بين يدي هيئة الزكاة ومع مشروعاتها
لطف لطف قشاشة
لم يكن مفاجئا لنا ولجميع من تابع فعاليات العرس الجماعي الذي رعته ونظمته ونفذته الهيئة العامة للزكاة صباح الأربعاء التاسع من ديسمبر للعام ألفين وعشرين ميلادية في ميدان السبعين بأمانة العاصمة صنعاء لأكثر من ثلاثة آلاف عريس وعروسة من مختلف محافظات الجمهورية اليمنية, ويمثلون جميع شرائح المجتمع, بل إن الكم الكبير والتنظيم الراقي الذي شاهدناه نعتبره بديهيا ولا عجب فيه كون الهيئة ورغم حداثة نشأتها قد قدمت للمجتمع الكثير من المشاريع العملاقة والمثمرة وهذا بفضل الله سبحانه وبفضل جهود وإخلاص القائمين عليها الذين نعرفهم في ميادين الإحسان والعطاء منذ عقود من الزمن, وكذلك بفضل الدعم والرعاية والمساندة التي تقدم للهيئة من القيادة الثورية ممثلة في السيد عبدالملك الحوثي وهو ما بان واضحا وجليا في كلمته المقتضبة في هذه المناسبة.
مثل النجاح الرائع لهذه الفعالية نقطة تحول جوهري في مسيرة الهيئة التي دأبت على تنفيذ مشاريعها وفق قواعد شرعية ملتزمة, هذه القواعد لولاها لما تحققت لها هذه النقلات وهذه النجاحات, كون ما حملته على كاهلها منذ الوهلة الأولى لانطلاقتها بجعل الزكاة الفريضة الشرعية والركن الإسلامي في مصارفها, ونحن نعلم أن من يدير هذه الهيئة كوكبة من فقهاء وعلماء الدين الحنيف فكانت هذه الإدارة حريصة على شمولية المصارف وفق الشرع ما عزز من نجاحاتها وأكسب المواطن اليمني الثقة بها بعد أن تباركت جهودها ومشاريعها بالتوفيق الإلهي من رب العزة سبحانه.
لا يختلف اثنان أن ركن الزكاة قد تم تغييبه نهائيا في فترات الأنظمة السابقة عن النظام الحالي, لأسباب عدة كان أهمها أن الإدارة كانت شيطانية وليست في وادي التطبيق النصي للأحكام الشرعية, وهذا لا يحتاج إلى تدليل بل إنها تعمدت في إدارتها على تغييب الشريعة نهائيا إلا من قشور, وانطلقت في استغلال موارد الزكاة للإثراء غير المشروع ولشراء الولاءات مثلما عملت في جانب الأوقاف كذلك, وبالتأكيد كان تعمدها في هذا يأتي من وحي الإملاءات الغربية عليها لتركيع المجتمع وإفقاره ليسهل بعدها السيطرة عليه وإذلاله ومسخه من هويته وانتمائه الإسلامي.
لن تدلل كثيرا على ما ذكرناه فمجال البحث فيه ليس هدفنا من هذه السطور إنما جعلناه مدخلا لما نبحث عنه, فاليمن قد تعرض للتدمير أرضا وإنسانا ما أوصلنا أن نكون في ذيل القائمة ومصاف الدول الفقيرة المنهارة, وزاد من معاناة الشعب العدوان الظالم الذي اعتبره محاولة لإرغام الشعب على الامتثال لتوجيهات المعتدي ليسهل مواصلة نهبه وإذلاله, لذلك نجد أن أهم ما يمكن لليمنيين القيام به في هذه المواجهة هو امتلاك قرارهم الاقتصادي, والشعب اليمني شعب مسلم بفطرته فعندما جاء التوجه نحو تفعيل ركن الزكاة من باب تفعيل التكافل الاجتماعي لمواجهة الحصار والتحويل انطلقت مع هذه الإدارة الروحية الإيمانية في تفعيل الزكاة, وبدأ الناس يلمسون أثرها ولو بشكل بسيط أصبح يتدرج وينمو للأعلى ويتوسع يوما بعد يوم بنجاحات مذهلة أكدتها الهجمات والاستهداف الممنهج الذي قادته وتقوده دول العدوان على هذه الهيئة, ما يعني أنها بالفعل أصبحت ذات أثر فاعل تحقق انتصارات في ميدان المواجهة مثلها مثل بقية الجبهات العسكرية والأمنية والسياسية, لذلك فمن اللازم أن تظل فاعلية الأداء عند هيئة الزكاة في تصاعد وان يستمر مع هذا التصاعد الدعم والمساندة اللامحدود من قبل القيادة الثورية والسياسية في البلاد مع ثبات وبقاء هذه الإدارة الشرعية في قيادة الهيئة, مع الأخذ بعين الاعتبار بضرورة منحها الاستقلالية بدون تدخلات معيقة لهذه الإدارة, فالنجاحات الهائلة رغم قصر الفترة منذ التأسيس دليل أننا نسير في الاتجاه الصحيح.
بقي في ختام هذه المقالة أن نطرح بعض النصائح للهيئة علها تساعد في تطوير وتوسع النجاحات- أولها: أن تحرص الهيئة على حسن اختيار الكوادر العاملة وتطور من قدراتها بالتأهيل المستمر والتزكية النفسية للموجودين حاليا أو من سيتم اختيارهم مستقبلا, كون العمل هنا شرعيا كالصلاة وسائر العبادات والفرائض, وثانيها: أن تستشعر دائما الهيئة أنها في عملية جهادية وجزء هام من أجزاء صد ومواجهة العدوان الغاشم لما في ذلك من أثر في تحقيق الانتصار الشامل بإذن الله, وثالثها: أن تبني توسعها الجغرافي ومشاريعها بالخطط المتأنية المدروسة وفقا لقواعد إدارة الأولويات وان تضع نصب أعينها حالة الفقر وانعدام المرتبات أولوية لسد الثغرة وتحسين الظروف المعيشية للمواطنين, ورابعها: أن تدعم مشاريع التمكين الاقتصادي وتبدأ في إقامة المشاريع الاستثمارية التي تعزز الاقتصاد المقاوم وأهمها وأجلها دعم الزراعة لما لها من أثر, وآخر هذه النصائح: أن تظل على نسقها بجعل شعار الزكاة في مصارفها هي المحرك لأي مشروع مستقبلي خاصة بعد أن لاحظنا إلى درجة كبيرة كيف أنها لا تميز في المصارف بسبب المناطق أو الطوائف أو خلافه وهو ما أكسبها ثقة القيادة والمزكين على حد واسع.