية العليا والبنك المركزي من قرار منع دخول العملة المزورة وغير المغطاة التي طبعتها حكومة المرتزقة وحظر استخدامها في مناطق سيطرة حكومة الإنقاذ، فإن هذا الإجراء أسهم في حماية العملة الوطنية من التدهور وهو ما ندرك أثره عندما نرى فارق سعر الصرف بين المناطق التي تقع تحت سلطة المجلس السياسي الأعلى، والمناطق التي تقع تحت سلطة الاحتلال ومرتزقته، حيث يصل الفارق إلى ما يقارب 200 % كما تم التوجه نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي وتشجيع القطاع الزراعي والمزارعين ورأينا أن الشعب اليمني تحول إلى الزراعة والإنتاج المحلي وعلى رأس ذلك محصول القمح، وكانت هناك إجراءات تمثلت في الإعفاءات الجمركية والضريبية لمدخلات الإنتاج وتشجيع المصنعين المحليين لتخفيف التكلفة وأيضاً تم إعفاء ضريبة الواردات من الطاقة الشمسية والمتجددة وندعو إلى الاستفادة من هذه الإعفاءات وتحقيق الأهداف المرجوة منها في خدمة الشعب، كما ندعو إلى تشجيع القطاع الصناعي من خلال إنشاء المصانع الصغيرة وتشجيع الأسر المنتجة والصناعات الصغيرة وتشجيع القطاع الطبي من خلال الإعفاءات لمصانع الأدوية للقيام بتصنيع الأدوية محلياً بالإضافة إلى مجموعة من الإجراءات الاقتصادية الناجعة والتي كان أبرزها إصدار قرار إنشاء الهيئة العامة للزكاة التي بدأ المواطنون يلمسون أثرها إيجابياً بعد أن كان يتم التلاعب بالإيرادات الزكوية تحت مسميات مختلفة وكان ينهبها مجموعة من النافذين، كما تم إنشاء هيئة الأوقاف لحماية أراضي الأوقاف وعائداتها التي تمثل مبالغ طائلة يمكن أن يستفيد منها الشعب اليمني كاملاً.

هناك خطوات وإجراءات اقتصادية اتخذها المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ الوطني ساعدت في صرف نصف راتب وتحقيق استقرار نسبي في الوضع المعيشي.. حدِّثنا عن هذه الإجراءات؟
– عمل المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ واللجنة الاقتصادية العليا على اتخاذ مجموعة من الإجراءات أبرزها كان تخصيص إيرادات الجمارك في الحديدة من المشتقات النفطية وتوريدها في حساب البنك المركزي في الحديدة لدفع مرتبات الموظفين، وقد تمكنت الحكومة بفضل الله من دفع نصف راتب كل شهرين وقد أدرك العدوان خطورة هذه الخطوة في ظل الإمكانيات الشحيحة، فحاول عرقلتها وأصيبت قوى العدوان ومرتزقتها بالإحراج لأنهم يحصلون على مليارات الدولار وجميع مصادر وموازنات الدولة بحوزتهم لكنهم لم يتمكنوا من دفع مرتبات حتى الجنود الذين يقاتلون معهم وهذا الأمر دفع دول العدوان إلى إغلاق ميناء الحديدة ومنع سفن المشتقات النفطية من الدخول.
كما قامت اللجنة الاقتصادية والجانب الاقتصادي في حكومة صنعاء بتخفيض فاتورة الاستيراد من خلال تحديد السلع الضرورية التي يتم استيرادها وتكوين لجنة المدفوعات التي أدارت ملف المدفوعات بكفاءة وفاعلية وانعكس أثرها على سعر الصرف إضافة إلى التحول نحو النقد الإلكتروني لمعالجة مشكلة السيولة والتي تمت عن طريق البنوك الوطنية وكان لها أثر كبير وأتت ثمارها إيجاباً على وضع السيولة النقدية في اليمن.
ومن أهم الإجراءات الاقتصادية التي اتخذها المجلس السياسي الأعلى أيضا الخروج بوثيقة الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة والتي هي عبارة عن وصفة علاجية شخصت كافة مكامن الخلل وحددت المهام والأولويات الاقتصادية والتنموية التي يجب معالجتها.
ونؤكد هنا ومن خلالكم أهمية السير وفق الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة ويجب أن لا نغرق في الجانب النظري فهناك أهمية كبيرة للجانب العملي، كما قال السيد القائد “الوقت وقت عمل، وقت تحرك في الميدان”، وبالتالي يجب أن يتحرك الجميع، الوزير والموظف- للعمل في الميدان، فلو اتخذنا استراتيجيات الجانب النظري في القوة الصاروخية لكنا مازلنا في مرحلة تعريف الصاروخ والطائرة المسيَّرة ولما دخلنا إلى مرحلة التصنيع واستهداف عمق العدو.

