الثورة /
تتواصل الفعاليات والأنشطة والمهرجانات والندوات الاحتفائية بالذكرى السنوية للشهيد في كل ارجاء اليمن ومدنها وقراها وأريافها الممتدة بامتداد التضحيات والعطاء الخالد ، ويحتفي اليمنيون بالذكرى السنوية للشهيد كل عام من عشرة جمادى الأولى وتنتهي بنهايته، وتشهد المحافظات والعاصمة صنعاء فعاليات كثيفة وزخما غير مسبوق في فعاليات الذكرى العزيزة على القلوب ، والتي تجدد في النفوس العزائم ، وتحكي مآثر الشهداء وتضحياتهم.
وتعكس أنشطة الذكرى السنوية للشهيد ارتباط وتعلق الشعب بمن صنعوا العزة والكرامة ، ورفعوا راية الوطن خافقة فوق الأعناق ، والمكانة التي باتوا يحتلونها في النفوس، كما أنها محطة للتزود بمعاني الصمود والتضحية والعطاء والدم المتدفق حبا وكرامة ووطنية ، كما تشمل الأنشطة والفعاليات على خارطة من الأمسيات الثقافية في القرى والعزل المديريات، وفعاليات للقطاعات والمؤسسات والوزارات والمصالح الحكومية وندوات أكاديمية ووقفات ولقاءات، كما يتم تنظيم الندوات وإقامة المعارض ووقفات ومبادرات وزيارات روضات الشهداء، وإعطاؤها الاهتمام الكبير بما يليق بتضحيات الشهداء ومكانتهم في المجتمع.
وتُسير بمناسبة الذكرى العظيمة قوافل العطاء والدعم والمدد والإسناد للمرابطين في جبهات العزة والكرامة ، كما يتم تنظيم مبادرات وأنشطة خيرية لدعم أسر الشهداء وذويهم وزيارتهم وتفقد أحوالهم عرفانا بالفضل الذي قدمه الشهيد ، والمنزلة التي يحتلها الشهيد لدى الناس جميعا ، ووفاء للدماء والأرواح التي ارتقت في سبيل الله ، ويحتفي اليمنيون قيادة وشعبا بهذه المناسبة منذ انطلاقات المسيرة القرآنية في العام 2004/م ، وتقام هذه المناسبة بما يجسد أسمى معاني الفداء والتضحية في سبيل الله ودفاعا عن الوطن ورفع رايته، والدفاع عن أرضه وسمائه، وبذل الغالي والنفيس في سبيل تحقيق الأهداف السامية ، ومن هذه المناسبة تبقى الصور والأسماء للشهداء محفورة في ذاكرة الوطن والشعب ، والتضحية ماثلة في ضمير ووجدان كلِّ اليمنيين ، الذين يحملون التقدير والعرفان لأهالي الشهداء وذويهم عرفانا بتضحيات الآباء والأبناء والأخوة والأقارب الذين رووا ثرى الوطن بدمائهم الزكية، وسطروا أروع ملاحم البطولة والإباء.
هذه المناسبة العظيمة الغرّاء مبعثُ عزٍّ وفَخَارٍ لكل اليمنيين؛ حيث تتجلى فيها قيم الإيثار والتضحية، وبذل الروح في سبيل الله ودفاعا عن الشعب اليمني وحقوقه من الانتهاك والتعدي ، وكانت أرواح الشهداء البررة سُرُجاً زاهرةً تنير دروب الأجيال اللاحقة نحو آفاقٍ رحبةٍ ، ودماؤهم سيولا متدفقة من الطهر والنقاء والفضائل ، وخير العطاء هو أن تجود بدمك وروحك وجسدك حبا لله ودفاعا عن دينه وعن الشعب المظلوم.
شرف لا يحوزه إلا من علت بهم الرتب
قال قائد الثورة السيد عبد الملك الحوثي في كلمة له بمناسبة الذكرى السنوية للشهيد العام الماضي « من ارتبط بالشهادة التزم بها في هذه الحياة سلوكاً وموقفاً ، مجموعة من القيم الإنسانية والفطرية والتعاليم العادلة عدل وصدق وخير وفلاح ورشد لا حيف فيها ولا عار فيها ، كلها شرف وخير لهذا الإنسان تعبر عن مصلحة حقيقية للإنسان والبشرية جمعاء».
وأشار إلى أن الشهادة ليست مجرد حالة من التضحية غير الواعية، الشهادة تضحية واعية هادفة بدافع إيماني.. وقال «الشهيد إنسان طبيعي سليم يمتلك في وجدانه كل المشاعر الإنسانية ولكن هدفه السامي مشروعه الكبير قضيته العادلة هي فوق كل اعتبار وأيضا هذه المشاعر إلى عامل مساعد ومحفز على الشهادة في سبيل الله ونصرة المستضعفين ودفعاً للظلم والاضطهاد عنهم تضحية واعية بحقيقة هذه الحياة، وبين قائد الثورة أن الشهداء يتحركون بوعي عن طبيعة الصراع في هذا الوجود.. وأضاف» من يتصور هذه الحياة يعمها السلام بدون أي مشاكل ولا صراع ويتخيل أن هذه الحياة وهذا الوجود لا تحفه أي مخاطر ولا تدخل فيه أي تحديات فهو خيالي غير واقع «.. مؤكداً أن الذي يتحمل مشكلة الصراع والنزاع وتداعياته هي قوى الشر والبغي والعدوان.
