الشُهداء فَخر التَاريخ وكَرامةُ الشعُوب ..
مطهر يحيى شرف الدين
الشهداء هم من عشقوا ميادين الجهاد والعزة، وهم من رسموا لنا طريق الحرية والسيادة والاستقلال، وهم رسالتنا إلى العالم بأننا أصحاب قضيةٍ عادلة وبأن الشعب اليمني الأبي بأجياله المتعاقبة هو من سيُحيي شعوب الأرض المستضعفة المظلومة لتنتفض في وجه أعتى وأطغى دول الاستكبار العالمي.
الشهداء هم الذين شهدوا الموقف الحق في ميدانٍ الجهاد الذي طالما كان هو الآخر بجباله وسهوله وصحاريه شاهداً حياً على عظمة وشموخ الشهداء الذين أدركوا حقيقة هذه الحياة وعالمها الفاني المليئ بالشهوات والماديات الخالي من الروحية العالية والنفس الزاكية التي لا نجدها إلا في من كان لديه الغيرة والحمية على الدين و الأرض والعرض.
الشهداء العظماء كانوا أمام خيارين اثنين لا ثالث لهما ولا بديل لأحدهما إما نصرٌ تعتز به شعوب الأرض وإما تكريمٌ إلهي بالشهادة التي تعتبر أعلى شرفاً وأكرم درجةً وأفضل منزلةً وهبها الله لعباده المخلصين.
ولذلك يحدِّث كلٌ منا نفسه كيف ننال الشهادة وما السبيل إليها، وسيأتي اليوم الذي يقول فيه أحدنا يا ليتني كنت شهيدا حتى لو انتصرنا وحُزنا تمكين الله وتأييده، لأَنَّنا لم نعرف بما وعد الله الشهداء وماذا أعد لهم إلا إذا أدركنا تماماً وفهمنا معنى ودلالات الآيات الكريمات التي تتحدث عن مكانتهم وفضلهم ومنزلتهم، ولعل الكثيرين منا يتمنون الشهادة لكنهم يخشون صبارّة القَر وحمارّة القيظ أو يخاف مواجهة ترسانة الأعداء العسكريّة أَو كيف يتوقون لفح الرياح وحرّ الشمس أَو يخشى أن يلتحفوا السماء ويفترش الأرض بجبالها وسهولها وشطآنها وقيعانها أَو يخافون المعاناة والوصب والمكابدة أَو التضحية بعضوٍ من أعضاء الجسد ليكونوا بعد ذلك عالةً على أهلهم وذويهم.
ولذلك فإن من يريد نيل الشهادة والفوز بها فعليه أن يتذكر أن الشهيد لم يعتبر لتلك التضاريس المتنوعة الوعرة أَو المناخ المتقلب، لأَنَّه باع من الله وانطلق في ميادين الجهاد ببأسٍ شديد وشجاعةٍ وقوة إيمان وثبات على الدين ورهان على النصر وعزم على رفع راية الحق مجلجلة، ويقين بجعل كلمة الله هي العليا، وكلمة الذين كفروا هي السفلى.
ولذلك فإننا بحاجة إلى أن نتأسى بالشهيد ونخطو على خطاه ونسير على المنهج الذي انتهجه في سبيل مقارعة الطغاة المتجبرين ونترجم إحياء يوم الشهيد إلى فعل وتحرك في الميدان.
الشهيد يريد أن يكون كُــلّ واحد منا صورة حقيقية له في البذل والعطاء والعزم والثبات والتضحيات بالأنفس والجوارح، لا تعليق صورة وهُتاف .. الشهيد يريد أن يكون لتلك الأصوات الرنانة والجهورية حضورها في ميادين البطولة والشرف وتكون فاعلاً ومؤثراً وتدفعنا واحداً تلو الآخر إلى مواجهة الطاغوت والطغيان لا ترديد زوامل وأناشيد دون أن يكون لها أثر وتحرك في نفوسنا .. الشهيد يريد نكون قد تهيأنا نفسياً ويكون لدينا الاستعداد التام للانطلاق دون استثقال نحو دحر العدوّ الطامع اللدود لنجسّدَ العنفوان والرهبة والإقدام الذي يزلزل محور الشر والطغيان ويقذف الرعب في قلوب المنافقين والعملاء من باعوا دينَ الله بعَرضٍ من الدنيا قليل.
الشهيد استحق وسام الشهادة لأَنَّه انطلق وتحرك ولم يكن لديه أدنى شك في عدالة القضية التي تحرك من أجلها لم يكن يفكر إلا في عزة وكرامة وانتصار للمستضعفين على المستكبرين والمتجبرين.
لم يكن لديه إلا شموخ وكبرياء وأنفة وحمية وغِيرة على دين الله وعلى أرض وَسيادة واستقلال أرضه ووطنه، لم يكن لديه إلا أن يضحي ويبذل نفسه وجوارحه رخيصة في سبيل أن تتخلص شعوب الأرض من جبروت وسلطان ونفوذ الصهيوأمريكية وأذيالها على مصالح العباد والبلاد العربية والإسْلَامية.
ولذلك فإن الذكرى السنوية للشهيد ستبقى بصمة محفورة في ذاكرة الأمم وَالأجيال وستوجهنا تلك الذكرى إلى صورٍ صامتة في ظاهرها لكن يملؤها البأسُ الشديدُ وتنبعث منها شراراتُ العزة والكرامة، وستبقى تفاصيل تلك الصور حية وقّادة في قلوبنا، فخلف كُــلّ صورة صلابة وثبات، وأمام كُــلّ صورةٍ بطولة وانتصار .