لا تقتصر مخططات السعودة لمحافظة المهرة على الأنشطة العسكرية والأمنية وشراء الولاءات التي يقوم بها النظام السعودي البغيض ، بل إن الوقاحة السعودية وصلت إلى تغيير أسماء مراكز تعليمية وتربوية وجامعات وسعودتها ، بعدما قامت قواتها -التي أدخلتها إلى المهرة سابقا- بطمس وتغيير أسماء المراكز التعليمية والمدارس والجامعات بذريعة ترميمها عبر ما يسمى برنامج إعادة الإعمار السعودي الذي يتبناه مركز الملك سلمان.
التحركات السعودية في محافظة المهرة ، وصلت حدّ تغيير أسماء المدارس إلى أنساب سعودية مستفزة ، وحصلت “الثورة” على صور ووثائق تكشف قيامها بتغيير مدارس المهرة إلى أسماء مذيلة بذوات ومناطق سعودية ، فمدرسة الثورة صارت مدرسة الدرعية ، ومدرسة المهرية صارت مدرسة الدمام ، وأخرى أسميت بمدرسة الرياض ، ومدرسة المدينة ، ومدارس أخرى سعودت أسماءها ، في خطوة تعكس ما وصل إليه النظام السعودي من استشراس في المهرة سعيا لفرض سيطرته والسطو عليها.الثورة / محمد شرف / مجدي عقبة
وجاءت هذه الخطوة بعد سلسلة خطوات احتلالية يسعى النظام السعودي من ورائها إلى فرض وجوده في محافظة المهرة ، فقد عمد إلى سعودة الاتصالات من خلال ربط المقاسم الرئيسية لشبكة الاتصالات اليمنية الأرضية بشبكة الاتصالات السعودية ، إضافة إلى قيامها بتغيير محطات بث شبكات الهاتف النقال اليمنية بمحطات بث سعودية ، حيث أكدت مصادر لـ”الثورة” في وقت سابق، أن شركة MTN يمن للهاتف النقال ترحب عبر رسائل نصية كل مشترك يصل المهرة، باعتباره دخل الأراضي السعودية.
في وقت سابق ادعت السعودية أنها تبغي إعادة الإعمار في المهرة ، إذ لم تشهد المحافظة المسالمة أي حرب تقتضي إعادة إعمارها ، لكن النظام السعودي – وحيد بين قرنائه – يكذب الكذبة ويصدقها ويستثمرها ، وأتت الإجراءات الأخيرة كحلقة من سلسلة الاستيلاء والسرقة السعودية لثاني أكبر محافظة يمنية ، وقد سعت منذ بداية عدوانها على اليمن في مارس 2015م ، إلى السيطرة على الموانئ والمنافذ والمطار في الغيضة ، وقامت ببناء قواعد عسكرية، ودخلت مرحلة متقدمة نحو احتلال محافظة المهرة من خلال تغيير أسماء ومسميات الأماكن العامة والمباني ومراكز التعليم والخدمات وسعودتها بإطلاق أسماء سعودية عليها.
أطماع قديمة جديدة
أوضح المتحدث باسم مجلس الإنقاذ الوطني الجنوبي أحمد الحسني ، في تصريح لـ « الثورة »، أن تغيير عدد من أسماء المدارس والشوارع والمؤسسات في محافظة المهرة جزء من مشروع سعودي يهدف إلى عزل المهرة وبعض المحافظات الشرقية عن بقية المحافظات اليمنية وتغيير تركيبتها السكانية ، مؤكدا أن هذا العمل يأتي استكمالا لما قامت به السعودية في محافظة المهرة التي احتلتها عسكريا ونشرت قواتها وأسست قواعدها العسكرية في المطار وفي الميناء وفي بعض المناطق المهمة والحيوية المطلة على البحر العربي .
الحسني أشار إلى أن الأطماع السعودية في المهرة ليست جديدة، موضحا أن هذه الأطماع بدأت في السبعينات، وتحديدا في عهد الرئيس الراحل سالم ربيع علي ( سالمين ) عندما عرضت عليه السعودية مد أنبوب نفط إلى بحر العرب وكان هناك شروط للدولة في جنوب الوطن قبل الوحدة وتعثر المشروع وتم عرضه مجددا بعد قيام الوحدة . .
وأضاف المتحدث باسم مجلس الإنقاذ الوطني الجنوبي اليمني: «هذا المشروع الذي تعثر سابقا ينفذ اليوم بالقوة كون المنطقة أصبحت تحت سيطرة الاحتلال السعودي الإماراتي وكلما يحدث اليوم في المهرة يصب باتجاه عزل المهرة والمناطق الشرقية من اليمن عن بقية المحافظات اليمنية وتنفيذ هذا المشروع وتغيير التركيبة السكانية في محافظة المهرة، موضحا أن السعودية اليوم تزج بالعناصر السلفية والعناصر الموالية لها من خارج محافظة إلى محافظة المهرة من أجل تمرير هذا المشروع».
