الأراضي المحتلة/
لا يمكن استغراب أي تصرف تُقدم عليه إسرائيل ضد الإنسانية والبشرية جمعاء، فهي كيان غاصب يهوى القتل والعنف والدمار ونشر الفوضى، وتاريخه يشهد بذلك، وما تفعله سلطات هذا الكيان مع المعتقلين الفلسطينيين في سجونها يأتي ضمن سياستها القذرة للضغط على الفلسطينيين وعلى قياداتهم للوصول إلى ما تريده، فمنذ تاريخ 31 من ديسمبر 2020م وحتى اليوم تجاوز عدد المصابين بفيروس كورونا داخل سجن النقب الـ49 مصاباً بتعمد واضح من قبل إسرائيل لنشر هذا الفيروس بين السجناء واستخدام هذا الأمر كورقة ضغط ضد حماس في أي مفاوضات مقبلة لتبادل الأسرى، ولكن أين المجتمع الدولي مما تفعله إسرائيل، لماذا يعلق أحد على ما يجري من تصرفات مهينة للإنسانية جمعاء؟.
وفي التفاصيل أعلن المتحدّث باسم هيئة الأسرى والمحررين حسن عبد ربه، يوم أمس الأول، أنّ “هناك 49 حالة أعلن عن إصابتها بفيروس كورونا في قسم رقم (3) في سجن النقب الصحراوي، وتم حجر جميع الأسرى المصابين في قسمٍ خاص داخل السجن”، وأوضح عبد ربه في تصريحاتٍ له، أنّه “لا يتم تقديم الرعاية الكاملة والحقيقية للأسرى المصابين بالفيروس سوى حبة أكامول، ولا تتخذ إدارة السجن أي إجراءات لحماية الأسرى من الفيروس”.
وأكّد عبد ربه أنّ “المصدر الأساسي لإصابة الأسرى بفيروس كورونا هم السجّانين والعاملين داخل السجن”، لافتًا إلى أنّ “الأسير جمال عمر أحد الحالات الصحية الصعبة وهو بحاجة إلى متابعة حقيقية من إدارة السجون التي تتهرب من القيام بإجراءات وفحوصات صحية له”.
كما شدّد على أنّ “الأسير جمال من الحالات الصعبة داخل السجون التي تماطل الإدارة وفي علاجه ضمن سياسة الإهمال الطبي والقتل الطبي للأسرى”.
في الحقيقة يمارس العدو الإسرائيلي قتلاً بطيئاً بحق الأسرى الفلسطينيين القابعين في سجون الاحتلال، من خلال حرمانهم من أبسط حقوقهم ومنع وصول المعقمات وأدوات التنظيف إليهم في ظل انتشار وباء كورونا، وتقوم إسرائيل بهذه الخطوة بشكل متعمد لممارسة أكبر ضغط ممكن على الأسرى وعلى القيادات الفلسطينية ومحاولة كبح نجاح أي خطوة ممكن أن تقوم بها السلطة الفلسطينية أو حماس أو حتى المنظمات الدولية التي تراقب ما يجري بصمت مطبق، وعوضاً عن أن تساهم بعض الأنظمة العربية التي تدعي بأنها تدافع عن القضية الفلسطينية، في حماية هؤلاء الأسرى والضغط على الاحتلال قامت بعكس ذلك ومارست ضغوطها على الفلسطينيين والسجناء أنفسهم من خلال التطبيع مع إسرائيل الأمر الذي منح الصهاينة الضوء الأخضر لتعذيب الفلسطينيين.
نادي الأسير علق على ما يجري وأوضح أن قسم (10) يقبع فيه ما يقارب (75) أسيرًا، الأمر الذي يعني أن مخاطر اتساع انتشار الوباء تتصاعد بشكلٍ كبير، وخاصة مع مماطلة إدارة السجون في الإعلان عن نتائج عينات الأسرى، والذي ساهم في اتساع نسبة المخالطة، وارتفاع عدد الإصابات، وهذا ما كنّا حذرنا منه سابقًا من احتمالية انتشار الوباء إلى أقسام أخرى داخل السجن، والذي يقبع فيه أعلى نسبة من الأسرى الفلسطينيين حيث يبلغ عدد الأسرى فيه ما يزيد عن 1200 أسير.
