«المغرب» بعد السودان والبحرين والإمارات:تحالف العدوان على اليمن يعيد تعريف نفسه من خلال التطبيع مع إسرائيل
الخيانة واحدة والخونة ملتهم واحدة أيضا..لكن أهداف الخونة العرب ودوافعهم من وراء توقيع اتفاقات التطبيع مع الصهاينة بما تنطوي عليه تلك الاتفاقات من خيانة للأمة ولقضيتها المركزية فلسطين تختلف وتتعدد باختلاف مصالحهم ومراتبهم وقربهم وبعدهم من أمريكا وانبطاحهم لترمب ، وهي تلتقي في المحصلة عند هدف تلبية الإملاءات الأميركية الصهيونية ، وتتناغم مع مخطط تصفية القضية الفلسطينية عبر وضع أسس جديدة لعملية التسوية (بغض النظر عن الموقف المبدئي منها) لا تقترب من الحد الأدنى الذي قبله أنصارها، وهو التنازل عن 78% من فلسطين. أما في الحسابات الداخلية لرئيس حكومة العدو، بنيامين نتنياهو، فإن توقيت تظهير العلاقات مع أنظمة «التنازل» وتطويرها يعود حكماً إلى ما يخدمه في مواجهة القضاء والاستحقاق الانتخابي. لكن الأهم ما هو في حساب القضية الفلسطينية، إذ يعلن المبادرون العرب إلى تعزيز هذه العلاقات انضمامهم صراحة إلى مساعي تطويق الشعب الفلسطيني والضغط عليه للخضوع لإملاءات الولايات المتحدة.
الجديد في المسار الخياني الكاشف لحال الحكام العرب وتآمرهم وواقعهم المنحرف ، ما أعلنه ترمب يوم أمس الخميس من اتفاق بين المغرب وكيان الاحتلال الصهيوني على الاعتراف أو ما يسمى «التطبيع» ، والذي أتى رابعا بعدما تتالت الأنظمة الإماراتية والبحرينية والسوادنية بالسقوط في اتفاقات العار مع كيان الاحتلال التي تستهدف القضية الفلسطينية، وأعلن الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترامب أمس الخميس عن التحاق المغرب بركب التطبيع مع الكيان الغاصب ، وقال ترامب عبر «تويتر» إنّ المغرب و»اسرائيل» اتفقا على تطبيع العلاقات، وأضاف إنه «وقع إعلاناً يعترف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية».
وكالة «رويترز» نقلت بدورها عن مسؤول أميركي قوله إن المغرب وإسرائيل يتفقان على إقامة علاقات دبلوماسية كاملة في إطار اتفاق التطبيع» ، وفي 15 أيلول/ سبتمبر الماضي، وقعت الإمارات والبحرين في البيت الأبيض على اتفاق «التطبيع» مع «تل أبيب» في واشنطن، بحضور الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وفي فعالية رسمية في البيت الأبيض، كان على رأسها ترامب، ورئيس وزراء الاحتلال «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو، ووزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد، ووزير خارجية البحرين عبد اللطيف الزياني، وقّع نتنياهو وابن زايد والزياني على «اتفاق السلام» الذي أطلق عليه «الاتفاق الإبراهيمي».
وفي 23 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أعلن البيت الأبيض أن «إسرائيل» والسودان وافقا على تطبيع العلاقات، وتوقع حينها ترامب انضمام دول كثيرة خلال الأسابيع والأشهر المقبلة، مؤكداً أن السعودية «ستنضم الى الركب قريباً».