سعودة شاملة
الحسني أوضح لـ « الثورة » أن ما يحدث في المهرة اليوم من تغيير لأسماء المدارس والشوارع والمؤسسات يتزامن مع تشغيل شبكة الاتصالات والإنترنت السعودية.. مشيرا إلى أن شبكات الإنترنت والاتصالات المحلية داخل المهرة لم تعد تعمل هناك مما اضطر المواطنين في المهرة لاستخدام شبكات الاتصال والإنترنت السعودية، منوها إلى أن الأمر نفسه يحدث في سقطرى حيث أصبحت شبكة الاتصالات هناك إمارتية، وكل هذا يصب باتجاه تكريس الاحتلال وعزل المهرة وسقطرى والمحافظات الشرقية عن اليمن .
وأكد الحسني أن السعودية ستفشل في مخططها الرامي لعزل المهرة وفرض واقع جديد.. منوها إلى أن هناك أصواتا قبلية ومجتمعية وسياسية وعسكرية في محافظة المهرة ترفض هذا الواقع بل تواجهه سياسيا وقبليا وعسكريا واجتماعيا وقد أسقطت جزءا من هذا المشروع.. مشيرا إلى أن هناك توجها لكل القوى الحية في محافظة المهرة مسنودة بكل القوى الوطنية في كل محافظات الجمهورية اليمنية لمساندة مشروع مقاومة الاحتلال السعودي الإماراتي في المهرة وسقطرى، وإخراج المحتل من كامل الأراضي اليمنية .
وتسعى السعودية – منذ شنت العدوان على اليمن بتحالف إقليمي ودولي على رأسه أمريكا – إلى مد أنبوب نفطي يعبر الأراضي اليمنية في محافظة المهرة إلى بحر العرب ، والسيطرة عبر قواتها المدججة بالدبابات وبتعاون مرتزقة يمنيين، على الموانئ والمنافذ المؤدية إلى المحافظة، وقامت عبر ما يسمى شركة الإعمار بالاستيلاء على أراض شاسعة في الصحراء وقرب سيحوت وفي المناطق الساحلية بدعوى شرائها ، وكان السفير الأمريكي كريستوفر هينزل، زار في وقت سابق المهرة وأشارت المعلومات وقتذاك إلى أن زيارته ترتبط بمخطط سعوأمريكي مشترك حول المهرة وسواحل اليمن الشرقية.
كذبة الإعمار
يؤكد المواطنون في المهرة أن ما يسمى «البرنامج السعودي لإعمار المهرة» عبارة عن أداة تطويع استعمارية ، وأن المهرة لم تشهد أي حرب حتى تكون بحاجة لإعادة إعمار ، وأشاروا إلى أن السعودية سوقت للكذبة ومارست من خلالها السطو والسيطرة على المحافظة ، ويؤكد المواطنون في المهرة أن المشاريع التي تنفذها السعودية في المحافظة مجرد أسلوب دعائي وتسويقي للاحتلال، في حين السعودية ذاتها تنهب مقدرات وموارد المحافظة وتسيطر على مطارها وموانئها ومنافذها الحدودية، وما تمارسه في المحافظة ينطبق عليه القول « إذا لم تستح فاصنع ما شئت» .
الناشط صالح المهري ، قال في تغريدة له : برنامج الإعمار التابع للسعودية يغير أسماء المدارس في المهرة ولم يقدم سوى أثاث.. وأضاف: اليوم يحاول هذا الاحتلال السعودي البغيض تغيير مدارس المهرة مثلما فعل مسبقا مع قبائل المهرة في الربع الخالي وطمس هويتها المهرية لصالح الهوية السعودية.. وينشط برنامج إعادة الإعمار بإشراف السفير السعودي محمد آل جابر، في محافظة المهرة التي لم تصل إليها الحرب، وسط اتهامات بأن معظم مشاريع البرنامج «وهمية»، وما تحقق منها لا علاقة لها بالاقتصاد والتنمية، بل لأهداف ضارّة بالسيادة والهوية المهرية.