وطالب نادي الأسير، مجددا، جهات الاختصاص الدولية، وعلى رأسها منظمة الصحة العالمية، بمضاعفة الضغط على الاحتلال للإفراج الفوري عن الأسرى المرضى وعددهم ما يقارب 700 أسير، وكذلك كبار السّن، وضمان إجراءات وقائية حقيقية داخل أقسام الأسرى وبإشراف طرف ثالث محايد، وكذلك توفير اللقاح للأسرى ضد فيروس “كورونا”.
الكيان الإسرائيلي واضح جدا برفض إعطائه اللقاحات المطلوبة للمعتقلين، فقبل مدة من الآن قالت صحيفة هآرتس الإسرائيلية إن وزير الأمن العام الإسرائيلي أمر إدارة السجون الإسرائيلية، في وقت سابق، بعدم تلقيح الأسرى الفلسطينيين ضد فيروس كورونا.
ومن الجدير ذكره، أن إدارة سجون الاحتلال حوّلت الوباء إلى أداة قمع وتنكيل بحق الأسرى، ووضعتهم في عزل مضاعف، وزادت من نسبة الانتهاكات الحاصلة بحقهم، لا سيما مع استمرار قوات الاحتلال بتنفيذ المزيد من الاعتقالات بحق المواطنين.
وتعتقل إسرائيل في سجونها نحو 4400 أسير فلسطيني، بينهم 40 سيدة، في حين بلغ عدد المعتقلين الأطفال قرابة 170، والمعتقلون الإداريون (دون تهمة) نحو 380، وفق بيانات فلسطينية رسمية.
ويمارس الاحتلال الإسرائيلي نفس هذه التصرفات القذرة مع باقي السجناء ويحرمهم من العلاج والأدوية، وهناك من حياتهم مهددة بالخطر بسبب الأمراض التي يعانون منها، ومع ذلك ألغت إسرائيل حوالات “الكانتينا” “دكان السجن” لعدة شهور. أعادتها مجدداً تحت الضغط، لكن الفلسطينيين الأسرى لا يثقون بما تقوم به إسرائيل ويخشون أن يكون الأمر مؤقتاً لذلك قاموا بخطوات تصعيدية قبل أيام، بإعادة بعض وجبات الطعام ضد هذه السياسية، وقد نشهد خطوات أكثر تصعيداً خلال الفترة المقبلة، إذا ما واصلت سلطات الاحتلال محاولتها الفاشية في التنغيص على الأسرى والتهجم على حقوقهم والتضييق عليهم، في كل تفاصيل حياتهم اليومية.
مؤخراً خرجت مئات التقارير التي تؤكد التعامل القذر الذي يقوم الكيان الإسرائيلي مع الأسرى الفلسطينيين في ظل انتشار وباء كورونا، فمنذ البداية تعمد الاحتلال نقل الفيروس إلى داخل السجن عن طريق بعض حراس السجن ورغم معرفتها بإصابة هؤلاء بالفيروس لكنها تعمدت أن يخالطوا السجناء لتنتقل لهم العدوى، واليوم تحوَّل الأمر لأسلوب ضغط جديد، حيث يهدد الصهاينة الأسرى الفلسطينيين بتعريضهم لمصابين بالفيروس القاتل أثناء استجوابهم.
موقع “ميدل ايست اي” أكد هذا الأمر في تقرير له، وقال إن هناك مخاوف من قيام سلطات السجون للوباء كوسيلة للقمع وإثارة الفزع بين السجناء الفلسطينيين. ونقل التقرير عن المنسق الإعلامي لجمعية نادى الأسرى الفلسطينيين أمان سارانيح مان قوله للموقع: “السجون فشلت في توفير الحد الأدنى من الإجراءات الوقائية مع بداية انتشار الوباء، مثل الكمامات والمطهرات.
في الختام؛ يبدو أن الاحتلال الإسرائيلي وجد في فيروس كورونا وسيلة ضغط جديدة على السجناء وعلى القيادات الفلسطينية، وخاصة أن هناك أكثر من 4500 سجين بينهم نساء وأطفال، وبالتالي استغل كيان العدو هذا الوباء لفرض العقاب على السجناء الفلسطينيين وتقليص حقوقهم على نحو متزايد، كما أن سلطات السجن منعت الزيارات لتحرم السجناء من رؤية أسرهم والنقود التي يجرى تحويلها لشراء احتياجاتهم من الكانتينا، فهم بذلك صاروا قيد العزل المزدوج الذي يتمثل في منع الزيارات وقطع الاتصالات.