وتابع : « المنتمون إلى مبادئ الحق والعقل والخير يقفون في وجه قوى البغي في موقع المسؤولية الإلهية»..مؤكداً أن تمكين الطغاة والمتجرين والمجرمين والأشرار لا يحل المشكلة ولا يوقف الصراع ولا ينهي حالة النزاع إنما يمكنهم من ممارسة نزعاتهم وحالة الشر التي لديهم التي باتت حالة نفسية وممارسات اعتيادية وسلوكاً هم عليه .
وقال السيد عبد الملك الحوثي» لو تركنا هذه الحياة للطغاة الذين يستخدمون وسائل القوة فلن يعم السلام والاطمئنان في العالم» ، وأشار إلى أن الصراع في هذه الحياة حتمي وإما أن تكون في صف الطغاة يجعلون منك أداة لتنفيذ جرائمهم مشاركاً لهم في الإثم والظلم ومتحملاً معهم أوزاراً فظيعة وخزياً أبدياً ، وإما أن تكون متمسكاً بالعدل والحق وتحرص على أن تكون حراً من تسلط الطغاة ، وبيّن أن الشهادة تستوعب كعطاء مقدس لها آثار ونتائج مباركة وتدفع عن الناس الخسائر العبثية غير المثمرة..
مآثر وتضحيات
وأكد سماحة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي قائد الثورة المباركة على ضرورة استذكار مآثر الشهداء وتخليدها وتوثيقها إعلامياً بكل الوسائل المتاحة ، وتبث قناة المسيرة الفضائية والقنوات الوطنية سلسلة أفلام وثائقية بعنوان: “الأحياء” والتي تسجل تضحيات اﻷبطال تؤرخ فيها لبطولات أعداد من أبطال الجهاد والمسيرة والدفاع عن اليمن خير الرجال والأجناد ، والسلسلة من إنتاج الإعلام الحربي التي تأتي تزامناً مع الذكرى السنوية للشهيد لهذا العام 1442/هـ.
قائد الثورة سماحة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي ، عبر عن اعتزازه بأسر الشهداء ، وقال «نعتز بأسر الشهداء وبتضحياتهم والبعض قدمت تضحيات كبيرة كل رجالها، وهؤلاء لهم فضل عظيم في القدوة والتضحية ونحن نؤكد على الإخوة في الجانب العسكري ووزارة الدفاع أن يُمنع وحيد الأسرة من المشاركة في الجبهات هناك آخرون يمكن أن يذهبوا إلى الجبهات».وأشار إلى أن بعض أسر الشهداء قدمت أكثر أبنائها ومن المهم أن تتوسع حالة النهوض بالمسؤولية على مستوى المناطق، وعلى وزارة الدفاع والدولة أن تتوسع في عملية التجنيد بحيث لا يتركز الضغط على مكان واحد، فهذا عدوان على كل الوطن يريد أن يحتل أرضنا ويستعمرنا وتهديد لاستقلالنا وكرامتنا.
وشدد قائد الثورة على أهمية مساعدة عائلات الشهداء مادياً لتحقيق الاكتفاء الذاتي في بناء نفسها، وكذا الاهتمام بأسر الشهداء من الناحية المعنوية والتثقيفية.. وقال « يجب الإعانة بكل جهد واجتهاد وليس مؤسسات بعينها، الدولة والمؤسسات والمجتمع معني بالرعاية المادية والسعي لتمكين أسر الشهداء في وضعها المعيشي ومساعدتها».
كما شدد على أهمية أن تحظى أسر الشهداء بالاحترام والتقدير لعطائها وتضحياتها وكذا في ظل الذكرى السنوية للشهيد الاهتمام بالفعاليات والمناسبات والتقدير المجتمعي لهذا العطاء والأسر المضحية.
الذكرى السنوية للشهيد.. وتستمر القافلة والدم دافقا
تُفنى الأجساد وتبقى الذكرى ، وتواصل المسيرة السير نحو الهدف والغاية ، وذكرى الشهيد تملأ النفوس بالمشاعر والعزائم ، محطة تذكِّر بكل مضح في سبيل الله دفاعا عن الأرض والعرض والكرامة ، بكل شهيد روت دماؤه تراب هذا الوطن، وقُتل تاركاً في نفوس محبيه وأهله وأسرته وشعبه لوعة الفراق، وفخر البطولة.
الذكرى السنوية للشهيد .. ليست مرثيات فقد وحزن ، بل نهر يظل يتدفق لعطاء دون مقابل، وتضحية بالروح من أجل إعلاء كلمة الله ، سجل باذخ في الشرف وعامر بالبطولات ، نستذكر اليوم قصصاً نادرة من البطولات التي لا بد أن تعرف الأجيال عنها ، عن مآثر رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، ليرثها اللاحقون عقيدة لا تحيد ، وملاحم تروي بدماء أبطالها قصص الفداء ، وكأن هذه البلاد ولاَّدة الشهداء وحاضنة الشهادة منذ بداية التاريخ ، فقد كتبت أن تبقى اليمن مقبرة الغزاة الطغاة ، مروية بدماء طاهرة على مدى التاريخ.