د. جابر يحيى البواب
التقينا في جلسة حوار ساخنة بسخونة الآلام والجراح والحزن والأسى والأسف على رياضة الإباء والأجداد، رياضة الأصالة والأصلاء، أحاديث متشعبة وعبارات متحجرة في حناجرنا الماً على ما حدث لخيول الكلية الحربية من فناء وإهلاك وقتل بصواريخ التحالف المعتدي، اسطبلات متعددة وموزعة في خمسة هناجر عملاقة تحتضن الجزء الكبير من الخيول العربية الأصيلة والخيول اليمنية الشهيرة، أجهزت عليها الطائرات الحربية بالصواريخ والقنابل العنقودية، فشردت الخيول وشردت خيالها وأوقف قطار أنشطة الفروسية وأقفلت الميدان وأغلقت المضمار، لكن ذلك لن يدوم ولن يستمر طالما هناك عزيمة وإصرار ودماء تجري في عروق فرسان اليمن، فقد سمعنا عن عزم الكلية إقامة بطولة تكريما لشهدائها وشهداء الوطن في يوم الشهيد، لذلك من واجبنا الإشارة إلى شهداء جناح الكلية الحربية والترحم عليهم، حيث استشهد فارس المنتخب الوطني والكلية أحمد الحرازي والفارس علي القفيلي والفارس عبدالله صالح علوان وجرح 12 من الفرسان هم صالح مارش ونبيل علوان وعلي الظرافي وعلي مغربي والدكتور جمال عقلان وعلي عمار واثنان من الحراسة، ووليد عنبول وعبدالله المغربي ورزق علوان.
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، الخيل ثلاثة: فهي لرجل أجر، ولرجل ستر، ولرجل وزر، فأما التي هي له أجر: فالرجل يتخذها في سبيل الله ويعدها له، فلا تغيب شيئا في بطونها إلا كتب الله له أجرا، ولو رعاها في مرج، ما أكلت من شيء إلا كتب الله له بها أجرا، ولو سقاها من نهر، كان له بكل قطرة تغيبها في بطونها أجر، – حتى ذكر الأجر في أبوالها وأرواثها – ولو استنت شرفا أو شرفين، كتب له بكل خطوة تخطوها أجر، وأما الذي هي له ستر: فالرجل يتخذها تكرما وتجملا، ولا ينسى حق ظهورها، وبطونها في عسرها ويسرها، وأما الذي عليه وزر فالذي يتخذها أشرا وبطرا، وبذخا ورياء الناس، فذاك الذي هي عليه وزر)؛ ومن الأقوال المشهورة التي قيلت في الخيل، قول إبراهيم نصر الله “إذا ما الخيل ضيعها أناس حميناها فأشركت العيالا نقاسمها المعيشة كل يوم و نكسوها البراقع والجلالا”.
قبل أشهر من هذا العام كتبت موضوع في هذا العمود بعنوان “الزيارة الموجعة للخيول الجائعة”، كانت هذه الزيارة إلى نادي العاصمة للفروسية، وقد شاهدنا الحالة المأساوية التي وصلت إليها خيول النادي، نتيجة للجوع ونقص العناية البيطرية والفنية، في لقائنا الأخوي الذي جمعني بالأستاذ معاذ الخميسي والكابتن محمد القملي وعدد من محبي وعشاق رياضة الفروسية، تحدثنا عن ذلك ولكننا اعتبرنا جوعها ونقص العناية بها اقل إيلاما ووجعا من تشريدها وترحيلها من اسطبلاتها، وقرار إغلاق النادي المفاجئ الذي اتخذه مالك الأرض التي أنشئ عليها النادي منذ ما يقارب الخمسة والعشرين عاماً، قرار استرجاع الأرض وتقسيمها وبيعها، ترتب عليه إغلاق النادي وترحيل الخيول إلى رحلة بحث عن مأوى يحميها من صقيع البرد الشديد الذي تمر به اليمن، وتشريد عمال عاشوا سنوات عديدة يعملون في خدمة هذه الخيول ورعيتها وتأمين الغذاء لها، قرار لا اعلم كيف كان غائباً عن وزارة الشباب والرياضة طيلة الخمس والعشرين سنة، ولا اعلم لماذا لم يكن في استراتيجيتهم شراء هذه الأرض وتحويلها إلى نادي وحديقة ترفيهية يستفيد منها أبناء منطقة حزيز، التي لا يوجد بها متنفس ترفيهي أو رياضي.
هذه الأيام يمر نادي العاصمة بأصعب مراحل الصراع مع البقاء والاستمرار، أزمة يمر بها النادي تشكل مؤشرا قياسياً مؤكداً لتشريد وفناء جياد النادي التي استمرت لسنوات مضت وهي تقدم لرياضة الآباء والأجداد الكثير من الإنجازات، وتسعد العديد من الفرسان وتدخل البهجة إلى قلوب الأسر والعائلات المحبة والعاشقة لرياضة الآباء والأجداد، باعتبار أن النادي هو المساحة الرياضية والترفيهية المفتوحة أمام محبي رياضة الفروسية من المدنيين بدرجة الأولى ولجميع الفئات العمرية، كما أن بالنادي مركزاً لتدريب وتعليم البراعم والأشبال أصول ركوب الخيل الحديثة، وإعدادهم للمنافسات والمشاركة في البطولات المحلية والدولية، أيضا كان النادي ميدانا للبطولات المنظمة من قبل الاتحاد العام للفروسية ومسخرا بكل مرافقه وخيوله لهذه الفعاليات، بالمثل كانت الجهات الأخرى مثل الكلية الحربية وكلية الشرطة، لكن حديثنا اليوم عن النادي هو بهدف لفت الأنظار إليه ودفع صناع القرار إلى إيجاد مخرج لهذا النادي يحميه من الاندثار ويحتوي خيوله من التشرد، ومناشدتنا الأولى هي لقائد المسيرة السيد عبدالملك الحوثي ولفخامة الرئيس المشير مهدي المشاط ورئيس مجلس الوزراء، بتوفير مساحة من أراضي الدولة لتكون مقرا جديداً لنادي العاصمة للفروسية، وهي كذلك لوكيل أول وزارة الشباب والرياضة عبدالحكيم الضحياني الذي نحن على ثقة تامة بأنه على خطى شهيد المولد النبوي الشريف الأستاذ حسن محمد زيد “رحمه الله واسكنه فسيح جناته”، والذي كان قبل استشهاده يعمل على إيجاد الحل المناسب لإيواء خيول العاصمة ولو مؤقتا في أي مساحة من مساحات أراضي وزارة الشباب والرياضة بالأمانة.