للخروج من أزمة الأمة.. لتكن الأولوية للدين لا للمذهب
طارق مصطفى سلام
إن أخطر ما ابتليت به الأمة الإسلامية أن جعل أبناؤها بأسهم بينهم حتى تشظت وتمزقت وأصبحت لقمة سائغة للطغاة والمستكبرين في الأرض والبداية كانت حين خالفت الجماعة الوصية النبوية بعدها انحرفت الأمة ولم يبق لها من مقدس محفوظ من الله إلا القرآن الكريم الثقل الأكبر وعدولة الميامين المبينين ما التبس للأمة على الجملة ولما كان العدول هم النجاة لهذه الأمة على التحقيق فقد سلك أعداء الله من الطواغيت والعالين في الأرض مسلك التفريق بين أعلام الهدى وباسم التشيع انحرفت الأمة المحبة والمتمسكة بسفينة النجاة كما انحرفت مدرسة السقيفة حين خالفت سفن النجاة..
من انحرف بالأمة بالأمس هم طواغيتها واليوم يستثمر العدو اليهودي والنصراني تلك التركة الخبيثة من الانحراف العميق ويحقق نتائج كارثية على الأرض حتى أصبحت أمة محمد مسرحا للقتل والدمار والنهب والتخلف فما هو الحل الواقعي والممكن للخروج من هذه الحالة المزرية؟..
أعتقد وهذا من وجهة نظري أنه وللخروج من معضلة الانحراف والتدهور المخيف يجب أن نجعل البداية في الالتفاف حول القضية الأم المركزية وهي الدين برمته لا المذهب والدين يجمعه نصوص القرآن والاحتكام إليه سيجعل من قضية مجابهة العدو حسب الأولوية على رأس أولويات الأمة كون الخطر المحدق يتمثل في من يريد اليوم ألا تقوم لنا ( وأعني بـ”لنا” الإسلام لا المذهب ) قائمة فتكون أولوية مواجهته هي الأولى باعتبار أن المذاهب جبهة داخلية تعالج داخليا وقد ظهرت أصوات المصلحين والمجددين من أعلام أهل البيت والصالحين من أبناء هذه الأمة عبر فترات متلاحقة من تاريخ الأمة ولكنها لم تلق آذانا صاغية وجوبهت بالقتل والتشكيك ولكنها عبَّرت عن صوابية المخرج ..
واليوم لن يدرك ويضع ويقود هذه المواجهة إلا من عظم همه ولن يكون همه عظيما إلا إذا كان هذا الهم بحجم انقاذ البشرية كافة لا بحجم المذهب ولا الطائفة ولا المنطقة حينها فمن يهتم بالمستضعفين من البشرية ويسعى لإنقاذهم من العالين في الأرض سينهض بالأمة الإسلامية ويوحدها على منهجية المحجة البيضاء التي تركنا عليها النبي الخاتم صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله ..
أما وأننا لا نمتلك هذه القيادة العالمية ولا نصغي للأصوات المجددة لظروف الواقع المتدهور فعلى الأقل فإن الواجب الشرعي اليوم أن تظل روحية وأولوية إنقاذ البشرية هي الهم الشخصي الأكبر لكل مسلم في هذه الأرض حينها سنتغلب على عقدة العدو الداخلي ونحتوي الخلاف معه ونتعايش مع خلافنا المذهبي طالما وقد تيقَّنَّا بأن هذا الخلاف من أدوات وصنيعة طغاة الأمة وتستثمره اليوم وتغذيه دول الاستكبار العالمي حينها سنبتعد عن لغة التفسيق والتبديع والتكفير التي تجعل من المخالف للمذهب كافر تأويل وتوجَّه إليه كل الطاقات لمعاداته سعيا للقضاء عليه حينها ستنتهي أولوية القضاء على عدو الأمة بأجمعها، العدو اللدود ونظل محشورين في بوتقة الصراع المذهبي الطائفي الذي يتلذَّذ العدو بمشاهدتنا عليه ..
والله من وراء القصد ..