المغرب كالسودان والإمارات والبحرين ، شاركت في العدوان على اليمن وظلت تشارك بالطائرات والخبراء في القصف الجوي منذ مارس 2015 ، حيث شارك الطيران المغربي بعمليات قصف جوية استهدفت منازل وتجمعات ومدن في اليمن ، ونفذ مئات الغارات على اليمن ، وفي 12/مايو/2015 ، تمكنت الدفاعات الجوية من إسقاط مقاتلة أف-16 تابعة لسلاح الجو المغربي في محافظة صعدة خلال تنفيذها عمليات قصف في مدينة صعدة ، وعقب تنفيذ 4 غارات استهدفت أحياء قرب جامع الإمام الهادي عليه السلام ، وقد عثر على الطيار مقتولا بين ركام المقاتلة واسمه ليوتنان نور الدين بحتي، وفي وقت لاحق سلمت اليمن رسميا جثة الطيار إلى المغرب ، لكن الأخيرة واصلت مشاركتها في العدوان على اليمن.
اعتراف مقابل اعتراف..تبادل البلطجة
في وقت سابق كشفت القناة الـ 13 في التلفزيون الإسرائيلي معلومات حول مساعي نتنياهو لعقد الصفقة الثلاثية التي تضم المغرب وأمريكا وكيان الاحتلال اليهودي، وأشار إلى أن ثمن إعلان حاكم المغرب اعترافه بكيان الاحتلال الصهيوني يتمثل في الحصول على اعتراف أميركي بالسيادة على الصحراء الغربية ، وقد تضمن إعلان ترامب للتطبيع بين المغرب والكيان الصهيوني إشارة إلى أن «إقامة دولة مستقلة في الصحراء الغربية ليس خياراً واقعياً لحلّ الصراع»، وحثّ البيت الأبيض «أطراف الصراع في الصحراء الغربية على التباحث على أساس خطة المغرب للحكم الذاتي كإطار للتفاوض» ، وفي تغريدة ، قال ترامب «لقد اعترف المغرب بالولايات المتحدة عام 1777، فمن المناسب أن نعترف بسيادتهم على الصحراء الغربية».
وواضح أن حاكم المغرب محمد السادس وهو المتهم بعلاقات مبكرة مع الصهاينة بما في ذلك تقديمه لخدمات جاسوسية لصالح الصهاينة ، واحتفاظه بعلاقات وثيقة مع اليهود وتنفيذه لأجندات متعددة خدمة للكيان المحتل الغاصب ، قد حصل على الاعتراف الأمريكي بالسيادة على الصحراء الغربية التي يتنازعها مع جبهة تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب وهي جبهة قومية نضالية تدعمها جمهورية الجزائر.
وقد أشارت معلومات سابقة إلى أن مسؤولين صهاينة طلبا من أمريكا أن تقدم مساعدة للمغرب في قضية سياسية حساسة ومهمة للغاية ، وهي مسألة السيادة على الصحراء الغربية». واقترح المسؤولون اليهود على الإدارة الأميركية الدفع نحو صفقة ثلاثية يغيّر فيها البيت الأبيض سياسته ويعترف بسيادة المغرب على الصحراء، مقابل تشجيع إدارة ترامب الرباط على اتخاذ مسار دبلوماسي يؤدي إلى تطبيع العلاقات مع تل أبيب ، وهو ما حدث يوم أمس الخميس.
خيانة مبكرة
وفي وقت سابق كشف الرئيس الأسبق لجهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، شلومو غازيت، معطيات جديدة حول علاقة دول عربية بالاحتلال الاسرائيلي الغاصب في العقود الأولى لتأسيس الكيان الصهيوني ، إذ قال إن ملك المغرب السابق مكّنها من تسجيلات قمة عربية استضافها عام 1965، ممّا هيّأ لها سبل الانتصار في حرب 1967، وهو قول لم يستبعده المؤرخ المغربي، المعطي منجب ، وقال شلومو غازيت، في حوار نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت ، إن الملك المغربي السابق الحسن الثاني، الذي لم يكن يثق في قادة عدد من الدول العربية مكّن إسرائيل من الحصول على تسجيلات سرية لكل ما دار في القمة العربية بالمغرب عام 1965، ممّا أتاح للقيادة الإسرائيلية برئاسة رئيس الوزراء حيئنذ ليفي أشكول من الاطلاع على كل ما دار بين الزعماء العرب.