ما هي توقعاتك لمستقبل الاقتصاد اليمني وما هي أبرز الجوانب الاقتصادية التي يجب التركيزعليها لتحقيق نهضة اقتصادية حقيقية للبلد؟
– بالنسبة للقطاعات التي يمكن التركيز عليها للوصول إلى النهضة العمرانية الشاملة لليمن، بالإمكان التركيز على ثلاثة قطاعات وهي التي ركز عليها السيد القائد في أكثر من محاضرة والمتمثلة أولاً في جانب الزكاة، والثاني يتمثل في الزراعة، والثالث في قطاع المعادن.
وأحب أن أوضح لك وللقارئ الكريم أن اليمن تقبع تحته ثروات طائلة والحرب التي يتعرض لها هي عبارة عن حرب على الثروات وهي حرب اقتصادية بالدرجة الأولى ولتحقيق مطامع الدول الكبرى التي تنظر إلى اليمن منذ القدم نظرة طمع واستغلال وهي تحاول الحصول على هذه الثروات وحرمان الشعب اليمني منها وعلى سبيل المثال اليمن تمتلك شريطاً ساحلياً كبيراً يمكن من خلاله الاستفادة من الثروة السمكية، ولدينا أيضاً أرض زراعية خصبة ولدينا ثروات معدنية يمكن الاستفادة منها بشكل كبير في رفع معدلات اقتصاد البلد، عموماً اليمن يمتلك كافة المقومات لتحقيق أي نهضة اقتصادية لا بد أن يتوفر عاملان اثنان بالإضافة إلى العامل المساعد، العامل الأول هو الإرادة السياسية الوطنية وهي الآن موجودة بعد ثورة 21 سبتمبر 2014م، والعامل الثاني هو توفر الموارد الطبيعية، وكما نعرف أن كثيراً من الدول على سبيل المثال الدول الافريقية برغم امتلاكها كميات كبيرة من احتياطيات النفط والذهب إلا أنها تعاني من المجاعة والسبب في ذلك هو مجموعة المرتزقة والعملاء الذين حرصت أمريكا وإسرائيل على تعيينهم، وعندما ننظر إلى جانب الثروات كما هو معروف لدى دول الخليج فلا يعني استغلال الثروة الحصول على سيارة أو شقة بالقرض كما في دول الخليج، وإنما استغلال الثروة يعني الحصول على ثروة وتنمية مستدامة والشعوب الخليجية هي شعوب مظلومة ومقهورة من قبل أنظمة عميلة تنهب ثرواتها لصالح الأمريكان والصهاينة والدول الأوروبية الاستعمارية الأخرى.

هناك طرق أو نظريات اقتصادية استثمارية يمكن أن تكون ناجعة لو تم الولوج فيها كنظريات الاقتصاد الإسلامي.. ما رأيك في ذلك؟
– الجوانب الاستثمارية يجب التركيز عليها بشكل كامل وفقا لنظرية الاقتصاد الإسلامي التي تركز على العدالة الاستثمارية وبالتالي الوصول إلى تكوين علاقة ثلاثية بين الدولة والمستثمر المتمثل بالقطاع الخاص والمواطن عن طريق الاكتتاب وتكوين مشاريع مساهمة، ومن هنا أؤكد أنه يجب علينا الوصول إلى هذه المرحلة أو ما نسميه الوعي الاستثماري لدى المستثمرين كي يكون مفهوم الاستثمار لديهم- سواء من داخل المحافظات أو المواطنين- عبارة عن كيفية الوصول إلى استثمار يحقق الفائدة للجميع المستثمر والمواطن.

خلال فترة العدوان وبعد ثورة 21 سبتمبر هناك توجهات عملاقة نحو الاستكشافات المعدنية والاستثمار في مجال المعادن.. ماذا عن هذه التوجهات؟
– أؤكد أن ثروة اليمن هي ثروة معدنية فالجبال اليمنية تحتوي على الكثير من المعادن النادرة، ومن خلال صحيفة “الثورة” أوجه كل الشكر والتقدير للإخوة في قيادة هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية وكافة العاملين والمهندسين الذين يعتبرون علماء في مجال التنمية والثروة المعدنية، وبالتالي أؤكد على ضرورة الاهتمام بهذا القطاع والآن من خلال التقارير الاقتصادية بدأت استكشافات معدنية وبدأ عمل جبار في هيئة المعادن وقد تم البدء في إنشاء أول شركة خاصة هي ” الشركة اليمنية للتعدين ” كما تم إنشاء شركتين أخريين في مجال التعدين، سيكون فيهما مجال لمساهمة القطاع الخاص ومجال للاكتتاب وسيتحول الشعب اليمني إلى شعب مساهم في الثروة المعدنية، وذلك أيضا سيوفر الكثير من فرص العمل وربما استقطاب العمالة من خارج اليمن.

قوى العدوان وعلى رأسها أمريكا والنظام السابق عملت على إفقار الشعب اليمني برغم امتلاكه ثروات هائلة من النفط.. بصفتك خبيراً نفطياً نريد أن تختم لنا هذا اللقاء بلمحة بسيطة عن الثروة النفطية في اليمن؟
– كما ذكرت لك إن أعلى إنتاج وصلت إليه اليمن كان 400 ألف برميل في العام 2001م وفي عام 2013م انخفض الإنتاج إلى 170 ألف برميل.. هذه الكميات قليلة وكما ذكر السيد القائد في خطابه الأخير عندما أشار إلى أن دول الاستكبار والدول المحتلة حرصت على إظهار اليمن بأنه لا يمتلك ثروات في محاولة لإقناع الشعب اليمني بأنه فقير وليست لديه ثروات، والدراسات والمسوحات الجيولوجية تؤكد أن اليمن يمتلك حقولاً نفطية إن لم تكن أعلى من الكميات الموجودة لدى السعودية فهناك معلومات ودراسات تؤكد أن أعلى احتياطي للنفط يوجد في الجوف، كما حرص العدوان على احتلال المحافظة الغنية بالثروات النفطية وهي محافظة مارب، ولكن رجال الرجال تمكنوا بفضل الله من تطهير محافظة الجوف وسيتم تطهير مارب في الأيام القادمة وحتماً سيستفيد الشعب من هذه الثروات.

قد يعجبك ايضا