الناشط نذير كلشات، استغرب تحويل مدارس المهرة بأسماء مدن سعودية، واصفًا ذلك بـ«العمل المشين». وأكد كلشات في منشور على صفحته بالفيسبوك: رفض أبناء المهرة واستنكارهم تسمية مدارس المهرة بأسماء مدن سعودية، حتى وإن كان ذلك باتفاق بين السلطة والتربية بالمحافظة وبين البرنامج السعودي. وقال كلشات إن السعودية تفرض نفسها عبر برنامجها وتستخدم مراكزها للتوغل والسيطرة والتحكم.. ولفت كلشات إلى أن هناك منظمات وجمعيات خيرية كويتية وعمانية عملت مراكز ومدارس ووو… الخ، لكنها لم تطلب تسمية ما عملت بأسماء مدنها وقراها!
رفض ومقاومة
وأثارت المخططات السعودية – التي تعمل على تنفيذها عبر السلطة المحلية المعينة من حكومة المرتزقة باعتماد عدد من المدارس، وتسميتها بأسماء مدن سعودية – استياءً واسعا لدى كثير من اليمنيين، معتبرين ذلك احتلالا مكتمل الأركان وطمسا للهوية والتاريخ ، واعتبر ناشطون من المهرة تلك الخطوة بأنها إجراء احتلالي يهدد الهوية المهرية واليمنية ، ويأتي ذلك بعد صدور قرار لمكتب التربية والتعليم في المهرة قضى باعتماد تسمية ثمان من مدارس المحافظة بأسماء مدن سعودية.. وشملت التسميات : «الدمام، الرياض، الدرعية، أبها، تبوك، المدينة المنورة، الطائف، مكة المكرمة». والثمان المدارس التي يراد إطلاق هذه التسميات عليها ، ثلاث منها في الغيضة، وواحدة في كل من مديريات حصوين، قشن، سيحوت، المسيلة، وحوف.
إلى ذلك أصدرت لجنة الاعتصام السلمي بمحافظة المهرة، بيانا أعلنت فيه عن رفضها التسميات التي يسعى البرنامج السعودي لفرضها على المدارس بالمحافظة، كونها تستهدف الهوية وتكشف حجم الإسفاف والنوايا في التعامل مع المهرة وكأنها محافظة سعودية، وفي ذات الوقت ندعو السلطة المحلية لمراجعة هذا الأمر وعدم السماح به، وقال البيان إن اللجنة سبق وأن حذرت لجنة الاعتصام مبكرا من الجهة التي أنشأت هذه المدارس وأن تلك المشاريع تأتي في إطار تنفيذ أجندة احتلالية وضحت معالمها حاليا لمن غابت عنهم سابقا.
وأضاف البيان أن لجنة الاعتصام التي أوقفت نشاطها خلال الفترة الماضية – بسبب ظروف جائحة كورونا وتقديرا لجهود السلطة المحلية لحلحلة الأمور وتراكمات السلطة السابقة – مستعدة وجاهزة لاستئناف نشاطها في أي لحظة لتحقيق أهدافها التي تأسست من أجلها في الدفاع عن السيادة الوطنية والحفاظ على مؤسسات الدولة الرسمية.
وأكد رئيس لجنة الاعتصام السلمي بمديرية شحن في المهرة، حميد زعبنوت، رفض قرار مكتب التربية والتعليم في المحافظة بإعادة تسمية المدارس في مديريات المهرة بأسماء مدن سعودية ، وقال زعبنوت ، في تغريدات على حسابه “تويتر” – “إن ما فعله البرنامج السعودي هو تمويل لشراء الكتب والمستلزمات المكتبية في المدارس ولا علاقة له ببناء هذه المدارس وغيرها.
من جانبه/ قال الناطق الرسمي للجنة الاعتصام علي مبارك محامد، إن قرار التربية والتعليم بالمحافظة بإعاده تسمية المدارس بأسماء مناطق ومدن سعودية انتهاك صارخ يضاف إلى جملة من انتهاكات الاحتلال السعودي للسيادة الوطنية في المهرة، بحسب وصفه.
وفي أواخر سبتمبر الماضي، شهدت مدينة ومناطق محافظة المهرة, غضبًا شعبيًا عارمًا ضد الاحتلال السعودي، ولفضح مشاريعه, وذلك من خلال حملات الكتابة الثورية على الجدران واللوحات ، حيث عبر المواطنون عن رفضهم للاحتلال السعودي من خلال كتابة عبارات «لا للاحتلال السعودي» على اللوحات والبنايات .
تعتقد السعودية أن المهرة لقمة سائغة وسهلة الابتلاع، لكنها لا تدرك أنه يمكن للمهرة أن تبتلع السعودية ذاتها لما للأولى من حضارة وهوية راسخة في التاريخ، بينما لا تملك الأخيرة من المقومات إلا حقول النفط والزيوت التي تنتعش بها وتلك طفرة طارئة ستنتهي قريبا.