وكانت تلك القمة مهمة للغاية، إذ أتت سنتين قبل حرب يونيو/حزيران 1967، وشهدت حضور وزراء الدفاع العرب وقادة جيوشهم وأجهزتهم الأمنية، وجرى خلالها تقديم معلومات تفصيلية حول القدرات الدفاعية لكل دولة، وقد شهدت تلك القمة خلافًا بين ملك الأردن الحسين بن طلال والرئيس المصري جمال عبد الناصر، الأمر الذي جعل لإسرائيل تكتشف غياب إجماع بين العرب، حسب الحوار.
ونقل شلومو أن فريقًا من الاستخبارات الإسرائيلية زار المغرب قبل موعد القمة بتنسيق مع النظام المغربي، وتسّلم مباشرة بعد نهايتها كل التسجيلات لما دار في القمة، وقد شكّلت هذه العملية واحدة من «أكبر إنجازات الاستخبارات الإسرائيلية» وفق تصريحات رئيسها في تلك الفترة، إذ استعدت إسرائيل من خلال التسجبلات لحرب مرتقبة مع دول عربية، وتعرّفت على حقيقة قدراتهم، خاصة تلك التي تخصّ الجيش المصري، يقول شلومو.
وفي تعليق على ما جاء على لسان المسؤول الأمني الإسرائيلي، قال المؤرخ المغربي، المعطي منجب، إن «المغرب كانت لديها علاقات قوية مع إسرائيل في الستينيات»، وإن وثائق رُفعت عنها السرية اعتمد عليها المتحدث في أبحاثه أشارت إلى «لقاء السفير المغربي في واشنطن برئيس الولايات المتحدة عام 1964، مطالبًا إيّاه بدعم للمغرب في مواجهة جمال عبد الناصر بسبب خلاف بين الطرفين».وتابع منجب في تصريحات لـCNNبالعربية: «هذه الوثائق تثبت أن ما قاله شلومو غير مستبعد، فإسرائيل ساهمت كذلك في متابعة رموز المعارضة المغربية بالخارج، وقد اعترف ليفي أشكول أن بلاده قدمت مساعدة تقنية لتحديد مكان المعارض المغربي المهدي بن بركة عام 1965، زيادة على اعترافات من شخصيات مغربية بوجود عملاء استخباراتيين أمريكيين في المغرب خلال تلك الفترة».
وأضاف منجب: «المعارضة المغربية كانت قوية للغاية في تلك الفترة ووصلت حتى الجيش، لذلك بحث النظام المغربي عن دعم إسرائيلي لتجاوز ما يمكن أن يهدده، وهو ما قد يفسر تسجيله لجلسات القمة العربية عام 1965»، مردفًا أنه «رغم إرسال المغرب لمجموعة من جيشه لأجل المشاركة في حرب 1973، إلّا أن ذلك كان موقفًا وطنيا لا ينفي تعاون النظام في تلك المرحلة مع إسرائيل، كما وقع في أكثر من بلد عربي آخر».
الديكتاتور الخائن
محمد السادس وهو حاكم ينصب نفسه على المغرب كديكتاتور يحكم شعبه بالوراثة يرتبط بعلاقات واسعة مع اليهودي ، وينشط في ما يسميه إحياء التاريخ اليهودي ، ففي 2010 أعطى محمد السادس انطلاقة برنامج لإصلاح مئات المعابد اليهودية والمقابر المنتشرة في أنحاء المغرب، منذ ذلك الحين أنفقت المغرب ملايين الدولارات لإصلاح قرابة مئتين من هذه المواقع ، وفِي عام 2011 تم التنصيص على اليهودية في الدستور الجديد كمكون أساسي من مكونات الهوية المغربية، جاء ذلك بناء على قرار الملك .
لقد انخرط محمد السادس وملوك مغربيون سبقوه في علاقات ودية مع اليهود الصهاينة ، قبل أن ينتهي به الحال إلى الاعتراف المعلن والمفضوح بشرعية الاحتلال الصهيوني لفلسطين والإقرار بوجوده ، وهو متوقع من ملك يتعامل مع شعبه بفرعونية القرون القديمة.